تواجه البشرية تحديات عديدة أهمها توفير المواد الأساسية لصناعة البوليمرات أحد أهم عائلات مواد البتروكيماويات والتى هى أساس حياة البشر حالياً حيث تلبى أكثر من 80٪ من مطالب الإنسان من المواد البلاستيكية والمطاطية والألياف والبويات والمواد اللاصقة بينما تلبى المصادر الطبيعية حوالى 20٪ فقط نرى أن مادتى الايثان والايثلين هما أساس تصنيع معظم بوليمرات البتروكيماويات.
اعتمد العلماء منذ عام 1930 على البترول الخام للحصول على الايثان والايثلين من خلال معامل التكرير ثم النافتا كمادة أساسية ومع توسع إنتاج الغاز الطبيعى منذ سبعينيات القرن الماضى تم الاعتماد على فصل الايثان من الغاز ثم تحويله كيميائياً إلى الايثلين ومع انتشار مصانع إنتاج البوليمرات الصناعية كمواد أساسية وضرورية لتلبية مطالب البشر فى كل دول العالم من الملبس ووسائل النقل والمواصلات والأجهزة الهندسية والكهربائية ومواد العزل والبناء والتشييد والمأكل والتعبئة والتغليف…. إلخ.. تم زيادة استهلاك مصر والعالم من مادتى الايثان والايثلين.
ونرى تواجد عدة شركات محلية متخصصة فى صناعات البوليمرات اعتماداً على الايثان والايثلين كمادة أساسية مثل شركة البتروكيماويات المصرية لإنتاج 80 ألف طن pvc وشركة سيدى كرير للبتروكيماويات «سيدبك» لإنتاج 225 ألف طن ايثلين من الايثان الذى يتم فصله من الغاز الطبيعى فى مجمع الغازات الطبيعية التابع لشركة جاسكو فى الصحراء الغربية وإنتاج 225 ألف طن بولى ايثلين وإمداد الشركة المصرية للبتروكيماويات إجمالى مطالبها من الايثلين بدلاً من استيراده، وشركة إيثدكو بجوار شركة سيدبك لإنتاج 450 ألف طن ايثلين وبولى ايثلين.
يتواجد فى بورسعيد شركة كبرى لإنتاج 400 ألف طن pvc سنوياً التى تحتاج إلى كميات كبيرة من الايثلين.. ولقد أوضحنا فى مقالة سابقة بتاريخ 3/7/2021 أنه بسبب الانخفاض التدريجى فى الطاقة الإنتاجية للغاز على مستوى العالم وداخل مصر سيحدث انخفاض تدريجى فى كميات الايثان التى يتم الحصول عليها من الغاز الطبيعي.. مما سيؤدى إلى حدوث مشكلة فى تدبير مطالب المصانع المصرية من مادة الايثان والايثلين وبالتالى زيادة استيرادنا للايثان أو الايثلين أو mcv من الخارج مما يؤدى إلى تقليل القيمة المضافة المحققة من صناعات البتروكيماويات محلياً وزيادة الضغط على العملات الأجنبية المطلوبة لاستيراد هاتين المادتين.
وبالفعل حدث انخفاض فى الطاقة الإنتاجية للغاز الطبيعى بمصر من 7.6 مليار قدم مكعب يومياً عام 2022 إلى 5.1 مليار قدم مكعب فقط خلال يوليو عام 2024 وبانخفاض قدره 35٪ على التوازي.
شهد المهندس كريم بدوى وزير البترول والثروة المعدنية والفريق مهاب مميش بمقر وزارة البترول بمدينة العلمين يوم 1/8/2024 مراسم توقيع اتفاقية المساهمين لتأسيس شركة الإسكندرية لسلاسل الإمداد والتى تهدف إلى إقامة محطة تسهيلات بحرية دائمة بميناء الدخيلة بالإسكندرية لتأمين الاحتياجات الحالية والمستقبلية لشركات البتروكيماويات من خلال استيراد غاز الايثان المسال بكميات تداول 1.1 مليون طن سنوياً.
وهنا نرى أهمية التركيز حالياً ومستقبلياً على زيادة طاقة مشروع الغازات الطبيعية التابع لشركة جاسكو فى الصحراء الغربية لفصل الايثان من الغاز الطبيعى والذى يمثل حوالى 3٪ فقط من إجمالى مكونات الغاز الطبيعى المستخرج محلياً وبالتالى يتم إعادة باقى الغاز مرة أخرى إلى الشبكة القومية للغاز.
نرى أيضاً أهمية التفكير جدياً فى البحث عن وسائل كيميائية وتكنولوجية بديلة للحصول على الايثان والايثلين ونرى أن الأمل الوحيد هو استخدام الايثانول كمصدر رئيسى بالإضافة إلى الغاز والبترول للحصول على الايثان والايثلين ويمكننا فى مصر استخدام المخلفات الزراعية لإنتاج الايثانول بدلاً من حرقها وكذلك إنشاء مصانع لإنتاج الايثانول من المولاس الناتج من تصنيع السكر من البنجر ولدينا عشرة مصانع لسكر البنجر تنتج كميات كبيرة من المولاس الذى يتم تصديره ثم إعادة استيراد الايثان مرة أخرى بأسعار متضاعفة.
لابد من تضافر الجهود لزيادة الطاقة الإنتاجية للايثان ثم الايثلين محلياً كبديل لاستيراد 1.1 مليون طن ايثان مسال سنوياً كوسيلة لزيادة القيمة المضافة من التصنيع المحلى وإيجاد فرص عمل جديدة ومستمرة للشباب وتقليل الضغط على العملات الأجنبية.