إحياء الإنسان العربى لا ينفصل عن إحياء اللغة العربية، فاللغة هى إحدى تجلّيات الإدراك البشرى الأساسية، وهى بناء تطوُّرى معقد للتواصل بين البشر. ويشهد العالم ثورة هائلة من المعلومات والتقنية فى مجالات الاتصالات والتكنولوجيا، وهو ما يطلق عليه «الذكاء الاصطناعي»، ومع هذا التضخم التكنولوجى الهائل الذى يشهده العالم أضحى العمل على معالجة اللغة العربية آليًا مطلبًا ضروريًا؛ لمواكبة عصر الثورة المعلوماتية، فمستقبل اللغة العربية مرهون برؤية تحديات العصر الذى تنضوى تحت لواء امتلاك سلطة المعرفة بمفهومها الجديد، وقوامها المعلوماتية والاتصالات والتكنولوجيا. اللغة العربية دخلت عصر الروبوتات والذكاء الاصطناعي. وهذه التقنيات تستخدم اللغة العربية فى العديد من التطبيقات،مثل الترجمة الآلية، والتعلم الآلي، والتعرف على الكلام، والتحليل اللغوي، والتفاعل مع المستخدمين، وغيرها.
الذكاء الاصطناعى يواجه تحديات فى التعامل مع اللغة العربية، فمن حيث الأصل ونجد ان النصوص المكتوبة «المنطوقة بالعربية» كلها مخزنة بالحروف الانجليزية وليس بالعربية وبالتالى فلا تتعرف عليها الاجهزة من معانى الحروف ولكن كبيانات مخزنة وصور بما يجعلها «نماذج» وليست علاقات لغوية مباشرة. فالمطلوب تطوير تقنيات ذكاء اصطناعى لغتها الأم هى العربية وهو امر صعب لأسباب عديدة يتصدرها: عدم الاهتمام بتأمين مستقبل اللغة العربية كلغة علم وتطويرلتقنيات التكنولوجيا والعلوم وسيطرة اللغة الانجليزية. والكتابة من اليمين إلى اليسار بالمخالفة لنماذج الذكاء الاصطناعي.
وعلامات التشكيل «التسعة» وتعدد اللهجات «فبجانب اللهجة المصرية العامية، والتى يتحدث بها معظم المصريين. هناك عدة لهجات فرعية، كالصعيدية، والبحرية، وتوجد حوالى اثنتان وستون لهجة فى الجزيرة العربية منها حوالى عشرين لهجة سعودية فقط». والتركيبات النحوية المعقدة، ومعرفة كيفية تقسيم الأفعال وإعادتها إلى أصلها دون المساس بالمعنى أو تحريفه. وصعوبة توليد الخطوط العربية «ستة خطوط أساسية، أصعبها خط الثلث» واستسهال استنساخها كصور. واستخدام القرآن الكريم «وهو أكبر مصدر للغة العربية، ويصعب استخدامه فى تدريب نماذج الذكاء الاصطناعى لتجنب تحريف المعني».
ولهذا، فمن المهم تطوير الذكاء الاصطناعى ليتمكن من التعرف على اللغة العربية بشكل أفضل. والحل هو استخدام الرياضيات فى تطوير الذكاء الاصطناعى للغة العربية، بتطوير علم النحو كمعادلات رياضية، فالرياضيات يمكن استخدامها لتطوير الذكاء الاصطناعي، بتطوير نماذج للتعلم الآلى باستخدام الرياضيات لتحليل النحو والصرف والدلالة اللغوية، ولكى يدخل علماء الرياضيات المتخصصين فى المعلوماتية، بغية إحداث ثورة، وأن تصنع كتبا حديثة عن قواعد اللغة العربية، فتكون سطورها محملة بمعادلات الرياضيات الحديثة، مما يسهل أمام خبراء المعلوماتية صوغها فى خوارزميات متخصصة بألسنيات الكمبيوتروبمتابعة ما بدأه نحاة مثل العلامة عبدالقاهر الجرجانى فى مؤلفه المعروف «العوامل المئة»، وكذلك نظريته عن نظم الكلام، والخليل بن أحمد الفراهيدى الذى كاد يسبق الزمن فى كتابه «معجم العين» وان تقوم تراتيب خوارزمية على النحو الذى ابتكره عالم الرياضيات «ونسبت له» أبو جعفر محمد بن موسى الخوارزمي. أى ان المطلوب تلمس السبيل، لاستخدام اللغة العربية كلغة اصلية فى ذكاء الآلات التوليدى.