بعد اغتيال إسرائيل لإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى قلب إيران.. ماذا بعد؟ وإلى أين؟ وما هو الجديد الذى تشهده دولة الاحتلال الإسرائيلى حتى تستمر فى عدوانها على قطاع غزة قرابة الـ10 أشهر.. ليس هذا فحسب.. بل لديها رغبة محمومة ومسمومة لاشعال العديد من الجبهات سواء مع حزب الله فى لبنان أو الحوثيين فى اليمن، أو تصاعد التوتر مع إيران.. وتبادل الضربات.. أو أذرع طهران فى المنطقة.. ما هو الذى يدفع دولة الكيان الصهيونى إلى تحمل هذه الفاتورة الباهظة على كافة الأصعدة سواء فى الأرواح والآليات وفشل اطلاق سراح الرهائن والمحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية.. أو فضائح الاتفاق العسكرى المزرى لجيش الاحتلال وكونه لم يحقق أياً من الأهداف المعلنة وغير المعلنة.. أو التعرض إلى حالة الانكشاف والسقوط الأخلاقى فى نظر الرأى العام العالمى والعزلة الدولية أو الخسائر الاقتصادية الباهظة أو القدرة على تحمل تداعيات الانقسام الحاد داخل إسرائيل سواء فى الانشقاقات والتصدعات السياسية أو انقلاب الرأى العام العسكرى على نتنياهو وحكومته المتطرفة أو الخلاف الحاد بين الإدارتين السياسية والعسكرية.. ولماذا تصر على التصعيد ومحاولات إشعال المنطقة وتوسيع رقعة ودائرة الصراع بما ينذر بحرب شاملة فى الإقليم؟.. لماذا يتمسك نتنياهو بسياسات نيرون؟.. هل لدوافع شخصية أو عقائدية أو انتهازية سياسية لضمان سلامة رقبته السياسية وعدم تعرضه للتحقيق والمساءلة والعقاب؟.. وهل مازالت لديه آمال سياسية ، وعلام يراهن نتنياهو؟.. هل يسعى لإحداث نصر حتى ولو كان وهمياً يتسلق به سلم الاستمرار على السطح السياسى أم أن هناك مشروعاً شيطانياً ومخططاً خبيثاً جرى الاتفاق عليه لتحقيق أهداف كثيرة تعيد صياغة المنطقة لصالح الكيان وقوى الشر والنفوذ والهيمنة؟.. تستفيد إسرائيل بمحاولات وضع قدم على أعتاب إسرائيل كبرى فقد كانت تحلم بنجاح مخطط تصفية القضية الفلسطينية واجبار سكان قطاع غزة على النزوح إلى الحدود المصرية.. والضغط من أجل أوهام الصهاينة فى توطينهم بسيناء وهو المخطط الذى تحطم على صخرة القوة والقدرة المصرية.. بحسم قاطع من قيادة سياسية مصرية وطنية شريفة مخلصة واستثنائية قلبت الطاولة فى وجه المتآمرين.. وتوعدت وحذرت وهددت من مغبة الإقدام على هذه الخطوة.. وباتت مصر هى الشوكة التى تقف فى حلق المؤامرة والأوهام الصهيونية.. هل ثمة مصالح اقتصادية تحظى بدعم من بعض القوى لإسرائيل تمويلياً وبالمواقف والقرارات السياسية والدبلوماسية وأيضاً بالأسلحة المتطورة والعتاد العسكرى وعشرات المليارات من الدولارات؟
ما الذى جرى من جديد فى إسرائيل حتى تدخل فى نفق المقامرات والمغامرات بمستقبل ووجود دولة الاحتلال لتتحمل كل هذه الخسائر والضربات الموجعة والقتلى والأسري؟ هذه التساؤلات تحتاج بطبيعة الحال إلى إجابات ودراسات لتصل إلى دوافع الكيان الصهيونى وما الذى تغير فيه، فقد كان يعتمد على الضربات والحروب الخاطفة التى لا تستغرق وقتا.. اعتماداً على غفلة الخصم.. يحقق المفاجأة أو استغلال حالة الضعف.
التصفيق الحاد فى الكونجرس لكلمات نتنياهو العبثية وكمجرم حرب يفضح واشنطن ويعزز أنها جزء كبير مما يحدث فى المنطقة والشرق الأوسط وأيضاً فى قطاع غزة.. فلا أدرى كيف يمكن ان يأمن ويطمئن العالم وأمريكا تستمر على رأس النظام العالمى القائم.. لتروج وترسخ الظلم والقهر والقتل والإرهاب والابتزاز ونشر الفتن والمؤامرات والمخططات وازدواجية المعايير.. وإسقاط الدول وشرعنة الاحتلال.. حتى بات هذا العالم مثل الغاب يقتل فيه الأطفال والنساء وتدار حروب إبادة ضد الشعوب بدم بارد فى غياب تام لكافة القوانين والقانون الدولى الإنسانى أو حتى العقل والمنطق أو أدنى معايير الإنسانية.. وقد باتت مقولة أن أمريكا هى شيطان العالم حقيقة على أرض الواقع.. فعشرة أشهر لم تكن كافية أمام واشنطن بل أمام المجتمع الدولى لايقاف حرب الإبادة والتجويع والقتل والحصار والتدمير الشامل والكامل على قطاع غزة.. فى الوقت الذى تتحرك فيها الأساطيل الأمريكية إذا تم القبض على إرهابى قاتل ومجرم وتطلق العنان لأوهام وتشدقات حقوق الإنسان.. تلك اللافتة التى طالما خدعت بها شعوباً مغيبة باتت تلعن نفسها بعد أن فقدت كل شيء.. العدوان على لبنان مع تمثيلية صاروخ مجدل شمس بالجولان المحتل واستهداف الضاحية الجنوبية ربما ينذر باتساع المواجهة لتصل إلى الحرب الشاملة وهو ما يهدد باشتعال المنطقة المأزومة فى الأصل فى ظل تهديدات حزب الله وإيران وما لديهما من أسلحة وصواريخ قادرة على الوصول إلى العمق الإسرائيلى وإحداث خسائر فادحة.. لذلك فإن إسرائيل تخشى من تداعيات الاستهداف المطلق للبنان خشية تورطها فى خسائر أكثر فداحة بعد اخفاقات وخسائر وفضائحها فى قطاع غزة ووصول الحوثيين إلى العمق الإسرائيلى بمسيرات إلى ضرب أهداف فى تل أبيب.
حالة التراشق والتلاسن والتهديدات بين تل أبيب وطهران مستمرة وتحول المواجهات بين حزب الله وإسرائيل إلى حرب شاملة.. يشير إلى تدخل إيران ومزيد من الحشد من اليمن والعراق وسوريا ولبنان.. لذلك فإن الشرق الأوسط فى حالة ترقب.. يعيش على فوهة بركان لا أدرى ما هى أهداف نتنياهو من الإصرار على توسيع دائرة الصراع وإشعال المنطقة واستمرار العدوان على قطاع غزة واجهاضه الوصول إلى اتفاق لوقف اطلاق النار فى غزة وتبادل الأسري.. فهو يلعب بالنار التى لن تنجو منها إسرائيل المرتبكة والمذعورة والمنهكة عسكرياً واقتصادياً.. ولولا الدعم الأمريكى والغربى المطلق لكانت فى وضع مأساوي.
حماقة نتنياهو قد تجلب المزيد من الإشعال فى المنطقة.. فلا يمكن ان تتوقع ردة فعله لدرجة ان هناك بعض المحللين يؤكدون ان الحل سيأتى من داخل إسرائيل فى ظل الانقسام الحاد الذى وصل إلى جيش الاحتلال.. ولم يعد ضباطه وجنوده لديهم القدرة على الاستمرار وخطورة استمرار العدوان على مصير الرهائن والأسرى الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية بعد الفشل على مدار ما يقرب من 300 يوم فى اطلاق سراحهم.
مصر حذرت ومازالت من تداعيات استمرار العدوان والتصعيد الإسرائيلى الذى من شأنه أن يؤدى إلى اتساع الصراع وينذر بحرب شاملة وهو ما يحدث بشكل متدرج على أرض الواقع.. وربما تكون الجبهة اللبنانية هى مفتاح الاشتعال.. وطالبت مصر بالتدخل الدولى السريع والعاجل لانقاذ المنطقة من هذا المصير الذى سيطال الجميع.
تركيا دخلت على الخط وبدت تهديدات أردوغان واضحة فى التلويح بالتدخل العسكري.. كل ذلك يحدث فى منطقة تشهد أزمات وصراعات وحرائق ومواجهات محتملة.. فإن طبول الحرب بدأت فى التسخين فهل يعبر الشرق الأوسط أخطر فتراته أم أن هناك من يسعى إلى إحراقه؟
الحقيقة ان إدارة القاهرة لما يحدث فى المنطقة تشير إلى حكمة وعبقرية وتبذل جهوداً مكثفة من أجل انقاذ الشرق الأوسط والحفاظ على حقوق الأشقاء الفلسطينيين وانقاذ لبنان الشقيق.. لكنها على دراية كاملة بما يخطط لمستقبل المنطقة وهى أهم أهداف قوى الشر.. قلنا ان الأقوياء لا أحد يقترب منهم.
تحيا مصر