يعتبر الذهب من الأصول التى تمثل ملاذاً آمناً للدول والأفراد فى ظل التقلبات الاقتصادية، ومن الاحتياطيات التى تستند عليها الدولة، وبالتالى يجب أن ننظر إلى الذهب كصناعة وليس كمجرد رفاهية، خاصة أن إنتاج الذهب فى مصر يستحوذ على اهتمام الحكومة المصرية حالياً، فإنتاج مصر من الذهب حالياً يبلغ 560 ألف أونصة سنوياً، مع هدف الوصول إلى 800 ألف بحلول 2030، وزيادة مساهمة قطاع التعدين فى الناتج القومى ليصل 5٪.. لذا فقد أصبح تعزيز نمو احتياطى مصر من الذهب توجها إستراتيجياً، لأنه سوف يدعم العملة المحلية مقابل التقلبات الاقتصادية الراهنة، ولذلك فإن استغلال مصر لجميع المناجم بها سيجعلها من أكبر الدول المنتجة للذهب خلال السنوات المقبلة، والملاحظ أن مصر تقوم فى الآونة الأخيرة بزيادة تعظيم الاستفادة من مواردها الطبيعية، والتسابق مع الزمن، لتعويض ما فات من إهمال.. حيث ينصب التركيز فى إنتاج الذهب فى جبل السكرى ومنطقة حمش ووادى العلاقى بالإضافة إلى المثلث الذهبى الذى يضم اكثر من 94 منجما، ويمثل رصيد مصر من الذهب حالياً 1 ٪ من مجمل احتياطات الذهب العالمية بواقع 1.658 مليون أوقية، وتقوم مصر بإنتاج وتصدير ذهب سنويا فى حدود 1.3 مليار دولار وهى قابلة للزيادة بالاتجاة نحو التعدين واستخراج الذهب والدخول فى صناعة حقيقية مستندة على التكنولوجيا. وبالإضافة إلى أن البنية التحتية فى مصر حالياً متميزة خاصة فى ظل اهتمام الدولة بتنميتها وهو ما يسهل الكثير فى عمليات الإنتاج والنقل والتصنيع بشرط وضع لوائح وقوانين تستند إلى التجارب العلمية والعالمية التى يعمل بها كبار مصنعى الذهب فى العالم، لذلك فإن قضية الذهب تحتاج إلى قانون تعدينى جديد يحتوى على مجموعة من التعديلات أبرزها فصل مرحلة البحث عن الاستغلال، وذلك نظرا لأن الإطار التشريعى للعمل فى مجال التعدين لم يكن مشجعاً بل طاردا، ولذلك تم تعديل القانون فى عام 2019، لكى يتماشى مع صناعة وإنتاج الذهب، وبناء على ذلك تم الترويج لصناعة الذهب فى مصر، حيث كثفت مصر خلال السنوات الأخيرة مزايدات البحث والتنقيب عن الذهب، وزيادة الاستثمارات فيه، وهى الخطوة التى ساهمت بقوة فى جذب العديد من الشركات العالمية.. وبالتالى فإن ما نؤكد عليه ضرورة وضع إستراتيجية تستهدف خلق حالة مصرية تعلن مصر بموجبها قدرتها على الدخول فى الذهب كصناعة وذلك عبر افتتاح معاهد لتعليم صناعة المصوغات من أجل تعزيز فرص التصدير للخارج، خاصة بعد أن عزف عدد كبير من الحرفيين عن المهنة بسبب الركود الذى أحدثه ارتفاع الأسعار.. لذلك فإن الاعتماد على تصدير الذهب يمثل أحد أهم السبل لحل أزمة نقص الدولار فى مصر، لأنه سيجلب ملايين الدولارات شهريا، وهى سياسة تنتهجها الدول غير النفطية غالباً.. كذلك ضرورة وضع سياسية صناعية لمناقشة العديد من القضايا المهمة المتعلقة بإنتاج المشغولات الذهبية وتطوير منظومة التجارة الداخلية والتصديرية للمشغولات الذهبية، بالإضافة لمناقشة التشريعات المحفزة لإنتاجها، بما يتيح لمصر التحول لمركز إقليمى لتجارة المشغولات الذهبية والمنافسة فى الأسواق العالمية فى أحد أهم قطاعات التجارة العالمية.. مع عدم تجاهل إعادة صياغة الكتل الممنوحة الموجودة فى التكوين الجيولوجى للدرع العربى النوبي، الذى يحيط بالبحر الأحمر والذى يمثل أحد أكثر المناطق الغنية بالمعادن فى العالم.. والتاكيد على أنه ليس مجرد جذب الأموال بل اتجاه إلى الاهتمام الشامل بجلب الأموال والتكنولوجيا وخبرات الإدارة الحديثة، ومن الاهتمام بجذب الاستثمار الأجنبى إلى اتخاذ أسلوب التمويل المشترك والتعاون لتطوير مجال صناعة الذهب.. فالتحدى الأكبر يتمثل فى ضرورة وجود معايير واضحة ومحددة لتعدين الذهب على نحو مقبول بيئيا واجتماعيا.. مع اتباع الأساليب العلمية فى منظومة تعدين استغلال الذهب بدأ من المنجم مرورا بالمصنع انتهاء بالتسويق، وهو ما يمثل دفعة للاقتصاد الوطني، وبشرط أن تتظافر جهود كل المعنيين نحو تحقيق هدف صناعة الذهب فى مصر.