الطموح لا حد له ولا توقفه العوائق مهما كانت، لكنه إن وجد من يشجعه ويبحث عن أهل هذا الطموح فإنه يستطيع أن يأخذ أمته إلى مصاف الأمم، ويقطع الطريق الطويل فى وقت وجيز لأنه اعتمد على أفضل وأقوى الوسائل.. هذا ما يمكن أن يقوله متأمل وهو يتابع قصة الدكتور علاء محمود عبدالستار حسين مؤذن مسجد الهداية بالأوقاف والحاصل على الدكتورة فى اللغويات بجامعة عين شمس، ويستعد للحصول على الليسانس من كلية القرآن الكريم بجامعة الأزهر بطنطا.
«الجمهورية» حاورت الدكتور علاء الذى أمر وزير الأوقاف بتكريمه ومكافأته بعدما علم اجتهاده فى عمله واخلاصه فى رسالته وتفوقه علميا.
> سألت الدكتور عن سر هذا الطموح والنجاح؟
>> أستطيع أن اختصر الإجابة فى جملة واحدة: إنه القرآن الكريم الذى حفظته صغيرًا ففتح لى أبواب حب العلم والتعلق به مهما كانت الظروف، وعلمنى عدم اليأس وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا.
> لكن كيف كانت البداية؟
>> عندما حصلت على ليسانس اللغة العربية فى كلية الآداب جامعة عين شمس عام 2005م وقررت الإقامة فى القاهرة لتكملة الدراسات العليا فى كلية الآداب، تعلق قلبى بمسجد الهداية بالعبور التى أقيم فيها، أصلى فيه الصلوات، وأؤذن إذا لم يحضر من يؤذن، بل وأصلى بالناس إن غاب الإمام، ولم يكن المسجد حينها تم ضمه إلى وزارة الأوقاف، فلما تقرر ضمه عام 2009م وعُرِض عليَّ أن أُضَّم إليه مؤذنًا قبلت وأنا سعيد بذلك، وواصلت دراستي، فحصلت على الماجستير فى اللغويات وكان موضوع الدراسة «المصدر الصناعى والاسم المنسوب.. دراسة صرفية نحوية دلالية»، وأما الدكتوراه فكانت بعنوان «التغيير لغير معني.. دراسة نحوية صرفية دلالية.»
> ألم تفكر فى البحث عن عمل آخر بعد الحصول على الدكتوراه غير عمل المؤذن؟
>> الحقيقة بحثت وعملت أحيانا مدقق لغة فى إحدى الصحف أون لاين، لكن تعلقى بالمسجد لم يتزعزع، فضلا عن تعلق رواد المسجد بي، فأنا أؤذن وأصلى بالناس، وأحيانا يكون هناك عجز فى عدد الخطباء فأكلف بالخطبة فى بعض المساجد التى يغيب الإمام عنها لعذر ما، لذا قررت بعد الدكتوراه الالتحاق بكلية القرآن الكريم بطنطا جامعة الأزهر خاصة وأننى حاصل على معهد قراءات، وانتظر هذا العام الحصول على شهادة المؤهل منها.
> هل كنت تتوقع أن تلتفت الوزارة اليك بهذا التكريم؟
>> الحقيقة كنت اتوقع وانتظر هذه الفرصة لأن الوزارة منذ فترة ركزت البحث عن النابهين من أبنائها، وكنت أتصور أن يحدث هذا معى يوما ما لكنى فى كل الأحوال كنت أواصل الدراسة حبا فى اللغة وآدابها وعبقريتها.
> هل حاولت تقديم تسوية للمؤهل لتكون فى وظيفة مناسبة كما حدث مع كثيرين؟
>> حقيقة: لا.. لأنى قررت ألا أقدم على التسوية إلا بعد الحصول على الدكتوراه، وحصلت عليها وانتظر موعد التقدم إلى التسوية المرة القادمة.
> إذن فأنت تؤهل نفسك لتكون إمامًا بشكل رسمي؟
>> طموحى إفادة غيرى بما تعلمته من خلال اهتمام الوزارة بالأئمة وإعداد الخطباء، فأتمنى أن يكون لى دور فى هذا، فهناك صلة كبيرة بين تخصصى وفن مخاطبة الناس، فالخطابة فن ومهارة لغوية، ويستطيع الخطيب الماهر توظيف عناصر أداء الخطبة للوصول بالفكرة إلى الناس إقناعا وتأثيرها، فإن الخطابة فنٌ يتضمن المفردة اللغوية والتراكيب الإنشائية ونغمة الصوت والإشارة وتعبيرات الوجه فضلا عن الفكرة وغير ذلك من أدوات تعين الخطيب على توصيل رسالته.
> ما دام الحديث قد أخذنا إلى هذه النقطة.. فما هى العيوب التى قد يقع فيها الخطيب فى أداء رسالته؟
>> أخطر العيوب التى قد يقع فيها الخطيب اللحن فى القرآن، وكذلك اللغة العربية، ثم طول العبارة التى قد يتوه معها المستمع وقد يضيع المعنى بسببها، وقد لا يُتِّم المتحدث جملته هذه، أى إذا بدأ بمبتدأ لم يذكر خبره، وإذا ذكر الفعل والفاعل، قد لا يذكر المفعول، لأنه حشا عبارته بجمل اعتراضية كثيرة تفسد المعني، وتشتت المستمع، وكذلك بعض الخطباء يقعون فى دائرة التكرار، فيعيد ما يقول فى الخطبة الواحدة دون جديد، كما يستخدم بعضهم مفردات غريبة لا تناسب جمهور الحضور، لأن الجمهور وطبيعته عامل مهم فى اختيار الخطيب مفرداته وأسلوبه وامثلته، والخطيب الماهر يَعْرف أسس الخطابة التى تقوم على الإقناع والامتاع، وهذان الأمران يتحققان من خلال لغة فصيحة وتراكيب قصيرة واضحة، فالخطيب الماهر دقيق فى ألفاظه وجمله قصيرة.
> ماذا أضاف اليك تكريم الوزير؟
>> تكريم د. أسامة الأزهرى زادنى حرصا على الاستمرار فى البحث العلمى لأن البحث العلمى لا ينتهى بالدكتوراه وإنما يبدأ وكلما وصل الباحث إلى ذروة ما يبحث عنه، فوجئ ببحر أوسع من العلم والبحث يدعوه إلى الإبحار، لذا انصح الشباب بالعلم مهما بدا للبعض أن هناك طرقاً غير العلم تحقق للبعض السعادة، أما أروع ما فى التكريم فهو بتوقيع عالم كبير موسوعى الفكر له قدم ثابتة فى مجاله أكن له حبا وإجلالا.
> أخير ما رأيكم فى توحيد الخطبة؟
>> توحيد الخطبة فكرة مهمة لأنها تأتى فى إطار توعية الناس بشكل منظم كما أنها فكرة بدأت فى ظروف كان البلد يحتاج فيه إلى هذا المنهج التوعوى الجماعى فضلا عن أن التوحيد يتضمن العنوان فقط ويترك للإمام أداء خطبته حسب ثقافته وسعة اطلاعه بشرط الالتزام بالجوهر.