تطوير المناهج الدراسية ضرورى لخدمة مجتمعاتنا
استخدام الذكاء الاصطناعى له أهمية فى مجال الدعوة
تجربة مصر فى مكافحة الإرهاب والتطرف ملهمة.. ويجب الاستفادة منها
قال د.سامى الشريف الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية ان تجديد الخطاب الدينى بات ضرورة عصرية وهذا لا يتعارض أبداً مع الثوابت وان تجربة الأزهر والأوقاف والمؤسسات الدينية كانت لها آثار قوية على المتلقي.
أضاف فى حوار مع «الجمهورية» ان الحوار مع الآخر ونبذ العنف والإرهاب والتطرف ومواجهة المفاهيم المغلوطة كلها أمور قيد اهتمام رابطة الجامعات الإسلامية ولهذا ندعم فى الرابطة مبادرة السلام بين الشرق والغرب للرد على مروجى أزمة «صدام الحضارات».
ونبه د.سامى الشريف إلى أن الوعى يمكنه أن يقود نشر ثقافة التعايش مع الآخر لأن المواجهة قوية مع مروجى فكرة الصدام بين الحضارات ولكن الاعتراف بحقوق الآخرين سيكون الرد على من يروجون للمغالطات ويهاجمون الاسلام والمسلمين.
وأشار الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية إلى أن استخدام التكنولوجيا الحديثة والذكاء الاصطناعى بات ضرورة ملحة فى مجال الدعوة وهدفنا من ذلك السلام والخير ونشر المحبة بين الأديان والثقافات.. وهذا نص الحوار:
> بداية.. ما هو دور رابطة الجامعات الإسلامية فى خدمة العلوم والدراسات؟
>> الرابطة لها دور تنظيمى بين الجامعات الاسلامية وهى مد جسور التعاون والشراكة مع المؤسسات والأقسام والبرامج المعنية بالدراسات الإسلامية والعربية حول العالم عددها 200 جامعة حول مختلف قارات العالم وهى الجامعات التى تعمل فى العالم الاسلامي، الرابطة تأسست عام 1969 بمدينة فاس بالمغرب ونقلت للقاهرة عام 1974 حيث اتخذت من مركز الشيخ صالح كامل بجامعة الازهر مقرا لها .. ويترأس الرابطة حاليا د. محمد عبد الكريم العيسى والامين العام يتم اختياره بالانتخاب من خلال المؤتمر العام للرابطة كل 4 سنوات.. للرابطة نائبان ففى الدورة الحالية هما د. سلامة داود رئيس جامعة الازهر ود. محمد البشارى من الامارات العربية وأمينان مساعدان هما نبيل السمالوطى ود. نورهان الشيخ استاذ العلوم السياسية فى جامعة القاهرة.
> ولكن هل يفهم أن دور الرابطة معنى بالعلوم الشرعية.. أم أحد المواقع مختلف؟
>> مفهوم الجامعات الاسلامية قد يفهم منه انها خاصة بالعلوم الشرعية فقط وهذا ليس صحيحا .. فالجامعات التى تدرس العلوم الشرعية وعلوم اللغة العربية لها العضوية العاملة والعضوية المراقبة المفتوحة لجميع الجامعات التى تعمل بالدول الاسلامية .. والجامعات الاجنبية التى لها مقررات ومناهج كجامعة ويلز.
والرابطة تنظم ندوات ومؤتمرات حول استخدام وادخال التكنولوجيا الحديثة فى برامج الجامعات الاسلامية وتم تنظيم ثلاث مؤتمرات فى جامعة طنطا عن استخدام الذكاء الاصطناعى فى تطوير المناهج والمقررات فى الجامعات الاسلامية، ومؤتمر فى جامعة السويس حول الدعوة الاسلامية فى العصر الرقمى وثالث بجامعة السلطان احمد شاه فى ماليزيا حول مستقبل الدراسات الاكاديمية.
> وهل هناك تعاون مع جهات أخرى فى هذا الاتجاه؟
>> سيكون هناك مزيد من التعاون فى الفترة المقبلة، مع جميع المؤسسات الدينية والتعليمية المعنية بالحوار ونبذ العنف ومحاربة الإرهاب فى العالم، لإثراء الحوار الفكرى بين الحضارات، وتصحيح ودحض المفاهيم المغلوطة عن الإسلام والمسلمين، والرابطة تدعم مبادرة السلام بين الشرق والغرب للرد على مروجى «صدام الحضارات».. ونعمل على الاهتمام بالقيم والمعايير الأخلاقية للأنشطة والبحوث العلمية بالجامعات الإسلامية، مع التركيز على البحوث التى تخدم المجتمع، يأتى فى مقدمة أولويات الرابطة، وكذلك دعم الجامعات الأعضاء للحصول على معايير الجودة العالمية فى التعليم.
> ما رؤيتكم للنهوض بأنشطة الرابطة مستقبلاً؟
>> نركز على التنسيق والتواصل بين الجامعات الإسلامية لتطوير منهجيات التدريس وآليات البحث العلمي، بما يخدم مجتمعاتنا الإسلامية فى العالم كله، وهذا توجه الدكتور محمد بن عبدالكريم العيسى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامى فى الفترة المقبلة، بهدف الانفتاح على المدارس الفكرية والثقافية فى العالم، والتنسيق مع الجامعات العالمية للاستفادة من خبراتها فى التدريس والبحث العلمي، وكذلك الانفتاح على كل المؤسسات الدينية والتعليمية المعنية بالحوار الفكرى بين الحضارات، لتبادل الخبرات وإحداث تطوير لمستوى العلاقات بين الشرق والغرب، وبين الدول الإسلامية وغيرها من دول العالم، لتصحيح الصورة المغلوطة عن العرب والمسلمين، وتذكير العالم بما قدمته الحضارة الإسلامية للحضارة الإنسانية.
> وما هى أهم القضايا التى ستمنحها الرابطة الأولوية فى الفترة المقبلة ؟
>> الأولوية ستكون للقيم والأخلاقيات، التى يجب أن تلتزم بها الجامعات فى التدريس، وفى الأنشطة الأكاديمية والبحوث العلمية، لأن أى نشاط أكاديمى أو بحث علمى لا يلتزم بالأخلاقيات يُعد وباء على المجتمع.
> التطرف والإرهاب أخطر ما يواجه العالم.. كيف ستتعامل معه الرابطة؟
>> نحن معنيون فى الفترة المقبلة بعقد المؤتمرات والندوات وإصدار الكتب والنشرات التى تتناول مكافحة الإرهاب، ونبذ العنف والفكر المتطرف، والتركيز على المفاهيم التى تحقق السلام الدولى والانفتاح الفكرى على الحضارات، بديلا للصراع بين الحضارات، الذى ينادى به بعض الأقلام الغربية.، ولدينا التجربة المصرية الرائعة فى مكافحة التطرف ومحاربة الإرهاب باستراتيجية متكاملة حققت نجاحا كبيرًا لأن الدولة كانت حاسمة ونفذت مقاربة شاملة وهذه تجربة ملهمة تستحق أن نستفيد منها.
> هل لكم د،ور فى نشر الثقافة الإسلامية خاصة فى الدول غير الناطقة بالعربية؟
>> سنعقد مؤتمرات عن أساليب تعليم اللغة العربية وعلومها لغير الناطقين بها، مع الإسهام فى مؤتمرات كثيرة عن مكافحة الإرهاب ورؤية الجامعات الإسلامية فى هذا المجال، ولدينا علاقات وثيقة بمنظمة الأقليات الإسلامية فى الغرب، وسيكون هناك انفتاح أكثر مع المؤسسات التعليمية والثقافية المعنية بالحوار ونبذ العنف ومكافحة الإرهاب.
> كيف تدعمون الجامعات فى الدول التى تشهد صراعات داخلية؟
>> نعمل على مد جسور بين الجامعات بعضها وبعض، وتحقيق مزيد من التعاون فيما بيننا، مع مزيد من الانفتاح على الجامعات العالمية مثل جامعة أكسفورد وغيرها من الجامعات التى قطعت شوطا كبيرا فى تطوير مناهجها، وتطوير طرق التدريس بها وجامعة الأزهر جزء مهم من منظومة التعليم فى الجامعات الإسلامية بل الأزهر رائد فى رسالة التنوير ومكافحة التطرف وهى رسالة الرابطة التى تعمل عليها.
> وماذا عن دوركم فى دعم الجامعات بالدول ذات الصراعات الداخلية؟
>> دورنا يعتمد على مساعدتها فكريا وأكاديميا وبحثيا، والإسهام فى إقامة علاقات مع جامعات أخرى لتطوير العملية التعليمية.
> وكيف ترون مبادرة رابطة العالم الإسلامى للسلام بين الشرق والغرب؟
>>تأتى هذه المبادرة فى منبر الأمم المتحدة فى توقيت مهم، حيث يعانى العالم توغل الإرهاب فى أنحاء العالم، ونحن نثمن هذه المبادرة وندعو إلى دعمها، لأنها تأتى ردا على مروجى فكر الصدام بين الحضارات، كما ندعو إلى إقامة حوار بين مختلف الحضارات والأديان بغرض التكامل والاعتراف بحق الآخر فى الوجود والتعبير عن فكره وعقيدته دون تدخل فى خصوصية العقائد والحضارات الأخري، ولهذا دعا الأمين العام لرابطة العالم الاسلامي، الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلى تخصيص يوم للحوار بين الحضارات فى الغرب والشرق.
> كيف ترون دور المؤسسات الدينية.. وعلى رأسها الأزهر، فى قضية تجديد الخطاب الديني؟
>> ما يقوم به الأزهر والمؤسسات الدينية الأخرى ورابطة العالم الإسلامى عبر جهود متتالية، له تأثير كبير خاصة تجربة وزارة الأوقاف المصرية فى إعداد الدعاة والواعظات وتدريبهم على تعلم اللغات والتعامل مع التكنولوجيا الحديثة والأفكار المختلفة، ورفع كفاءة قدرتهم الخطابية، ولعل توحيد موضوع خطبة الجمعة من قبل الوزارة، وربطها بالأحداث التى يعيشها المجتمع، كان له أكبر الأثر على المتلقي، وأيضاً وثيقة مكة المكرمة التى وقع عليها أكثر من 1200 من علماء المسلمين، إذ تعلن صراحة أن الإسلام يحترم كل العقائد والمختلفين معه.
> كيف ترى أفضل السبل للتعايش مع الآخر؟
>> يتم ذلك من خلال بناء شخصية الفرد ودعم الوعى لدى المواطن، فالطفل فى مراحل تعليمه الأولى يجب أن يعى تعاليم الدين الصحيح، وحقوق الآخر المختلف معه، فى الثقافة والنوع والعقيدة وغيرها، فإذا تم بناء هذه الأسس فى المراحل الأولى للطفل، سيمكننا صناعة إنسان سوى يفهم دينه ويعى حقوق الآخر، فلكل حضارة ودين خصوصية، ويجب احترام القوانين والضوابط التى وضعها المجتمع الذى نعيش فيه.
> وكيف تنظرون إلى التعامل مع ما انتجته التكنولوجيا الحديثة وخاصة الذكاء الاصطناعي؟
>> لم يقتصر الأمر على المجتمعات المحافظة والمتدينة فى تخوفها من الآثار الضارة والسلبية لكل ما انتجته التكنولوجيا الجديدة بل ان المنظمات الدولية والمجتمعات الغربية والمتحررة فكرياً وأخلاقياً تبدى تخوفات عديدة من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وفى سبتمبر 2021 شدددت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان «ميشيل باشيليت» على الضرورة الملحة لوقف بيع واستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعى التى تشكل خطراً جسيماً يهدد حقوق الإنسان كما دعت إلى حظر تطبيقات الذكاء الاصطناعى إلى حين ضبط ممارساتها بما يتماشى مع القانون الدولى لحقوق الانسان.
> برأيكم.. كيف يمكن التعامل مع الذكاء الاصطناعى وتجنب مخاطره والاستفاده منه؟
>> يمكننا طرح بعض الأفكار التى يمكن من خلالها التوظيف الأمثل للذكاء الاصطناعى وتجنب مخاطره أو التقليل خاصة ان تقنيات الذكاء الاصطناعى ليست شراً كلها وإنما هى أدوات يمكن توظيفها لخدمة البشر ودعم الجهود الدعوية بأساليب عصرية وهو ما يجب على المؤسسات الدعوية استثماره لخدمة أهدافها، ولهذا يجب على المؤسسات الدوية السعى الدءوب لتدريب العاملين فيها من الدعاة والواعظات على كل فنون التعامل مع التكنولوجيا الحديثة.. ومن بينها.. تطبيقات الذكاء الاصطناعى واتقان توظيفها لخدمة الدعوة الإسلامية وتحقيق سبل الانتشار والتأثير.
إضافة إلى أنه يجب على الدول الإسلامية العمل بجدية على التواجد والفاعل فى الفضاء الإلكترونى من خلال الاستغلال الأمثل لمواقع التواصل الاجتماعى والصفحات الإلكترونية وتزويدها بمحتوى دعوى راق وعصرى حيث لا يزال المحتوى العربى فى الفضاء الإلكترونى ضعيفاً وهزيلاً ولا يتناسب مع مكانة الدول العربية والإسلامية.
> هل هناك أمور يجب من خلالها الاستفادة بالذكاء الاصطناعي؟
>> نعم هناك أمور أخرى من بينها بناء قاعدة معرفية عربية وإسلامية تتضمن المصادر والمراجع الرصينة التى تعرض للتعريف بمبادئ الإسلام ووسطيته والرد على كل الاساءات والاتهامات التى يروجها أعداؤه وكارهوه، والمشاركة الفاعلة فى اجراء حوار عالمى مع الدول والمؤسسات الدولية المختلفة حول أخلاقيات البحث العلمى بصفة عامة وأخلاقيات الذكاء الاصطناعى على وجه الخصوص.
ويجب ايضاً مواجهة الدول والمؤسسات والشركات العالمية التى تصدر تقنيات الذكاء الاصطناعى ضد الأديان بصفة عامة والدين الإسلامى بصفة خاصة بتقديم محتوى متحيز وذلك من خلال حوار فاعل ومتمدن بعيداً عن سلاح المقاطعة والاحتجاجات والمظاهرات وحرق اعلام الدول والاعتداء على سفاراتها مما يظهرنا فى كثير من الاحيان رافضين لحرية الرأى والتعبير، والاسهام بشكل فاعل فى تطوير التشريعات والقوانين التى تضبط أداء الفضاء السيبرانى انطلاقاً من مبادئ وأخلاقيات إنسانية واتساقاً مع القوانين والدساتير الوطنية.. ووضع الخطط العاجلة لتفعيل دور الذكاء الاصطناعى فى مجالات خدمة القضايا الإنسانية وتشجيع العالم التطوعى والاستجابة لحالات الطوارئ التى يتعرض لها المواطنون ورعاية الاطفال المشردين وذوى الاحتياجات الخاصة.