زمان فى أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينيات كان القطاع العام يمد الشعب والدولة بجميع الاحتياجات.
فى هذه الأوقات كانت المصانع تنتج بكثافة لتوفر للمواطنين احتياجاتهم من الكساء والغذاء والمعدات والأجهزة بصرف النظر عن الجودة فجميع ما يطرح فى السوق يتم استهلاكه ولا يستورد إلا القليل ويمكن القول إن القطاع العام تكفل فى هذا التوقيت بالكثير مما فرضته عليه ظروف تعبئة الدولة للحرب.
نأتى إلى أهم جانب فى تشغيل القطاع العام وهى المصانع المكتظة بالعمالة مثلاً مصنع مثل الحديد والصلب كان يضم حوالى 25 ألفاً من العمالة غالبيتها عمالة إدارية غير منتجة فرضها نظام التعيين من خلال القوى العاملة وليس على أساس الخبرة أو التدريب وكان المصنع يمكن ان يعمل بأقل من نصف هذه العمالة وهكذا كانت باقى المصانع نسخة بالكربون كثيفة العمالة غير المدربة ويقاس حجم الشركة بعدد عمالها وحجم إنتاجها وكانت غالبية ميزانيات المصانع بلا أرباح أو خاسرة.
وكانت القيادات فى الجمعيات العمومية والتى تمكنت من حضور غالبيتها فى هذا الوقت يتنافسون على اقامة مصانع جديدة داخل مصانعهم أو خارجها مما اطلق عليه مصانع مشتركة بعضها اغلق مثل مصنع البطاريات الجافة والسائلة وغيرها واستدانت الشركات ودخلت فى مصانع جديدة غير مدروسة ليدخل القطاع العام فى نفق مظلم.. لا شركة النصر للسيارات قدرت تصنع عربية مصرية مائة فى المائة ولا تمكنت الصناعات ذات الميزة النسبية مثل الغزل والنسيج من التطور والنهوض وعانت مثل الآخرين من زيادة العمالة وكثرة المخزون وعدم الجودة لدرجة ان جميع هذه المصانع كانت مطروحة للخصخصة.
تنبهت الحكومة إلى مخاطر الخصخصة بعد ان شاب بعض الصفقات شبهات وتم تعديل قانون قطاع الاعمال ليتبنى مزيد من الحوكمة وخاصة فى تشكيل مجالس الإدارة ليعطى للخبرات مزيد من السلطات لاتخاذ القرارات التصويبية اللازمة للنهوض بالمصانع والسماح بمساهمة القطاع الخاص فى الاستثمارات الجديدة أو بالإدارة فى المشروعات القديمة ودخل القطاع العام فى مجالات جديدة مثل إنتاج الطاقة من الرياح أو الطاقة الشمسية والايدروجين الاخضر والاسمدة الخضراء.
أصبحت صناعة المنسوجات مرشحة للدخول إلى العالمية بفضل الحوكمة التى تم تنفيذها بالمصانع خلال السنوات الأخيرة والبعد عن الترهل فى الإدارة والاخذ بأساليب العلم فى الإدارة والإنتاج.
بدأ الاقتصاد المصرى يستعد لانطلاقة جديدة فى كافة قطاعاته بعد ان ودع الأساليب القديمة فى الإنتاج والإدارة بشرط ان يعتمد منذ الآن على موارد حقبقية من انتاجه دون اللجوء إلى الاستثمار غير المباشر بالبورصة أو الاقتراض قصير الأجل أو الطويل خوفاً من تحمل أعباء الدين الجديدة.
ان ثروات مصر الدفينة بدأت تعلن عن نفسها فى مناجم الذهب وآبار الغاز والبترول المكتشف حديثاً مع اقامة مزيد من المشروعات الجديدة خاصة فى مشروعات الطاقة الخضراء والاسمدة الخضراء وغيرها من المشروعات صديقة البيئة وغيرها من المشروعات الجديدة.