منذ دخول الصناعة فى مصر وهناك حرص على الدخول فى صناعات ثقيلة وخفيفة لنفى كون البلاد زراعية فقط كما يردد الاستعمار وصناعات أخرى خاصة بالغزل والنسيج والسكر قبل الثورة ولم تحصل صناعة واحدة على الشهرة العالمية عدا القطن المصرى والذى تربع على العرش فترة غير قصيرة.
وتوالت السنوات منذ هذه الفترة ولم نسمع عن صناعة واحدة وصلت إلى العالمية سواء فى السلع الكهربائية أو المنزلية أو المنسوجات وذلك لأسباب عديدة أولها دخول البلاد فى حروب عديدة وتوجية منتجات الصناعة لسد احتياج المجهود الحربى ولم يدخل فى حساب القيادات التى تولت المسئولية فى هذا الوقت غير زيادة الإنتاج فقط بصرف النظر عن الجودة والسوق المحلى قادر على استيعاب أى منتج بصرف النظر عن الجودة وبسعر اجتماعي.
وظهرت فى هذه الفترة منتجات ذات جودة عالمية ومستوردة من اليابان وألمانيا وفرنسا وانجلترا وحتى الولايات المتحدة الأمريكية فى بعض المنتجات ويكفى سرد جهة الصنع لشراء أى سلعة دون التفكير فى السؤال عن خدمة ما بعد البيع وكانت تستورد هذه المنتجات فى شنط يد مهربة من الجمارك وكان يسمى فى هذا التوقيت تجارة الشنطة وكانت تدر أرباحاً كبيرة على أصحابها وأثبتت التجربة أن هذه المنتجات المعمرة لا تحتاج إلى صيانة إلا بعد فترات طويلة سواء كانت سلعاً معمرة أو استهلاكية.
والوصول إلى العالمية علم واتقان وليس بالفهلوة والشطارة وهو ما يمكن أن يتحقق إذا ما أحسن استخدام هذه الآليات والدليل على ذلك ظهور دول جديدة اخذت موضوع الصناعة بجدية مثل كوريا وماليزيا وفيتنام وتقاس الصادرات لكل دولة بما لا يقل عن 200 مليار دولار سنوياً ويستخدم الصناع فى هذه البلاد ما يسمى بالسراير الساخنة نسبة إلى قيام العمال بعدم ترك السرير ليبرد لتوفيره لعامل آخر يستطيع الحصول على قسط آخر من الراحة.
عرفت هذه الشعوب الجديدة أن كسب ثقة المستهلك هى الأساس وحققت هذه الشعوب المراد من النهضة الصناعية ودخلت فى صناعات جديدة أبرزها الهاى تك وعلوم الفضاء والذكاء الصناعى والوصول إلى العالمية ليس صعباً ولن يكون مفروشاً بالورود ويتم الوصول لها بتفعيل مبدأ الاهتمام بالجودة والحوكمة فى كل خطوات التصنيع فى جميع مراحلها بشرط أن تكون هذه المباديء قانون عمل يلتزم به كل من العامل والمدير ويكون الاجر على قدر الانجاز واستبعاد المحسوبية وما يسمى بالاشتراكية فى توزيع الحافز.
وأقرب الصناعات المصرية الآن للوصول إلى العالمية هى الغزل والنسيج بشرط الالتزام بالجودة الكاملة فى كل المراحل الصناعية والسعر المناسب للسوق العالمى والمحلى ايضا وإذا نجحت هذه المصانع فى الحصول على ثقة المستهلك المحلى يمكن لها الحصول على ثقة المستهلك العالمى وهناك صناعات أخرى فى الطريق مثل البرمجيات والبتروكيماويات والذهب والأسمدة هى الأخرى مرشحة للوصول إلى العالمية بعد أن لفظ العالم المتقدم الصناعات الملوثة للبيئة.