مكالمة من صديقة عزيزة تخبرنى بأن افتتاح مهرجان المسرح موجود على قناة الحياة، فورا احضرت القناة لأجد الحدث المهم الذى كان من المفترض الإعلان عنه من قبل، ولمدة تزيد عن الثلاث ساعات، سعدت أنا وغيري، من عرفوا هذا، بافتتاح رائع للدورة رقم 17 لهذا المهرجان الاهم للمسرح المصري، وقد وقف وزير الثقافة الجديد د.أحمد هنو، ومعه رئيس المهرجان، الفنان محمد رياض، فى استقبال كل ما يخص هذا الحدث، وتكريم المكرمين، عددهم عشرة، ثمانية رجال وسيدتان هما الدكتورة نجوى عانوس استاذة النقد المسرحى وصاحبة الثلاثين كتابا عن المسرح، والثانية هى الممثلة المبدعة سلوى محمد على التى انطلقت بلا خوف من السلوك الكلاسيكى للمكرمين لتقدم لنا أطروحة، أو مرثية، عن المسرح المستقل فى مصر، وفرقه التى ذهبت الى كل مكان لتقدم الفن للبعيدين عن العاصمة، ثم توقف كل شيء، وتطالب بعودة المسرح المستقل وفرقه، أما المكرمون، أو رجال التكريم فلعل وجود اسم الكاتب أحمد الابيارى بينهم كان يعنى الكثير لفريق المهرجان الذى يحتفى بكل أزمنة الابداع، فالابيارى سليل عائلة مبدعة منذ بدايات المسرح والسينما فى مصر ، والممثلون احمد بدير وأسامة عباس، واحمد آدم، وحسن العدل، والمخرجون عبد الله سعد، وعزت زين وعاطف عوض، وكنت اتمنى ان نرى عن بعد بعض ندوات المهرجان سواء التى تناقش ما يخص مسابقاته عن المقال النقدي، والتأليف المسرحي، والدراسة النظرية وندواته عن المرأة الراوية، والمرأة المخرجة، والمرأة والأداء الجسدى الراقص، وايضاً الماستر سين الخاص بالفنان محمد صبحي، وبالطبع ندوات الكتب عن المكرمين.
السيدة التى التهمت المسرح
(هذه السيدة عندما دخلت المسرح التهمته) هكذا كتب ناقد فرنسى عن سميحة أيوب بعد مشاهدته لها على خشبة المسرح الفرنسى فى مسرحية (الكترا) فى رحلة للمسرح القومى إلى باريس أذهلت عشاق المسرح الفرنسيين وخاصة أدائها، وحيث استمر العرض لثلاثة شهور، ودورة المهرجان هذا العام هى دورة سميحة ايوب، اما الكتاب عنهابقلم الكاتب الأمير أباظة فيقدم لنا ما لم نعرفه عن هذه الفنانة والمبدعة الكبيرة، والملقبة بسيدة المسرح العربى والتى بدأت علاقتها بهذا الفن طفلة ابنه اربعة عشر عاما حين ذهبت مع صديقة لها إلى اختبار لمعهد التمثيل الجديد، واثناء انتظار صديقتها، سألها ذكى طليمات (كان عميد المعهد وقتها) ان كانت تريد الاختبار ولو نجحت سوف يعتبرها من المسموح لهم بالحضور، أى مستمعة فوافقت، وبعد فترة طلب منها أداء مشهد مثل الطلبة الأخرين، واعجبه أداؤها، فذهب لوزير المعارف ليطلب منه استثناءها، لتحصل على الجنيهات الستة المخصصة للطلبة المنتظمين، وبدأ اهتمامها كله يذهب للمعهد، ولكن، عرفت اسرتها فرفضت بشدة ان تعمل ممثلة، وتركت (شبرا) وبيتها إلى بيت خالها، الوحيد الذى ساندها بعد رفض العائلة، وانهت سنوات الدراسة بالمعهد، لتبدأ رحلتها إلى عالم صنعها، وصنعته، وقدمت فيه الكثير.
السيدمدد.. مدد .. شدى حيلك يا بلد
منذ عامين، رأينا سميحة ايوب فى مسلسل (الطاووس ) فى دور صغير ،ولكنه لا ينسى ،قدمت فيه خلاصة الرحلة وهو دور الجارة التى تعيش وحيدة ولكن الكل يستفيد من خبرتها ودعمها ،ومنهم المحامى جارها وفتاة بلا مأوى كان يدافع عنها، يذكر الكتاب انها قدمت 450 عملا فنيا بين المسرح والسينما والدراما ،لا ينسى ايضا (سمارة) أول مسلسل إذاعى قدمته بعد ان اعجب (باباشارو) رئيس الاذاعة بصوتها فقدمها فى أوبريت بعنوان (عذراء الربيع) وبعده جاء سمارة ليجذب المستمعين لشخصية جديدة عليهم بعد شخصية زوزو نبيل فى (الف ليلة وليلة)، وبعدها انطلقت فى حب المسرح وعملت كثيرا، وتولت رئاسة المسرح الحديث بعرض من يوسف السباعى وزير الثقافة عام 1972، وبعد أيام فتحت الراديو لتسمع مع العالم كله بيان العبور (بيان من القوات المسلحة بعبور قواتنا وتحطيم خط بارليف) فصاحت فى العاملين معها قائلة (بكرة، جميعا عبور لكل الممثلين) واضافت (زى مافيه ناس ع الجبهة عايزين نعمل جبهة هنا) وبدأت فوراً اجتماعات لتقديم فن يلائم ما يحدث على الجبهة، وبالفعل ،قدم المسرح الحديث مسرحية أخرجها عبد الغفار عودة وانشد فيها محمد نوح أنشودته الخالدة (مدد مدد.. شدى حيلك يا بلد) واصبح المسرح الحديث منارة فنية ثائرة ومتألقة، وهو ما جعل وزير الثقافة نفسه -يوسف السباعى – يعرض عليها الانتقال للمسرح القومى لرئاسته والنهوض به.
عملت فى السينما لأصرف على المسرح
فى حياتها ما يكفى لتقديم قصص عدة افلام، لكنها كانت لا تفضل السينما، بل المسرح، تسعين عملا مسرحيا قدمتها، غير بعض المسرحيات فى المهرجانات خارج مصر، فى أوروبا، وباريس تحديدا، والعالم العربي، وخاصة مهرجان دمشق، الذى احتفى بها وبفريق المسرح القومي، وقابلها الرئيس حافظ الأسد ليكرمها ويطلق عليها لقب (سيدة المسرح العربي) مؤكدا انه سيسعد السوريين الذى يحبونها، اما السينما فبرغم انها عرفتها مبكرا حين عملت فى فيلم (المتشردة) عام 1947، إلا انها قدمت ٤٤ فيلما فقط فى كامل مشوارها الكبير، ولها جملة شهيرة هنا هى (عملت فى السينما لأصرف على المسرح )، ولأن الدراما التليفزيونية كانت الفن المرئى الأخير فى هذه الفنون ، فقد اجتذبتها مع غيرهامن فنانى المسرح والإذاعة، وبعد فترة اجتذبت فنانى السينما فقط ، لتقدم فيها 110 مسلسلات بينها سهرات درامية، ولتضيف إلى جمهورها المحب للمسرح جمهور آخر. يبحث عن الفن من خلال جهاز التليفزيون فى البيت انها ملحمة مليئة بالجهد والاجتهاد فى محبة العمل الذى تمنته وشغفت به فأعطته عمرها.