لقد فرضت بعض الكليات نفسها لعقود على أنها كليات القمة، ومع ما لهذه الكليات من مكانة وتقدير حقيقى ولدى الشعور واللاشعور الجمعى فإن ثمة متغيرات كثيرة طرأت على التطور الحياتى والاقتصادى والعلمى والتكنولوجى أسهمت بقوة فى تعديل هذا المسار، وصارت بعض التخصصات الحديثة مزاحمة بل إن بعضها صار متقدمًا على ما كان يُعرف بكليات القمة.
بداية نقرر ونبين أن كلية القمة هى التى يختارها الطالب وفق قدراته، ويمكن أن يكون يومًا ما على قمتها طالبًا أو أستاذًا بها أو عميدًا لها، أو عالمًا أو مفكرًا يشار إليه بالبنان فى مجال اختصاصه العلمى أو المهني.
وهنا ونحن أمام اختيار الطلاب والطالبات للكليات أو المعاهد التى يريدون الالتحاق بها أقدم بعض النصائح التى تكونت لدينا ناتج الخبرة الطويلة فى مجال التعلم والتعليم.
أولاً: نصيحتى للطلاب، عليك أن تختار الكلية التى تحبها ويمكن لك أن تتفوق فيها، فالعبرة بالتفوق لا بمجرد اسم الكلية التى تختارها، فسوق العمل لا يعترف بغير التفوق والتميز والمهارة، ولن تحقق ذلك إلا إذا كنت محبا لما أنت مقدم عليه.. وإياكم واليأس أو الإحباط أو القنوط إن فاتتك كلية كنت تجعلها أو تجعلينها خيارًا أولاً فلم يساعدكم المجموع على الالتحاق بها، فقد يكون الخير كل الخير لك فى كلية أخرى أو مسار آخر، فسنة الله فى الكون التنوع، وعلى مر التاريخ رأينا ونرى نوابغ فتح الله لهم أبوابًا واسعة فى كل المجالات والعلوم فكم من خريج من غير ما يعرف عرفا بكليات القمة فُتحت له أبواب المجد أو الشهرة أو المال بما لم يُتح لكثيرين من خريجى الكليات التى يعدها كثير من الناس فاتحة الباب لذلك كله.. فكلية القمة لأى دراس هى التى يمكن له أن يكون هو على قمتها طالبًا الآن وأستاذًا بها أو عميدا لها غدًا مع تميزه ونبوغه فى العلم الذى يدرسه ويتخصص فيه.. وما دمت قد أخذت بالأسباب واجتهدت وبذلت وسعك فثق أن اختيار الله لك وما قدره سبحانه وتعالى لك خير من اختيارك لنفسك، فواصل مسيرة اجتهادك فى طريقك الجامعي، وستحصد ثمار اجتهادك وتفوقك حيث كان المجال الذى تدرس فيه ولا سيما إذا كنت تحبه وقد اخترته عن رغبة وقناعة.
ثانيًا: أقول للسادة الأفاضل أولياء الأمور: دعوا أبناءكم وبناتكم يختارون ما يحبون واتركوا لهم مساحة واسعة للاختيار وثقوا فيهم وفى قدرتهم على الاختيار والتمييز، دوركم أن تشرحوا وأن تبينوا لهم وتقدموا لهم النصح والمشورة، لا أن تفرضوا عليهم مسارًا معينًا.
رابعًا: أقول للطلاب وأولياء أمورهم معًا: لا ينبغى السير وفق ترتيب المجموع وحده دون النظر إلى قدرات الطالب ورغباته، بحيث إذا لم يدرك مجموعه كلية ما انتقل تلقائيًا إلى التى تليها فى سلم المجموع لمجرد أنها أعلى مجموعاً دون النظر إلى حاجة سوق العمل وقدرة الطالب على السير فى هذه الكلية أو تلك بتفوق بل بنبوغ وتميز فيما سيدرسه ويتخصص فيه ويقضى فيه أو معه بقية حياته، مع الأخذ فى الاعتبار مستجدات العلوم العصرية المتصلة بمجالات الرقمنة والحوسبة وتكنولوجيا المعلومات ومجالات التكنولوجيا وعلوم الطاقة.