من وراء إشعال العالم والشرق الأوسط بالصراعات والفوضى والحروب، وما أهداف ذلك، ومن يمسك «بريموت» التأجيج والإشعال وصناعة الصراعات الدامية، ومن ينسج المؤامرات، هل نحن على مشارف الحرب الشاملة، وعلى مقربة من الحرب العالمية الثالثة، وما أسرار معاناة هذا العالم الذى يواجه المصير الصعب، والكوارث والأزمات المتلاحقة من جوائح، وحروب، وصراعات، وفوضى وإرهاب، وتغير مناخي، ينذر بكوارث ويحصد الآن الأرواح، وقد ألحق خسائر اقتصادية وبشرية جسيمة، ويحمل الدول فواتير باهظة جراء انقلاب حاد فى الطبيعة، وهو ما يزيد الطين بلة ويفاقم معاناة الدول والشعوب، وأصبح حال هذا العالم، يلاقيها منين ولا منين، وكأن البشر أعداء أنفسهم، يتقاتلون ويتصارعون، ويتآمرون على بعضهم البعض، فمن الحرب الروسية ــ الأوكرانية والمواجهة المستمرة بين المعسكرين أمريكا والغرب من ناحية، وروسيا وحلفائها من ناحية أخرى وأبرزهم الصين المستهدف الأول مع روسيا من إشعال الأوضاع فى العالم من أجل تعطيل صعود التنين الصينى وعرقلة القوة الروسية البازغة بواسطة الاستهداف الممنهج والمخطط، من واشنطن وحلفائها فى إطار صراع محموم، على قيادة النظام العالمي، فالمعسكر الأمريكى الغربى يسعى للاستمرار والإبقاء على النظام العالمى القديم والحالي، ومنع بزوغ النظام العالمى الجديد الذى تدعو إليه روسيا والصين، وتخوضان حرباً شرسة من أجل ذلك، فى ظل محاولات المعسكر الآخر لإشعال العالم والشرق الأوسط، وصناعة المؤامرات والفوضي، ودعم الإرهاب، وإحداث الفتن، والوقيعة بين الشعوب، والتحريض على الاقتتال الأهلى بين أبناء الشعب الواحد بغية سرقة وسلب ثرواتهم ومواردهم وتفكيك دولهم، بالتضليل والخداع وتصدير أوهام الحرية والديمقراطية.
السؤال المهم، من يجنى ثمار إشعال العالم، ومن المستفيد؟ وما سر إصرار قوى الشر على تأجيج الصراعات فى العالم، وما الذى ينتظره الشرق الأوسط من مصير فى ظل استمرار العدوان الإسرائيلى الوحشى والفاشى على قطاع غزة، وحرب الإبادة التى تشنها على الشعب الفلسطيني، وما ترتب على تداعيات العدوان من اتساع رقعة الصراع، وفتح جبهات جديدة مع إيران، ولبنان، واليمن، والعراق، واقتراب نذر الحرب الشاملة فى الإقليم.
السؤال المهم أيضاً من يتحمل فواتير هذه الصراعات والترترات والحروب والمؤامرات، ومن يسدد هذه الفواتير، وهنا أقصد الجوانب والتداعيات والخسائر الاقتصادية والمعاناة التى تلقاها الدول النامية والشعوب الفقيرة، وتتحملها الدول والاقتصادات الناشئة، وتعطيل مسيرتها وتحركاتها نحو البناء والتنمية والتقدم، فالعالم مثل الجسد الواحد، يتأثر بالألم والمعاناة إذا أصيبت دولة بصراعات وفوضي، أو حرب بين مجموعة دول، وأول ما يتأثر بشدة هو الاقتصاد، ومستوى حياة الشعوب فى ظل تفاقم أزمات ارتفاع الأسعار ومعدلات التضخم بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، وزيادة المخاطر فى التأمين ضد المخاطر، واضطرابات فى سلاسل الإمداد والتوريد، بالإضافة إلى خسائر اقتصادية فادحة بسبب التغير المناخى على مستوى الزراعة والمحاصيل، بسبب الأجواء الحارة، وارتفاع معدلات استهلاك الطاقة، وحدوث أزمات مستجدة ومفاجئة أثرت على موازنات الدول.
السؤال لا يجد إجابة، فى ظل متاهات الصراعات والأزمات، لا تجد من يتحمل هذه الفواتير الباهظة حتى القوى الاقتصادية الكبري، لا تلتفت إلى هذه الخسائر التى تتكبدها الدول النامية أو التى ليست طرفاً فى الصراعات، بالإضافة إلى تعسف جهات التمويل الدولية فى تلبية احتياجات الدول من تمويل التنمية والأهداف الاقتصادية للدول.
مصر تحملت فواتير باهظة من تداعيات الأزمات والصراعات والتوترات والاضطرابات خاصة على الصعيد الاقتصادي، وربما مصر هى الأكثر تضرراً من آثار وظلال الأزمات والصراعات الدولية والإقليمية، فلابد أن ندرك أن حماية الأمن القومي، والاستقرار فى البلاد وسلامة الحدود والأرض لها ثمن وفواتير فى ظل ما يحيط مصر من كافة الاتجاهات الإستراتيجية، فالوضع ليس طبيعياً واعتيادياً، وهو ما يستلزم رفع مستوى الاستعداد واليقظة والجاهزية ولها متطلباتها وتكاليفها خاصة إذا كانت الصراعات والأزمات فى دول الجوار، وغياب الدولة الوطنية ومؤسساتها المنوطة بحماية الحدود من جانبها أو وجود اقتتال أهلى فى دولة جوار أخري، كل ذلك له تكلفته.
مصر.. دفعت ثمناً باهظاً من فوضى ومؤامرة الربيع العربي، وصل إلى 450 مليار دولار وانفقت على حربها ضد الإرهاب وصلت تقريباً إلى 100 مليار جنيه، بالإضافة إلى أكثر من 3 آلاف شهيد، و12 ألف مصاب.
ومع ظهور جائحة «كورونا»، ارتفعت أسعار الطاقة والبترول، بأعلى من الميزانيات الموضوعة فى موازنات الدولة، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية والإستراتيجية التى تحصل عليها عبر الاستيراد بأسعار مضاعفة فى ظل الإغلاق والعزلة الدولية، وارتباك واضطراب سلاسل الإمداد والتوريد، وأضافت أعباء ثقيلة على موازنة الدولة، خاصة على الصعيد الطبي، والاقتصادي، وخرجت منها مصر بسلام ونجاح بسبب الإدارة الذكية لتداعيات الجائحة.
جاءت الحرب الروسية ــ الأوكرانية لتلقى بآثارها الكارثية القاسية وتزيد فى وقت متزامن ثم متلاحق، معاناة الدول والشعوب على الصعيد الاقتصادي، وتفاقم من حجم التداعيات الاقتصادية الصعبة من ارتفاع فى أسعار الطاقة، والسلع الأساسية والركود الاقتصادى العالمي، وارتفاع معدلات التضخم، وهروب الأموال الساخنة بسبب قرارات «الفيدرالى الأمريكي» برفع الفائدة بشكل متوالي.
اشتعال الشرق الأوسط، بالحرائق والصراعات، وما يخيم عليه من نذر حرب إقليمية شاملة بسبب استمرار إسرائيل فى عدوانها على قطاع غزة، والإصرار على التصعيد، وهو ما أحدث توتراً فى البحر الأحمر، أدى إلى تراجع عوائد قناة السويس لـ 500 إلى 550 مليون دولار شهرياً، خاصة أنه كان من المتوقع فى حالة الاستقرار الإقليمى أن موارد وعوائد القناة قد تزيد على 11 مليار دولار سنوياً، ناهيك عن تحمل مصر لـ 80 ٪ من حجم المساعدات الإنسانية للأشقاء فى قطاع غزة، ثم تداعيات اقتصادية صعبة جراء الصراعات الإقليمية براً وبحراً وفى الجوار، من كافة الاتجاهات استلزمت عملية احتراز وتحوط لمواجهات وردع أى تهديدات محتملة قد تفرض عليها، والاطمئنان على المخزون الإستراتيجى من كل شيء، فالدول والحفاظ عليها لا تترك للصدفة، ناهيك عن الحصار الاقتصادى لمصر، وتصدير وصناعة الأزمات الاقتصادية العالمية وآثارها، والمدعومة بحملات تضليل وأكاذيب وشائعات وتشكيك.. فالدولة المصرية تحارب على كافة الجبهات فى الخارج والداخل، تعمل على حماية حدودها وأرضها وأمنها القومى من كافة الاتجاهات، وتواجه الأزمات الاقتصادية جراء الصراعات، بالعمل والإنتاج، والفرص الغزيرة، وجذب الاستثمارات، وتحويل الموارد إلى قيمة مضافة، والاستثمار فى الموقع الجغرافي، وتوطين الصناعة، ومواصلة الإنجازات فى الزراعة، من أجل الحفاظ على معدلات التقدم وضمان حماية وأمن واستقرار مصر.
تحيا مصر