إذا شاهدت أمامك مسرحاً استعراضياً كبيراً مزدحماً بالمواطنين وتظهر فيه الأضواء والكريستالات اللامعة على الجانبين وعروض لعب الاطفال وشموع الافراح وسبوع المواليد وعلب الحلوى بأشكالها ومستوياتها المختلفة من الفضة والمطعمة بالذهب إلى تلك المصنوعة من الورق لجميع المناسبات فاعلم انك تسير فى شارع الموسكى الذى يتوسط القاهرة التاريخية القديمة ويضم بين شوارعه الجانبية قصصاً وحكايات عن تاريخ مصر.. تم انشاء هذا الشارع الأسطورة على مدى عمر خمسة من حكام مصر من أسرة محمد على وهم على باشا الكبير وعباس الاول وتوقف فى عصر سعيد باشا ثم استؤنف العمل به مرة أخرى فى عهد الخديو إسماعيل إلى ان اكتمل بناؤه فى عهد الخديو توفيق.. وترجع تسمية شارع الموسكى بهذا الاسم إلى الأمير عز الدين موسك أحد أقارب صلاح الدين الايوبى والذى عاش فى القرن الثانى عشر الميلادى حيث قام ببناء قنطرة الموسكى.. ويبدأ هذا الشارع من آخر شارع السكة الجديدة عند قنطرة الموسكى بجوار قسم الشرطة لينتهى عند شارع العتبة الخضراء. وأثناء وجود الحملة الفرنسية فى مصر قام الجنود بهدم بعض بيوت الأمراء ومنهم بيت الأمير عز الدين موسك وقنطرة الموسكى وأنشأوا طريقا من قنطرة الموسكى إلى ميدان جامع أزيك.. وهذا الطريق هو شارع الموسكى حاليا.. ثم امر محمد على بتوسيع الأزقة والشوارع وبناء مستشفيات وقد كان له الفضل الكبير فى تنظيم وتنظيف الشوارع وازالة الأنقاض التى كانت تحيط بالقاهرة.. ولم تتوقف جهود محمد على عند ذلك فقد اصدر قراراً بشراء الأملاك التى تعترض الشارع وتولى قلم الهندسة فى ذلك الوقت تخطيط الشارع المقترح وشق الطريق ليتم فتح الشارع عام 1849، وقد سهل هذا الطريق حركة التجارة وسط القاهرة الفاطمية، كما فتح الطريق امام التجارة الأوروبية حيث سكن فيه كثير من التجار الأجانب تحديداً فى حارة الفرنج وكان اغلبهم من اليهود.. وعند افتتاح قناة السويس دعا الخديو إسماعيل ملوك وأمراء الدول المختلفة كما دعا رؤساء الشركات الكبرى وكبار الكتاب لحضور الاحتفال وقبل الافتتاح دعاهم لزيارة القاهرة وقضاء 5 أيام فيها وكان برنامج اليوم الاول لهذه الرحلة زيارة حى الموسكي.. وفى عهد عباس حلمى كان بداية إنشاء المدارس الأجنبية فى مصر حيث أنشأ الفرنسيون مدرستين للبنين واختاروا حى الموسكى لبنائهم فيه.. ومن اشهر المناطق فى هذا الشارع حارة اليهود الموجودة حتى الآن التى عاش فيها اشهر العائلات اليهودية قبل ترحيلهم من مصر ومازالت هناك بقايا من مبانيهم القديمة . هذا بالإضافة إلى مختلف المبانى الدينية التى تنتمى لعصور متتابعة ففيه من المساجد الأثرية مسجد«الغربان» و مسجد «الرويعى» و«الجامع الاحمر» إلى جانب عدد من الكنائس «كنيسة الأرمن الغرغورى» و«الافرنج الكاثوليك» و»الأرمن الكاثوليك».. هذا بخلاف 13 معبداً يهودياً لم يتبق منها الآن إلا ثلاثة وهى «معبد موسى بن ميمون» الذى كان طبيباً وفيلسوفاً شهيراً فى بدايات القرن الثانى عشر الميلادى وكان مقرباً من السلطان صلاح الدين الايوبى ومعبد «باريوحاى» ويقع فى شارع الصقالبة والثالث هو معبد «ابو حاييم كابوس» فى درب نصير. بالإضافة إلى العديد من العقارات ذات الطابع التاريخى والطراز المعمارى الفرنسى مثل عمارة «تيرنج» بسوق الجوهرى والتى تظهر على شكل كرة يحملها أربعة ملائكة وتصنف كتحفة فنية وأثر تاريخى ومبنى لوكاندة البرلمان. وكان شارع الموسكى قديماً يباع ويشترى حيث ترجع ملكية نصف الشارع إلى عائلة سلاطين التى استوطنت مصر وعاشت بها. وتتردد قصة طريفة حول شارع الموسكى ان محمد على استفتى العلماء فى فتح الشارع ومساحة عرضه فأفتوه بأن يجعل عرضه يسمح بمرور جملين محملين بالتبن دون مشقة فى مروركما وبناء على ذلك يكون عرض الشارع 8 أمتار، فكانت تتردد دائماً كلمة الشارع اللى يفوت جملين.