مضيافة هى أرض الكنانة، فقبل ان يبدأ التاريخ، لجأ إليها اخوة يوسف، ليحصلوا على الأمان، وهو ليس الحماية داخل مدائن مصر العامرة – فى وقت لم يعرف فيه العالم عن المدنية شيئا. حصلوا على ما يكفيهم من المأكل والمشرب، واجتاحت المجاعة كل مكان، ولم تنضب خزائن مصر، بعد اخوة يوسف، شرفت مصر بزيارة العائلة المقدسة، نبى الله عيسى عليه السلام وأمه مريم .. جاءا باحثين عن الأمان ووجدا ضالتهم فى رحاب الوطن الباقى إلى أن تقوم الساعة. مرت السنوات وظلت الارض المباركة هى الملجأ لكل محتاج سواء من يتعرض لخطر الاضطهاد او عنف الحروب او ويلات المجاعة والنزاعات، يذخر التاريخ بعلماء وفلاسفة احتموا بهذه الارض وعاشوا فيها كل حياتهم، فتركوا علما ينتفع به البشر حتى يومنا هذا. لم يطلق المصريون على كل قاصديهم لقب لاجئين، بل اعتبروهم ضيوفا لمصر ولكل المصريين، وقرروا ان إكرام الضيف واجب.. فراح الجميع يؤدون الواجب الذى عليهم طواعية دون كلل او ملل.. اتسعت المدن المصرية برحابة معهودة فاستقبلت الأشقاء من الشام واليمن والعراق والكويت وليبيا والسودان واريتريا والصومال وغيرهم الكثير حتى بلغ عدد الدول التى تستضيف مصر رعاياها الان 62 دولة وبلغ عدد ضيوفنا رسميا حوالى 672 ألف ضيف- وفق اعتراف المفوضية السامية لشئون اللاجئين. اما غير الرسمى فهو حوالى 9 ملايين ضيف، جميعهم يعيشون بيننا، ولا نفرق بينهم وبين أبناء هذا الوطن، فمصر دوما تتسع للجميع واهلها يرحبون بكل من يقصدهم، بينهم حوالى 5 ملايين سودانى و 2 مليون سورى و36 الف اريترى و18 ألف اثيوبى وغيرهم.. استوطنوا كافة المحافظات، وبدأوا فى إقامة مشاريع تجارية- تارة التزاما بالقوانين وتارات اخرى التفافا عليها – بعضها يستوعب عددا من العمالة المصرية والبعض الآخر لا يعمل به إلا الضيوف انفسهم ولا ينتج إلا ما يحتاجون إليه، كالمأكولات والملابس الخاصة بوطنهم الاول، فى احتكاك ثقافي، يمثل ضغوطا اقتصادية واجتماعية على الوطن المستضيف.. فالضيوف يحصلون على الكثير من الخدمات المدعومة من كهرباء وغاز ومواصلات وعلاج وغيرها.. وجودهم قهري، هم مضطرون للإقامة هنا، لكن على الضيوف ان يدركوا قواعد البيت المستضيف، ويضعوا نصب اعينهم ليس فقط الالتزام بتلك القواعد ولكن أيضا السعى الجاد بكافة الوسائل المشروعة، للحفاظ على هذا البيت وتحقيق مصالح كل من يعيش فيه، وعلى المجتمع الدولى أن يضطلع بمسئوليته فى اغاثتهم، خاصة أن بعض دول الجوار لا تقبل وجود لاجئ واحد على ارضها..
وللحديث بقية