لم يكن الدكاترة زكى مبارك أدبيا وكاتبا عاديا بل يعده النقاد أحد عباقرة القرن الماضى بحصوله على 3 دكتوراه جعلت منه أسطورة عصره وزمانه.. فقد ولد فى 5 أغسطس 1819 بوسط الدلتا بقرية «سنتريس» التى تبعد عن القناطر الخيرية نحو 18 كيلومترا.. وتقع عليها أهم طرق المنوفية القرن الماضى الذى يربط بين القاهرة والقليوبية والمنوفية مروراً بطنطا عبر شبين الكوم.. القرية على شرقها الرياح المنوفى الذى يحازيها مع قرية السجاد الأشهر ساقية أبوشعره على جسر النيل الذى يطل على فرع دمياط وكان والده الحاج عبدالسلام مبارك من أعيان هذه القرية واهتم بتعليمه فى كتابها أولاً وحفظ فيها القرآن قبل إلحاقه بالأزهر الشريف.. وظهر نبوغه مبكراً مقترباً من سعد زغلول ويعد الدكاترة من أبرز خطباء ثورة 1919 فقد كان بليغاً.. يقول نقاد عصره أنه تلميذ طه حسين الذى اختلف معه وإذا كان الأول احتل مقعد ريادة الشعر فالدكاترة زكى مبارك اعتلى مقعد النثر الأدبى ودراساته.
استفاد زكى مبارك من طفولته بصحبه والده فى القرية حيث كان والده وثيق الصلة بالطرق الصوفية واقترب بحكم علاقة والده من مجالسهم بإدراك وذكاء الفتى العبقرى الذى يقرأ الشعر ويقرضه ويؤلفه كما يجيد النثر الأدبى.. وتعلق فى مراحل حياته المبكرة متأثراً بأساتذته فى الأزهر الشيخ محمد المهدى والشيح المرصفى.
فى مراحل حياته المبكرة اختمر فى عقله معارضة القديم لقدمه ومناصرة الجديد لجدته فى مغزى للتطوير وإدراك الوعى فهو فارس اللغة العربية عاشق الحسن والجمال.. فقد كان يقول: إن الذخيرة الباقية فى حياتى تلك التى أعيش بروح قلمى»
رحلة العلم
التحق بكلية الآداب وحاز على الليسانس فى دراستها من الجامعة المصرية ناهلاً عن حب العلم بعد حصوله على الليسانس التحق بالدراسات العليا ونال الدكتوراة وعمره «24 عاماً» فى موضوع «الأخلاق عند الإمام الغزالى».. وخلال هذه الفترة عبر مبارك عن هوايته الأدبية، بالعمل فى الصحافة وكان عمره 15 عاماً أو يقل وراسل عدة صحف تزامنت مع ثورة 19.. تعاون مع صاحب جريدة البلاغ عبر صاحبها عبدالقادر حمزة.. ونشرت له الجريدة «ألف مقال متنوع».. وعن منهجه فى الكتابة يقول الدكاترة مبارك أكتب فى صحف الوفد على مبادئ الحزب الوطنى معتبراً سعد باشا زغلول فى نظره قيادة وشخصية مصرية أصيلة.. ويحسب للدكاترة أنه حسم الجدل الدائر فى ذلك الزمان حول علاقة العرب بالشعر وذلك بعدما أثار عميد الأدب العربى فى المقتطف أشهر مجلات هذه الفترة عام 1926 مقاله الشهير «النثر فى نصف قرن».
زواج مبكر جداً
نظراً لأنه الإبن الأكبر لوالده تزوج فى سن مبكرة- ربما دون الـ 17- من إحدى قريباته- صغيرة السن أيضاً- فى وقت كان الزواج المبكر من سمات هذه المرحلة..
وتقول محطاته التعليمية الأولى إنه بدأ اتصاله مع الجامعة المصرية عام 1913 اضافة إلى اتصاله بالأزهر الشريف وحصل على العالمية عام 1921 وعين فى كلية الآداب معيدا.
اتجه بعد ذلك إلى باريس على نفقته الخاصة وكان قد أجاد تعلم اللغة الفرنسية للحصول على الدكتوراة فى رسالة بعنوان النثر الفنى فى القرن الرابع الهجرى.. ونجح فى الحصول عليها بمرتبة الشرف.. وعاد إلى مصر بعد إنهاء دراساته فى جامعة السوربون نفس الجامعة التى كان قد التحق بها عميد الأدب العربى طه حسين.
الصدام مع عميد الأدب
بعد عودته دخل فى معارك أدبية وفكرية حامية الوطيس وصلت إلى عدم تجديد عقده فى الجامعة وكان طه حسين على علم بذلك عند عودته للجامعة.. لكن الدكاترة زكى لم ييأس وشق طريقه فى ميدان الأدب والصحافة وفى عام 37 حصل على الدكتوراة الثالثة ليكتمل عقد الثلاث دكتوراة اثنتين من مصر إضافة إلى دكتوراة السوربون الفرنسية.
ترك الدكاترة أمر العمل بالجامعة عندما عين أستاذاً بدار المعلمين فى العاصمة العراقية بغداد وكان قد عين فى وزارة المعارف المصرية مفتشاً للغة العربية.. لكنه فضل السفر فى تجربة جديدة.. وفى العراق لمع اسمه كثيراً عبر إصداره كتابه الشهير «ليلى المريضة فى العراق» وهو الكتاب الذى نشره على حلقات فى مجلة الرسالة، كما كتب أروع قصائده فى البصرة وربط بينها وبين النيل والرياح المنوفى والقناطر الخيرية كأنه يستحدث الربط بين النيل والفرات فقد كان مفتوناً بالأماكن حيث جلس بها 9 أشهر من 23 أكتوبر 38 حتى قرب الحرب العالمية الثانية.. واستمر مدة 10 أشهر فى العراق واستأنف عمله فى وزارة المعارف مرة أخرى.. اضافة إلى عمله بالمعهد العالى لفن التمثيل.. اضافة إلى عمله فى تفتيش اللغة العربية.. كما عمل لفترة فى دار الكتب المصرية، وكان للدكاترة مبارك وصف يردده المقربون يقولون فيه: عاش عيش على الشوك وفى قدميه نعل من الكاوتشوك.. وكان يشق الصخر بقلم من أقلام الرصاص..»
واستمرت الحياة مع الدكاترة فترة «الحرب العالمية الثانية ودخل معارك كبيرة فى عصره الأدبى وبينهم العقاد والمازنى وأحمد أمين وسلامة موسى وأحمد زكى ولطفى جمعه وكان له اضافات كثيرة فى النقد والتاريخ الأدبى مواصلاً عشقه للجمال.. وفى عصره كان هناك ربط بين رجال الأدب والفكر فى الأطلال لناجى وليلى المريضة فى العراق لمبارك.
حريق القاهرة
وعاش خطيب ثورة 19 فترة حريق القاهرة حيث كان يفضل الجلوس فى شارع عماد الدين بالقرب من ميدان التوفيقية وكان معتاداً الجلوس فى هذه المنطقة.. ورغم أنه كان مهموماً بقضايا الوطن واستقلاله.. لم ينس «سنتريس» القرية التى ولد بها.. وكان له الدور الكبير فى إنشاء أول مدرسة بقريته كما أوصى بتحول منزله إلى مدرسة كما ساهم فى إنشاء أول مدرسة للبنات بها..
كرمته محافظة المنوفية فى ذكراه الـ 105 بإنشاء قصر للثقافة يحمل اسمه وتصدت جريدة الجمهورية عبر أحد ابنائها الكاتب الراحل ابن سنتريس أيضاً الكاتب الصحفى الراحل جلال السيد من خلال عدة مقالات فى حملة معروفة واستجابت هيئة قصور الثقافة ورئيسها فى ذلك الوقت، وتم بحضور المستشار عدلى حسين محافظ المنوفية الأسبق فى ذلك الوقت.. وتحقق لأبناء سنتريس إنشاء «بيت الثقافة» بقرية أحد أعلام القرن العشرين كما كان يحلم بإنشاء كوبرى يربط قرية سنتريس منذ عام 48 يربطها بقرية السجاد الشهيرة ساقية أبوشعرة وتحقق هذا الكوبرى الذى وعد به زكى مبارك قبل سنوات على الرياح المنوفى.
واليوم بعد مرور 72 عاماً على وفاته و133 على ميلاده لا يزال اسم زكى مبارك فى كل أجيال قريته يتفاخرون ويفخرون به فهو الذى أشار إلى رحلته من «سنتريس إلى باريس» وقاوم الاستعمار الإنجليزى كخطيب لثورة 19 بأنه لم يتعلم الإنجليزية لكن أجاد الفرنسية.
يقول عنه الدكتور رفعت السعيد إنه أحد كبار جيل الثلاثينيات فى القرن العشرين وكان يعتد باللغة كاحدى مقدمات استقلال الوطن واهتم بإعزاز اللغة فى نفس أبنائها، وحذر بشكل كبير «ما اسماه بالدين المزيف» وأن «التأسلم» يمنح الكسالى والمتعطلين سلطانا خطيراً يشل حركة التقدم والنهوض وانتقد مبارك بشدة من يشوهون الدين بفتاوى «بير السلم».. وقال عنه الشاعر فاروق شوشه إن شعره المتألق هو السهل الممتنع وقد كان يقرأ القصائد وإعادة قراءة شعره إنعاشاً للذاكرة ودوره النضالى الوطنى مع ثورة 19.. وعكست أعماله ثقافة واسعة.. وتوفى فى 23 يناير 1952.. وبوفاته فقد الوسط الأدبى قطباً كبيراً.. وجاءت جنازته قبل يومين من أحداث يناير بالإسماعيلية بين الشرطة وقوات الاحتلال الإنجليزى.. وبوفاته طويت صفحة مهمة لعلم من أعلام مصر والحركة الأدبية المصرية فقد توفى عن عمر 61 عاماً لكنه ترك تراثاً أدبياً خالداً.. وكانت ابنته كريمة زكى مبارك قد أصدرت كتابا مميزا «زكى مبارك بقلم زكى مبارك».. فهو الفلاح الذى تجول فى شوارع باريس والقروى الذى اختار السوربون ليحصل منها على الدكتوراة وبين سنتريس وباريس والأزقة فى ربع الغورية أماكن أثرت كثيراً تتحدث عن زكى مبارك.
زكى مبارك بقلم زكى مبارك
حياة الدكاترة زكى مبارك مملوءة بالألقاب والنجاحات منذ سفره للبعثة وصاحب الألف مقال فى البلاغ لصاحبها د. عبدالقادر حمزة.. وقد أصدرت ابنته كريمة زكى مبارك فى عام 2012 كتابها «زكى مبارك بقلم زكى مبارك» وذكرت فيه جوانب كثيرة من حياته وما قاله والدها نفسه عندما ولدته أمه فى قريته «سنتريس» فى 1891 «اضيف إلى الوجود خير جديد وشر جديد» وأن ذخيرتى الوحيدة الباقية فى حياتى اننى أعيش بروحى وقلمى انه روح لطيف وقلم نظيف.. وهأنذا أكتب فى الوفد على مبادئ الحزب الوطنى وسعد زغلول الذى يقول عنه إنه شخصية مصرية أصيلة.
مواقف لا تنسى فى حياته
عندما فصل من وزارة المعارف عام 1945 فكتب كتاباً شديد اللهجة إلى الوزير وقتها عبدالرازق السنهورى بدأه بالتحية بلباقة وأنهاه بالهجوم عليه تقول سطوره: صديقى العزيز إليك تحيتى وعليك سلامى.. انى قرأت فى إحدى الجرائد انك فصلتنى من عملى بالوزارة فإن كان الخبر صحيحاً فاسمع جوابى:
فى أى شريعة يجوز فصل موظف بدون تحقيق؟ ستعرف منى ما لم تكن تعرف فاسمع: إذا كان هناك موظف يجب فصله من الوزارة فذلك الموظف هو انت! ومضى فى خطابه بلهجة حادة وقال للسنهورى: أنا موظف عند الدولة المصرية والدولة بصحة وعافية.. واستمر فى خطابه عند سطوره اللازعة بقوله: اخدم وطنك بإعفاء وزارة المعارف من وجودك.. وروى الوافد ونشر الخطاب فى جريدة البلاغ.. وعندما سأل السنهورى مندوب البلاغ من يقدم الأخبار لجريدتكم فقال له «زكى مبارك».. فكتب السنهورى خطاباً إلى د. زكى مبارك يفيد بندبه للعمل بدار الكتب المصرية.. وكانت فى نظر النقاد الدار منفى للمغضوب عليهم.. وكان وقتها زكى مبارك أستاذاً فى المعهد العالى لفن التمثيل الذى أنشأه فؤاد سراج الدين عندما كان وزيراً للشئون الاجتماعية ويحصل على مبلغ 20 جنيهاً وهو رقم ليس صغيراً بمقاييس هذه الأيام.. وإذا بالسنهورى يرسل خطاباً للمعهد بأن يقتصر التدريس به على المدرسين فى وزارة المعارف وهنا يقول الدكاترة سلمت على تلاميذى وخرجت والدمع يتفجر فى قلبى لأن مبارك كان أول أستاذ فى المعهد والمعروف أن الدكاترة خرج من الحكومة ثلاث مرات بلا مكافأة أو معاش ورغم ذلك ضاعف ثروته الأدبية من الألف مقال و45 كتاباً ومن كتبه التى أثرى بها المكتبة العربية عبقرية الشريف الرضى، بين آدم وحواء، العشاق الثلاثة، حب ابن إبى ربيعة، فى بغداد، ليلى المريضة فى العراق، مدافع العشاق.
فى الشعر نظم الدكاترة 30 ألف بيت فى غرض واحد هو «التغنى بالحب».. ومن دواوينه ألحان الخلود وأحلام الحب.
شيخ الصحفيين والدكاترة
من أطرف ما يرويه شيخ الصحفيين حافظ محمود قوله بلغ عناية زكى مبارك بأدب الهوى أنه قد اتخذ منه شعاراً للتحية فى الصباح والمساء.
كما كتبت الشاعرة والأديبة كريمة زكى مبارك مقالاً فى الأهرام فى أول سبتمبر عام 2009 بعنوان عن زكى مبارك أشارت فى المقال إلى رحلة والدها إلى الجامعة المصرية وسفره إلى باريس وانه حصل على الدرجة العلمية التى حق له أن يطلق عليه لقب الدكاترة زكى مبارك.. وكانت ثمار قلمه توافى قراءة بانتظام فى الجرائد وفى كتبه حتى صار من أعلام الأدب العربى.
وأشارت فى مقالها إلى أن والدها لم يكن ليتوقف عن إثارة المعارك العلمية والتى وصفتها بأنها تكاد تكون متواصلة وهى كلها تدور حول الفكر والأدب وأحوال الوطن.. وكانت كما تقول الأديبة كريمة تتميز بارتقاء المستوى وسلامة القصد واتساع الأفق وهدفها فى المقام الأول نشر الأفكار الرفيعة، مشيرة إلى أن كل من شاركوا فيها على هدف واحد هو العمل على نشر الثقافة والارتفاع بالمستوى الفكرى.
وتقول: زكى مبارك دائم الحديث عن الحب والتغنى بالحبيبة سواء كانت «ليلى المريضة فى العراق» أو سواها حيث تغنى بهن بين شط الاسكندرية ورياض المنصورة، وربوع القاهرة فقد كان عاشقاً للجمال وتشهد بذلك دواوينه التى تنبض بقصائد الحب وأحاديث العشق والغرام.
وتقول: غير ان هذا البلبل الذى لم يكف عن التغريد عاش مظلوماً ومات مظلوماً، إذ لم يلق حظه الذى يكافئ عبقريته.
وتقول: «أنا وإن كنت نذرت عمرى لجمع ونشر تراث زكى مبارك إلا أن ما أبذله لا يعدو أن يكون حصداً فردياً».. وقالت فى مقالها أهمية الحفاظ على ثروتنا الفكرية وبدافع إبداعات كتابنا وشعرائنا الذين سجلوا صفحات خالدة فى تاريخ الأدب العربى.. وتختتم مقالها بالأمل بأن ينشط أهل الفضل لإعادة طبع الأعمال الكاملة لزكى مبارك ولغيره إلى الأجيال القادمة فى عالمنا العربى كله ليطالعوا أدباً وشعراً وفكراً وعلماً وبحثاً فى غاية العمق وغاية الجمال وغاية الإمتاع.
محطات
5 أغسطس 1891 مولده فى سنتريس.
1908 التحق بالأزهر الشريف وبدأ فى وقت متزامن دراسة اللغة الفرنسية.
1914 اتصاله مع الصحافة ونشر أعماله بقلمه.
1915 حصوله على العالمية من الأزهر.
1916 التحاقه بالجامعة المصرية.
1921 نال درجة الليسانس فى العلوم الأدبية وكان من أساتذته د. طه حسين.
1924 حصل على الدكتوراه عن رسالته «الأخلاق عند الغزالى» وكان د. طه حسين أحد المشاركين فى المنافسة.
1925 عُين معيداً فى كلية الآداب بعد حصوله على الدكتوراه.
1927 السفر إلى باريس وقدم رسالته الشهيرة «النثر الفنى فى القرن الرابع الهجرى».
1931 نوقشت رسالته للدكتوراه الثانية فى 25 أبريل 1931 باللغة الفرنسية وبدرجة مشرف جداً.
1931 عاد من باريس وبدأ كتابة مقاله الأسبوعى الشهير «الحديث ذو شجون».
1934 رفض عقده مع الجامعة فيما دارت معاركة حامية بينه وبين عميد الأدب العربى طه حسين.
1937 حصل من جامعة القاهرة على الدكتوراة الثالثة فى موضوع «التصوف الإسلامى فى الأدب والأخلاق» وكان العميد خصمه الدكتور طه حسين ونال فيها مرتبة الشرف.
1937 عينته وزارة المعارف مفتشاً للغة العربية بالمدارس الأجنبية.
1937 سافر إلى بغداد وراسل مجلة الرسالة القاهرية فى نفس العام فى رحلة استمرت 9 أشهر.
1938 انتهى عمله بدار المعلمين فى العراق واستأنف عمله بمصر كأستاذ بالمعهد العالى لفن التمثيل بالقاهرة وعاش فى هذه الفترة يمشى على الشوك وفى قدميه نعل من الكاوتشوك.. وكان يشق الصخر بقلم من أقلام الرصاص».. وكان قد سجل للدكتوراه الزراعية عام 1947 لكنه لم يناقشها.
1953 فى منتصف ليلة 23 يناير عام 1952 وفى ليلة حزينة سقط الدكاترة مبارك على الرصيف المواجه لعربة المترو فى شارع عماد الدين بينما كان يهم للعودة إلى منزله فى مصر الجديدة.
فاروق شوشة
فاروق شوشة عن زكى مبارك إن الصورة التى يبدو عليها فى شعره ونثره معاً هى صورة من فرض عليه الظلم والقهر وأقول باختصار إن شعره هو السهل الممتنع وهو الأقرب إلى جماعة أبوللو على مستوى الروح والوجدان مع تراوح المستويات اللغوية فى التعبير ورسم اللوحة الشعرية واصفاً أعماله بالإبداع المتميز، مشيراً إلى ديوانه الذى أصدره عام 1933 والثانى ألحان الخلود عام 47 وأن دواوينه التى ظهرت للقارئ كان وراءها ابنته الوفية «كريمة» والتى تحمل لوالدها وفاء نادر المنال فقد جمعت قصائده وهى قصائد لها تاريخ وأطياف الخيال وسط اسكندرية وأحلام الحب.
قصيدة من وحى سنتريس
وفى قصيدة تدل على موهبته الشعرية الراسخة من وحى سنتريس يقول فيها:
كم ليلة فى جوار النيل ساجية.. قضيتها بين غرات وولدان
أعارض البدر فى إشراق طلعته.. باغيد مشرق الأوصال ريان
وأستبيح من اللذات ما رسمت.. أهواء صب غوى القلب شيطان
وأسلم اللوم.. تلحانى قوارصه.. إسراف لآه طروب الروح جذلان
هذا الأديب الكبير قال عنه أحمد زكى باشا: عاش زكى مبارك ما عاش فى فرنسا وفى باريس تحديداً لكنه ظل فلاحاً من قرية سنتريس.