أخطر ما فى وزارة الحرب الإسرائيلية أنها متطرفة «حتى النخاع» وتهوى القتل والدم والدمار، ومن يستعيد مشاهد شن العدوان الإسرائيلى على غزة منذ نحو عشرة شهور وحتى الآن، يدرك أن تل أبيب بدت وانها تنوى إبادة سكان القطاع والتوسع فى القتال وتوريط أطراف أخرى بالمنطقة، وهو ما حدث وحذرت منه مصر فى حينه وما زالت تحذر منه، سيما بعد تهديد إسرائيل بضرب جنوب لبنان واتهامها لحزب الله بشن هجوم صاروخى على بلدة «مجدل شمس» فى الجولان المحتل بسوريا. وقبل الدخول فى تفاصيل الجريمة الجديدة التى قد تقدم إسرائيل عليها خلال الأيام القادمة، علينا فقط ملاحظة أن إسرائيل تنطلق فى حروبها بالمنطقة من مدن عربية مثل غزة وباقى الأراضى الفلسطينية، وتوجه تهديداتها إلى مدن عربية فى الجنوب اللبناني، وتتحجج بقصف «حزب الله» لبلدة عربية احتلها الجيش الإسرائيلى عام 1967ضمن الجولان السورى المحتل حتى وقتنا الحالي.
الملاحظة الثانية فى هذا السياق، تتعلق باصرار إسرائيل على ايجاد مبرر «مصطنع» لضرب جنوب لبنان، ثم بإسراع الولايات المتحدة لتأييد الرواية الإسرائيلية وقول وزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن: «إن بلاده تؤيد حق إسرائيل فى الدفاع عن مواطنيها من الهجمات الإرهابية»، وهذه العبارة بالتحديد نتذكرها جميعاً فى بداية العدوان على غزة «أكتوبر الماضي»، فقد كانت سبباً مباشراً فى تشجيع إسرائيل على شن الحرب على سكان القطاع والتى أدت لاستشهاد وإصابة أكثر من 130 ألف فلسطينى هذا غير عشرات الآلاف الآخرين ممن ماتوا تحت الأنقاض ولم يتم تسجيلهم من قبل وزارة الصحة، فضلاً عن الدمار الذى لحق بالقطاع والذى يحتاج سنوات طويلة لإعادة الإعمار، وهنا يثار سؤال وهو: هل إسرائيل والولايات المتحدة متفقتان على تكرار عدوان غزة على أهالى لبنان، وهل الجنوب اللبنانى سيشهد سيناريو «2006» والإجابة ان تصريحات نتنياهو ووزير دفاعه «جالانت» تشير إلى ذلك.
الملاحظة الثالثة وهى مرتبطة بمصير المنطقة فى حال امتداد الحرب إلى لبنان، إذ أن التوقعات تشير إلى نشوب حرب شاملة تكون أطرافها إلى جانب إسرائيل حزب الله اللبنانى والتنظيمات المسلحة فى سوريا والعراق، وجماعة الحوثى فى اليمن التى ستواصل استهدافها لسفن مرتبطة بإسرائيل فى البحر الأحمر، وربما يعيد الحوثيون استهدافهم للمدن الإسرائيلية بالطائرات المسيرة، وقد يتم توريط إيران بغرض ضرب منشآتها النووية، أما باقى السيناريو فهو معروف: اشتعال النيران فى الشرق الأوسط يقابله صمت غربى وعجز دولى عن أى فعل يمنع الإسرائيليين من تنفيذ مخططهم الصهيوني.
هكذا هى الصورة المتوقعة للمنطقة فى حال تنفيذ إسرائيل تهديداتها بضرب لبنان، وهو ما أشارت إليه الدبلوماسية المصرية محذرة من انزلاق المنطقة لحرب شاملة ومؤكدة على أهمية دعم لبنان وشعبه ومؤسساته وتجنيبه ويلات الحرب، وفى نفس الوقت واصلت مصر ممارسة دورها المهم والحيوى لوقف اطلاق النار فى غزة وسعيها إلى إدخال المساعدات وإنهاء معاناة سكان القطاع، وهنا نتوقف عند ملاحظة رابعة فى هذه القراءة السريعة، وتتعلق بإستراتيجية مصر لإدارة مثل هذه الأزمات التى تهدد المنطقة العربية، فالدولة المصرية التى تؤمن بالسلام وتعد شريكاً أساسياً فى تحقيق الأمن والسلم الدوليين، حرصت خلال السنوات القليلة الماضية على الإرتقاء بالشق الثانى من المعادلة» بأن السلام يحتاج إلى قوة تحميه» وهو ما نجحت فيه القيادة السياسية بتنويع مصادر السلاح وتطوير إمكانات القوات المسلحة وامتلاك القدرة على حماية حدود مصر ومقدساتها فى أى وقت وتحت أى ظروف.
ولكن وفى كل الأحوال ، فإن العالم مطالب بوقف غرور وجنون وزارة الحرب فى إسرائيل، ومنعها من التوسع فى الحرب فى لبنان أو أى دولة ومدينة عربية، لأن النيران ستطال الجميع، وفى المقدمة منهم بنى صهيون.