يبدو ان أزمات نهر السين لن تنتهي خلال منافسات دورة الالعاب الاوليمبية الحالية في باريس ، فبرغم انفاق فرنسا ما يزيد علي 1.4 مليار يورو لتنظيف النهر قبل انطلاق البطولة ،الا ان الشكاوي منه لم تنقطع وخاصة من لاعبي الترايثلون الذين تعرض عدد كبير منهم لحالة اعياء صحي واضحة عقب انتهاء منافسات السباحة به.
البداية من صحيفة « ديلي ميل» البريطانية التي كشفت في تقرير لها قبل انطلاق المنافسات بعدة اسابيع ان نتائج التحاليل التي أجريت لمياه النهر في 16 يونيو الماضي، كشفت أن نسبة التلوث في النهر كانت مرتفعة للغاية، لدرجة لا تسمح بإقامة سباقات الترايثلون والسباحة في المياه المفتوحة به ، وحينها وبحسب النشرة الأسبوعية التي نشرتها بلدية باريس ومحافظة «إيل دو فرانس»، ارجعت التلوث الي الطقس السيئ في فرنسا في الأيام الأخيرة ، الامر الذي يفسر وجود نسبة أعلي بكثير من معايير البكتيريا للسماح بإجراء مسابقات في النهر.
وشرحت السلطات المحلية أن جودة المياه لا تزال سيئة بسبب السياق الهيدرولوجي والجوي غير المواتي مثل المطر، التدفق العالي، أشعة الشمس القليلة ودرجات الحرارة أقل من نسبتها الموسمية، مضيفة: «التدفق المرتفع للنهر، الذي لا يعزز نوعية المياه الجيدة، هو نتيجة لهذا الطقس الممطر للغاية».
فيما أفاد مكتب رئيس البلدية حينها أنه من أجل المنافسة، تم تحديث العديد من مرافق المعالجة وأنظمة الصرف الصحي، وبلغت تكلفة إجراءات تنقية المياه حوالي 1.4 مليار يورو، مؤكدا ان عينات المياه المأخوذة من النهر نهاية يونيو الماضي، تؤكد أنه من الممكن السباحة فيه.
إلا انه وبحسب الرسوم البيانية المنشورة علي الإنترنت، كان مستوي تركيز بكتيريا «إي كولي» أكبر من ألف وحدة وهو الحد الأدني الذي يستخدمه اتحاد الترايثلون الدولي واتحادات السباحة في المياه المفتوحة للسماح بإجراء الاختبارات ، وتجاوزت نسبة البكتيريا الـ 5 آلاف وحدة في 11 و15 و16 يونيو .
ورغم ما سبق الا ان المسئولين الفرنسيين أصروا علي السباحة في النهر للتأكيد علي مدي جاهزيته لاستضافة السباق حيث قامت عمدة باريس آن إيدالغو بالسباحة في نهر السين، وشارك معها في السباحة رئيس اللجنة المنظمة للأولمبياد توني إستانج، وقبلها بأيام قليلة، قامت وزيرة الرياضة الفرنسية أميلي أوديا كاستيرا بالسباحة هي الأخري ، لاثبات جودة المياه قبل انطلاق البطولة.
ومع بدء المنافسات الاوليمبية، وحاجة لاعبي الترايثلون وسباحي المياه المفتوحة للتدريب خلال الاسبوع الماصي ، تم تأجيل التدريب لعدة ايام متتالية بسبب تلوث المياه، وعدم جودتها وملاءمتها للسباقات ، الامر الذي ارجعه المسئولون الي الامطار الغزيزة التي شهدتها باريس ليلة الافتتاح ، وهو ما دفع منظمي الاوليمبياد والاتحاد الدولي للترايثلون للتأكيد أن الاختبارات أظهرت أن جودة المياه لا تزال أقل من المستوي المقبول وأن المنظمتين تريدان التأكيد علي أن الأولوية هي صحة الرياضيين.
وبعد توقعات بإلغاء منافسات السباحة من لعبة الترايثلون، واقتصارها فقط علي الدراجات والجري ،الا ان اللجنة المنظمة في يوم انطلاق السباق الرسمي طمأنت اللاعبين ان الاجواء اصبحت مناسبة للسباحة في النهر ، وبالفعل تمت مشاركة اللاعبين في السباق بمنافسات السيدات والرجال ولكن العواقب كانت قاسية ، حيث ظهر العداء الكندي تايلر ميسلاوشوك في حالة سيئة عندما وصل خط النهاية، وظهر في مقاطع فيديو وهو يتقيأ بعد لحظات من إنهاء سباق السباحة لمسافة 1.5 كيلومتر في نهر السين، وأكد ميسلاوشوك في تصريحات لصحيفة «ديلي ميل» إنه تقيأ 10 مرات، فيما التقطت عدسات الكاميرا العديد من الرياضيين الآخرين وهم مستلقون علي الارض ويكافحون لالتقاط أنفاسهم بعد انتهاء السباق.
بينما قالت الكازاخستانية إيكاترينا شابالينا التي انسحبت من السباق في تصريحات لها عقب السباق: «اختنقت بسبب مياه نهر السين، وبعد ذلك بدأت أتقيأ لبقية سباق السباحة، لقد تقيأت بعد اللفة الأولي من مرحلة ركوب الدراجات».
فيما نقلت صحيفة «نيويورك بوست» الامريكية تصريحات لاعبة الترايثلون الأولمبية البلجيكية جوليان فيرميولين التي شرحت فيها تجربتها –المثيرة للاشمئزاز– بحسب تعبيرها للسباحة بنهر السين حيث انتقدت المسئولين الذين زعموا أن النهر الملوث آمن بما يكفي للسباحة فيه.
قالت جوليان: «أثناء طفوي تحت الجسر، شعرت ورأيت أشياء لا ينبغي أن نفكر فيها كثيرا، لقد شربت الكثير من الماء أثناء وجودي، وكنت قلقة بشأن مدي تأثير ذلك علي جسدي ، سنعرف عما قريب إذا كنت مريضة أم لا».. مضيفه:»لقد كان نهر السين متسخا لمدة مائة عشام، لذلك لا يمكنهم القول إن سلامة الرياضيين هي الأولوية هذا هراء!».
يذكر انه تم إغلاق نهر السين ومنع السباحة فيه منذ عام 1923، بسبب ارتفاع مستويات الجرثومة الإشريكية القولونية والبكتيريا المسببة للأمراض الأخري.
فيما دافعت وزارة الرياضة الفرنسية، وقالت في تصريحات نشرتها صحيفة الجرديان: « نحن غير مسئولين عن تلوث نهر السين، وما حدث كان بسبب أزمة المناخ العالمية، لا نستطيع التحكم في الطقس ولا بالأمطار، التي تسببت في انتشار بكتيريا، أي كولاي في مياه نهر السين».