> كان مشهد الكونجرس الأمريكى مثيراً للجدل وأحياناً للضحك.. لأن المتحدث جاء لاستعراض البطولة والهرب من الواقع فى إسرائيل الذى تحكمه الانقسامات فى الشارع.. والمشهد فى الكونجرس كان مشهد التهليل والتصفيق لنتنياهو، الذى وصفه أحد نجوم السياسة الأمريكيين البارزين السيناتور الديمقراطى بيرنيساندرز بأنه مجرم حرب، وطالبه بوقف حرب غزة ووقف الإبادة الجماعية للمدنيين.
> تجاهل نتنياهو فى خطابه أمام الكونجرس الحديث عن وقف الحرب أو إتمام صفقة التبادل، أو أى ذكر للدور المصرى المتواصل مع قطر لوقف الحرب وإبرام الصفقة.. لكنه ذهب للتباهى بقوة أمريكا وجيش إسرائيل المدافع عن الولايات المتحدة حسب زعمه ووفقاً لأكاذيبه، لأنه الجيش الذى اهتزت هيبته مرتين، الأولى فى حرب أكتوبر 1973 التى انتصر فيها العرب على إسرائيل بقيادة مصر، والثانية فى السابع من أكتوبر 2023 على يد المقاومة الفلسطينية التى لم تحسب حساباً لرد الفعل الإسرائيلى على هذا النحو المؤسف من التدمير والهلاك للبشر والحجر فى غزة وقتل عشرات الآلاف من الأطفال والنساء والشيوخ فى حرب إبادة لم يشهدها التاريخ من قبل، إلى الدرجة التى أسماها البعض بـ«محرقة غزة»، رغم اليقين أن المقاومة من أجل تحرير الأرض من الاحتلال، وهو أمر يعترف به العالم والمواثيق الدولية وقرارات الأمم المتحدة.
> المؤكد أن نتنياهو المدان عربياً ودولياً على مجازر جيشه فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، وفى حرب غزة المستمرة حتى الآن يسعى حثيثاً لتصفية القضية الفلسطينية ودعم الانقسام الفلسطينى بين فتح وحماس التى صنعتها إسرائيل لتدمير القضية والقضاء عليها وإفراغ الأرض من أصحابها للإجهاز على مبدأ قيام الدولة الفلسطينية الذى أيده العالم وأقرته الولايات المتحدة نفسها مع دول كثيرة فى الشرق والغرب، وأكدته المبادرة العربية للسلام مع إسرائيل فى عام 2002، وهى المبادرة التى ترفضها إسرائيل حتى الآن بسبب حالة الضعف والانقسام العربى والحروب الأهلية المدمرة لمقدرات الدول العربية وشعوبها دون وعى لمخاطر المشاريع الاستعمارية الجديدة التى تقودها الصهيونية العالمية فى المنطقة بقيادة إسرائيل ومن ورائها الغرب والولايات المتحدة، ومنها كذلك المشروع الإيرانى والمشروع التركى والمشروع الصينى والمشروع الروسي، وهى كلها مشاريع تستخدم الحرب بالوكالة وحروب الجيل الرابع وثورة المعلومات للسيطرة على المنطقة العربية ومنطقة الشرق الأوسط على اتساعها.
> نقول فى النهاية: كان خطاب نتنياهو أمام الكونجرس الأمريكى الأربعاء الماضى باهتاً وباحثاً عن البطولة، ونجح فى الحصول على بطولة مزيفة من أعضاء الكونجرس الأمريكي، كما نجح فى إطالة أمد الحرب على قطاع غزة المكلوم حتى يأتى رئيس جديد للولايات المتحدة فى يناير 2025، ويبقى الأمل فى النهاية أن يسود خيار السلام على أساس الحفاظ على الحقوق، بشرط أن يستيقظ العرب قبل فوات الأوان، بعد أن دمرت الحروب الأهلية دولاً كثيرة مثل السودان وليبيا واليمن والعراق وغيرها.. وسيبقى الأمل على مصر مستمراً لقيادة المنطقة نحو الأمن والسلام والاستقرار لتحقيق أهداف التنمية.