فى خطوة غير متوقعة، قتل إسماعيل هنية، زعيم حماس، فى طهران يوم 31 يوليو، وهو حادث من شأنه أن يعيد تشكيل مستقبل الحركة التى شهدت تحولات كبيرة فى السنوات الأخيرة. اغتيال هنية، الذى لم يكن له منافس حقيقى فى الانتخابات التى جرت فى عام 2022، يعد مؤشراً على نقطة تحول حاسمة قد تؤدى إلى تغيرات جذرية فى طبيعة حماس ودورها على الساحة الفلسطينية.
فى الأشهر التى تلت الهجوم الكبير الذى شنته حماس على إسرائيل فى 7 أكتوبر، بدا أن دور هنية تحول من قائد فعال إلى مجرد «منسق» بين مختلف الأجنحة داخل حماس. فبينما كانت قيادة حماس فى غزة تركز على إدارة الصراع العسكرى، تولى هنية، من موقعه فى قطر، مهمة نقل الرسائل من وإلى الأطراف المختلفة. ووسط تزايد الضغوط، كانت كتائب القسام، الجناح العسكرى لحماس بقيادة يحيى السنوار، هى من تتخذ القرارات الرئيسية حول استراتيجيات الحرب.
مع اغتيال هنية، تزداد قبضة السنوار على حماس، وهو ما يثير القلق بين بعض فصائلها. هناك من يرون أن القرار بشن الهجوم فى أكتوبر كان كارثياً، حيث انه أدى إلى تدمير كبير فى غزة وأضر بمساعى بناء الدولة التى كانت تبذل على مدى عقدين من الزمن. هؤلاء يعتقدون أن حماس بحاجة إلى إعادة تقييم إستراتيجيتها وإعادة تشكيل نفسها كحركة سياسية ذات بعد دبلوماسى أكبر.
يبدو أن المستقبل السياسى لحماس مرهون بكيفية تعاملها مع تداعيات الحرب وموقفها من المستقبل. فى هذا السياق، يبرز خليل الحية، الذى يعتبر الأقرب للسنوار، كأحد المرشحين المحتملين لخلافة هنية. الحية أشار فى بعض الأحيان إلى إمكانية تخلى حماس عن سلاحها كجزء من إستراتيجية سياسية جديدة.
من جهة أخرى، يوجد مرشحون آخرون مثل خالد مشعل، الذى ترأس حماس حتى عام 2017، وله اتصالات دبلوماسية واسعة وقد يشكل خياراً لقيادة جديدة. مشعل، الذى ينحدر من الضفة الغربية، قد يسعى إلى دمج حماس تحت مظلة منظمة التحرير الفلسطينية، بل وربما يسعى إلى إعادة الانفتاح على الدول العربية التى قد تقدم دعماً له.
مع كل هذه التحولات، يبقى التساؤل حول مدى استعداد كتائب القسام لدعم أى قائد جديد قد يقرر التحول نحو السياسة بدلاً من التركيز على الحرب. ويبدو أن غالبية سكان غزة، الذين عانوا بشكل كبير من تبعات الحرب، يتطلعون إلى نوع من القيادة الجديدة التى يمكنها تقديم الامن وإعادة البناء.
سيحدد المستقبل السياسى لحماس ومدى قدرتها على التحول من حركة مسلحة إلى قوة سياسية، قدرة الحركة على التكيف مع الواقع الجديد والتوصل إلى حل داخلى يرضى كافة الأطراف المعنية. وفى ظل هذه الأوقات العصيبة، يبدو أن الصراع الداخلى داخل حماس قد يكون له تأثير كبير على مستقبل فلسطين نفسه.