على مدى عقد من الزمان، تجلت الإرادة الوطنية للمصريين في أسمى معانيها بكل ما بدا من هدوء واستقرار نتيجة تأمين الدولة وتحصينها ضد مخططات الفوضى والإرهاب، وفي كل تحرك قام به الرئيس عبدالفتاح السيسي في الداخل والخارج، وفي كل مشروع تنموي بدأ يؤتي ثماره، حتى عندما تأثرت مصر بتداعيات انتشار فيروس كورونا عام (2020) وبالآثار السلبية للحرب الروسية الأوكرانية (2022)، ثم بالنتائج الخطيرة للتوترات والحروب المشتعلة في المنطقة وتفاقمت بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، فإن هذه التأثيرات ظلت مقصورة على الجانب الاقتصادي فقط، وبات العالم يحسد مصر على نعمة الأمن والأمان والاستقرار السياسي، أيضا عندما حاولت جماعة الإخوان الإرهابية استغلال انعكاس الأزمة الاقتصادية العالمية على الداخل المصري، فإن المصريين تصدوا لهذه المحاولات وأفشلوا الحملات الاعلامية الإخوانية«المضلله» التي تستهدف الإضرار بالمجتمع والانسان المصري.
وحقيقة فإن انتصار الإرادة الوطنية خلال العقد الماضي، لم يكن إلا امتدادا لانتصارات اخرى حققها الشعب المصري في تاريخه القديم والحديث وفي الصدارة منها: نصر أكتوبر 1973 الذي تجلت فيه إرادة الشعب والقوات المسلحة في أعلى صورها، بالمجهود الحربي وبمشاركة مئات الالاف من المصريين في معركة الشرف والكرامة والتي انتهت بعبور قناة السويس وتحطيم خط بارليف الحصين والانطلاق نحو تحرير كل سيناء بإجبار إسرائيل على القبول بالسلام، كذلك فإن الإرادة الوطنية تجلت بصورة مذهلة في ثورة 30 يونيو 2013 والتي أنهت حكم جماعة الإخوان الإرهابية ومثلت العبور الثاني للمصريين في تاريخهم الحديث، وكانت بمثابة نقطة الانطلاق نحو بناء دولة عصرية حديثة تليق بمصر ومكانتها بين شعوب المنطقة و العالم.
في كلمته بمناسبة الاحتفال بالذكرى «72» لثورة 23 يوليو التي شكلت إحدى أهم تجليات الإرادة الوطنية المصرية في القرن العشرين، قال الرئيس عبدالفتاح السيسي: لعل من عادات وتقاليد الشعوب العريقة.. وعلى رأسها الشعب المصري العظيم.. التدبر في دروس التاريخ وعبره.. والتعلم من الماضي.. بإنجازاته وانكساراته.. وانتصاراته وعثراته.. لضمان استمرار مسيرة التقدم الوطني.. وتحقيق المصالح العليا للوطن . ولقد تعلمنا من دروس ثورة يوليو وتجربتها.. عدم التفريط أبداً في الاستقلال الوطني.. وصون كرامة الوطن ومواطنيه.. وبذل أقصى الجهد.. تحت جميع الظروف.. لتعزيز العدالة الاجتماعية.. وحماية الفئات الأكثر احتياجا. كما رسخت ثورة يوليو المجيدة.. دور مصر الفاعل، في محيطها العربي والأفريقي.. واسهامها الكبير، في الدفاع عن حقوق ومصالح دول الجنوب.. في جميع قارات العالم وهو ما حافظت عليه مصر.. من خلال دور نشط وقيادي.. في المحافل الدولية المختلفة.
الرئيس السيسي قال أيضا: إن مصر تواكبت مع تغيرات الزمن.. فانفتحت على العالم.. وجاهدت لتحسين قدراتها الاقتصادية والاستثمارية، والعمرانية والصناعية واندمجت في منظومة التجارة العالمية.. مع التركيز الدائم.. على حماية الاقتصاد الوطني بقدر المستطاع.. من تقلبات الاقتصاد العالمي وصدماته.. والعمل من خلال منظومات متكاملة وفاعلة.. على توفير الحماية الاجتماعية اللازمة . كما حافظت مصر على أرضها وسيادتها واستقلالها.. وأرست سلاماً قائماً على العدل واسترداد الأرض.. مع التمسك الراسخ والثابت.. بحقوق أشقائها ومصالحهم.. وخاصة الأشقاء الفلسطينيين.. وحماية قضيتهم العادلة من التصفية.. والعمل المكثف لمساندة حقهم المشروع.. في الدولة المستقلة ذات السيادة.
اختتم الرئيس كلمته بالقول: إن الواقع الإقليمي والدولي الراهن.. يفرض على مصر، وغيرها من الدول.. تحديات جديدة وأوضاعا مركبة فما بين زيادة التوتر والمواجهات الجيوسياسية.. على مستوى النظام الدولي.. إلى ما يعاني منه المحيط الإقليمي.. من انتشار الحروب والصراعات والاقتتال الأهلي.. وتمزق بعض الدول وانهيار مؤسساتها.. والأوضاع الإنسانية الكارثية، وانتشار المجاعات، والنزوح بالملايين تضيف هذه الظروف غير المسبوقة.. أعباء هائلة على مصر.. لا يخفف منها.. سوى ما أعلمه يقينا.. من قوة شعبنا العظيم.. وصلابته أمام الشدائد.. وتماسكه ووحدته.. كالبنيان.. يشد بعضه بعضا.. بما يجعلني واثقا – بإذن الله وفضله – أن مصر.. ستعبر تلك المرحلة المضطربة إقليميا ودوليا.. وستواصل تقدمها ومسيرة تنميتها وبناء دولتها.. بما يحقق تطلعاتنا جميعا.. في وطن حر كريم.. ومستقبل مشرق.. لجميع أبناء الوطن.
وصف دقيق
لقد قدم الرئيس السيسي في كلمته بالاحتفال بذكرى ثورة 23 يوليو، في وصفاً دقيقاً للحالة المصرية على مدى يزيد على سبعة عقود، مرت مصر خلالها بعثرات كثيرة، وتحديات خطيرة، بما فيها تحدي الأزمة الاقتصادية الحالي الذي فرضته الظروف العالمية، والتوترات التي يعاني منها الاقليم والعالم، غير أن مصر في كل الأحوال قادرة على التعامل مع كل هذه التهديدات والتحديات وقادرة كذلك على مواصلة الإنجازات، والرئيس هنا يجدد آمال المصريين في مستقبل أفضل، وذلك بناء على واقع يدركه الرئيس جيدا وهو الإمكانات الهائلة التي توافرت في مصر خلال السنوات العشر الماضية،، فضلا عن إدراكه العميق لوحدة الشعب المصري خلف قيادته السياسية مهما كانت الظروف و التعقيدات، مستندا في ذلك إلى ما حققته مصر خلال العقد الماضي من إنجازات شملت كل القطاعات والمجالات والتي لا تستطيع جماعة الإخوان الإرهابية (أو غيرها) محوها أو تشويهها.
عام التعافى
وفى لقاء بكبار الكتاب والصحفيين والإعلاميين ورؤساء الهيئات الإعلامية هذا الأسبوع، قال الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء إن الدولة المصرية فى رؤيتها للخروج من النفق المظلم الذى كنا عليه منذ ٤ أو ٥ أشهر، فالمواطن لم يكن لديه أمل لحل مشكلة الدولار الذى تخطى حاجز الـ 60 والـ 70 جنيهاً، وهناك من توقع أن يتخطى الـ 100 والـ 120 جنيها.. وكانت الأسعار تختلف للسلعة الواحدة وكل ذلك تم تجاوزه من خلال الإجراءات التى تم اتخاذها وهو ليس بمشروع رأس الحكمة فقط إنما بإجراءات كثيرة تم العمل عليها إلى جانب ذلك المشروع منها إبرام اتفاقيات مع مؤسسات دولية.
الدكتور مدبولى قال أيضاً إن الحكومة تعمل جاهدة لاكتساب ثقة المواطن وسط الظروف الاقتصادية الصعبة.. مؤكداً أن مصر نجحت فى تجاوز الفترة الأصعب على الاطلاق فيما يخص الوضع الاقتصادى وأن العام المالى الحالى هو مرحلة التعافى الكامل للاقتصاد المصرى.
أضاف أن الدولة تستهدف خلال العام المقبل زيادة معدلات النمو بتحقيق متوسط نمو 5.5 ٪ على الأقل.. مؤكداً أن مصر على الرغم من كافة الأزمات التى مرت بها لا تزال واحدة من أكبر الاقتصادات فى المنطقة على مستوى العالم.
عبقرية المصريين
وحتى تتضح الصورة بشكل أفضل فإن الرئيس يستند في ذلك إلى ذكاء المصريين ووعيهم وعبقريتهم، معتمدا على الإنجازات التي تحققت وأبهرت شعوب المنطقة والعالم خلال العشر سنوات الماضية، ولعل أهمها تلك العلاقة الوثيقة التي ربطت بين القيادة السياسية والشعب، فضلا عن النجاحات الأخرى والتي تتحدث عن نفسها في كل مكان: في الطرق والكباري ووسائل المواصلات، وفي المدن الجديدة، وفي التوسع في الأراضي الزراعية وتوطين الصناعة وفي السير بخطوات واسعة في تطوير خدمات التعليم والصحة ثم في توفير الحياة الكريمة لنحو 58 مليون مواطن بأكثر من 4600 قرية، منها قرى لم تشهد أي نوع من التطوير منذ أكثر من مائة عام.
لقد كانت استجابة الشعب لتحريك أسعار الوقود الأسبوع الماضي، وقبله التعامل مع ارتفاع اسعار بعض السلع الأساسية والخدمات أبلغ دليل على استيعاب المواطنين لمتطلبات هدف المرحلة الاستثنائية من تاريخ المنطقة والعالم، وأن الدولة مضطرة لذلك في إطار تأثيرات الأزمة الاقتصادية العالمية التي خلفتها الحرب الروسية – الأوكرانية، ولضمان تحقيق الأمن القومي وحماية حدود الدولة ومقدساتها في ظل الاضطرابات الحاصلة بجميع الإتجاهات الإستراتيجية للدولة: (الحدود الجنوبية والأزمة في السودان الشقيق، والحدودالغربية بالتوترات في ليبيا، والحدودالشرقية بالاضطرابات في البحر الأحمر، والحدود الشمالية الشرقية في الأراضي الفلسطينية وحرب الإبادة التي تخوضها إسرائيل ضد المدنيين العزل في قطاع غزة والتي تهدد السلام في المنطقة والعالم).
إيجابيات المرحلة
وهنا يجب الإشارة إلى أن تعقيدات الأحداث الإقليمية والدولية وزيادة التحديات والمخاطر التي تواجه مصر في الفترة الحالية، يمكن أن تزيد من إيجابيات الشخصية المصرية بحيث تكون أكثر استعدادا للمشاركة في التعامل مع الأزمة الاقتصادية والتصدي لأي محاولات للنيل من أمن مصر وسلامتها، وهو ما أكده عدد من المواطنين في تصريحاتهم لـ « الجمهورية الأسبوعي»، إذ شددوا على أن كل ما تروجه جماعة الاخوان الارهابية من اشاعات واكاذيب يدركه غالبية الشعب المصري جيدا، لافتين إلى أن المهم الآن التعامل مع الأزمة الاقتصادية التي خلفتها الحرب الروسية الأوكرانية والأوضاع المضطربة في الشرق الأوسط.
ترشيد الإنفاق
>قال هشام حسن «محاسب»: إن الظروف الراهنة تستلزم ترشيد الإنفاق في كل شىء في السلع والخدمات، فإذا كانت الأسرة تستهلك 6 دجاجات فيكفي ثلاث، وإذا كان لديها 6 لمبات فيكفي أيضا اثنتين أو ثلاث، وهذا الترشيد ينسحب على كل شىء في منزل الأسرة التي ستوفر من جانب نصف التكلفة، كما أن هذه التدبيرات ستقلل من فاتورة الاستيراد لبعض السلع التي تستلزم توافر عملات أجنبية .
أشار هشام حسن إلى ضرورة أن يكون لرجال الأعمال والأثرياء دور إيجابي، ليس بتوزيع الوجبات والمساعدات على الفقراء والمحتاجين، ولكن بإنشاء مشاريع توفر فرص عمل للشباب، وتدر عليهم عوائد مالية تساعدهم فى مواجهة الظروف الحالية.
> هاني الصادق «مدير مدرسة» قال: إن الشعب المصري يدرك ان بلاده تمر بمرحلة مهمة من تاريخها خاصة في ظل الاوضاع في فلسطين والسودان وليبيا، كما أن الأزمة الاقتصادية العالمية زادت من الضغوط على الحكومة والناس، لذا فالمطلوب من المواطن الآن أن يكون أكثر وعيا وأكثر إيجابية، وان يزيد من ساعات العمل والانتاج مع ترشيد الاستهلاك.
أشار إلى أنه لا يخشى من الحملات الاعلامية العدائية التي تبثها القنوات والمواقع الالكترونية التي تبثها الجماعة الارهابية فهي أحد اشكال التضليل الذي مارسته الجماعة أثناء سنة حكمها السوداءـ لافتا إلى ان الجماعة التي فشلت في كل شىء أثناء هذا العام، لا يمكن لعناصرها أن يزعموا غير ذلك «ففاقد الشىء لا يعطيه».
> مها عليش «بكالوريوس تجارة» قالت: إنها منذ بداية ارتفاع الأسعارة،وهي تتعمد ترشيد الاستهلاك، وانها حريصة على أن تستفيد بكل السلع التي تشتريها كما انها حريصة على ترشيد استخدام الكهرباء والغاز، مؤكدة أن تجربة السنوات العشر الماضية أثبتت صدق القيادة المصرية وصحة رؤيتها في ادارة شئون الدولة وتوجهاتها باعلاء قيم العمل والطموح والجدية والاتقان وتعزيز الثقة بالقدرة على الانتصار في معارك التنمية والتقدم في جميع المجالات.
> حنان عبدالرحمن «ليسانس آداب»، قالت إن جميع طوائف الشعب مطالبة الآن بأن تكون أكثر وعيا من سنوات مضت، وألا تتأثر بـ»ضلالات» الإخوان» واكاذيبهم فالجماعة الارهابية تريد اعادة الفوضى لمصر وهو لن يحدث على الإطلاق، فالأزمة الاقتصادية والزيادة الكبيرة في أسعار السلع والخدمات، كما تؤكد الحكومة دائما ستنتهي وستعود الأمور إلى مسارها الطبيعي.
التفاؤل بالمستقبل
نفس المعاني والإشارات الايجابية والمتعلقة بالمستقبل بعث بها خبراء السياسة والاقتصاد، وقالت الدكتورة أماني فاخر أستاذ الاقتصاد الدولي وعميد كلية التجارة بجامعة حلوان الأسبق، إن الحكومة الجديدة بما حملته من مجموعة اقتصادية وإجراءات على أرض الواقع ستوفر التنسيق اللازم بين الوزارات والهيئات بما يساهم في حل المشاكل الاقتصادية بجذب المزيد من الاستثمارات، مشيرة إلى أن هذه الخطوات ستزيد من ثقة المواطن وستزيد الشعور بالتفاؤل في المستقبل.
أضافت يجب أن يعرف المواطن أن النجاح في المجال الاقتصادي يحتاج بعض الوقت، مشيرة إلى ضرورة أن تواصل الحكومة سياستها التي تهدف إلى تعميق الصناعة، كما أن المواطن يحتاج أن يتخلص من بعض العادات الاستهلاكية من اجل ضبط معدلات الاستهلاك وتوفير العملة الصعبة التي تستخدم في استيراد بعض السلع، أيضا لابد أن يتشارك كل افراد الأسرة في العمل والانتاج وفي تخفيف الأعباء المعيشية.
أشارت إلى أن سعر البنزين في مصر حاليا – ورغم تحريك الأسعار قبل أيام – مازال هو الأقل على مستوى دول المنطقة والعالم ولكن مستوى الدخل عند بعض الأسر هو ما يحتاج لإعادة نظر من قبل الحكومة، محذرة من محاولات جماعة الإخوان الإرهابية التي تستهدف الإضرار بالدولة والشعب وقالت «يجب الا نعطي الفرصة لأية تدخلات في شئون مصر من أي جهة ومن أي نوع».
ريادة الأعمال
> الدكتور عمرو سليمان أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان قال إن ما يؤكد أن مصر في طريقها للانتصار على الأزمة الاقتصادية الناجمة عن التوترات الاقليمية والدولية هو تشجيعها لريادة الاعمال، غير أن هذا التشجيع يحتاج للمزيد من الخطوات والدعم لأن المشروعات الصغيرة والمتوسطة أصبحت تشكل أهم الحلول لمعالجة الفقر وانخفاض الدخل،لافتا الى ان ريادة الأعمال معناها أن الشخص صاحب المشروع يكون عنده أمل في بكره ولا يتأثر بأرتفاع أسعار السلع أو انخفاض معدلات التضخم.
أضاف أن آليات الاقتصاد اختلفت في الوقت الحالي، وان الاعتماد على الحكومة في كل شىء اصبح من الماضي، لذا فان انتشار ثقافة المشروعات الصغيرة والمتوسطة بين الشباب يزيد من فرص الحصول على عائد كبير كما يوفر فرص العمل، داعيا كل مواطن أن يبدأ بنفسه وأن يكون لديه مشروعه الخاص، وهو ما يساهم في تحويل مصر الى دولة منتجة ولا تعاني أزمة دولار.
أكد الدكتور عمرو سليمان أن اهتمام مصر بتطوير التعليم الفني سيشكل خطوة مهمة قريباً لأن يكون لدينا كوادر وطنية ورواد أعمال قادرون على إحداث الفارق وصناعة المستقبل.