أعتبر أن الحوار الوطني، هو أحد الإنجازات التاريخية للدولة المصرية فى العقد الأخير، لأنه اختيار ومسار عبقري، يعزز الاصطفاف الوطنى والتماسك المجتمعي، ويواجه بنوايا صادقة، وعقل وقلب مفتوحين، وبأفكار ورؤى ومقترحات تمثل كافة أنواع الطيف السياسى المصري، كافة القضايا العالقة والمزمنة، على مدار عقود طويلة، لم يقترب منها أحد، فالحوار الوطنى نموذج للإصلاح الحقيقي، توفرت له الإرادة السياسية القوية، والمخلصة والهادفة إلى جمع شمل المصريين، وتوحيد صفوفهم وإنهاء جميع مصادر الاحتقان والفرقة، وترسيخ ثقافة، وعقيدة مصرية أراها جديدة لم تحدث بصدق وجدية إلا فى عهد الرئيس عبدالفتاح السيسى وهى الحوار المفتوح، الذى لا توجد فيه خطوط حمراء طالما أن مساحات الاحترام الشامل لجميع الآراء ووجهات النظر والرؤى قائمة، فالهدف هو الوطن، وبناء جسور الثقة والتوافق، وترسيخ المصلحة العليا للوطن.
الحوار الوطنى الذى أطلقه الرئيس عبدالفتاح السيسى هو الحل السحري، لإرساء قواعد جديدة وأسس عميقة، يرتكز عليها الوطن، مانعة لفجوات أو عثرات أو إقصاء، بل تضم كافة القوى السياسية الوطنية، وجميع الأحزاب، فى إدارة عصرية تسمع وتنصت وتسجل، لتجمع جل الأفكار والرؤى التى من شأنها أن تفك شفرات قضايا وملفات وأزمات ظلت حبيسة الصدور، أو النوايا غير الجادة أو تجسد النزعات الاحتكارية للرأي، وتجاهل متعمد لباقى الآراء، لذلك فنحن أمام عمل عبقرى بكل ما تحمله الكلمة من معنى تتوافر له الإرادة السياسية والصدق والإخلاص فليس هناك أسمى من أن يكرر الرئيس السيسى أن الوطن يتسع للجميع، وأن الخلاف فى الرأى لا يفسد للوطن قضية، وأن ما قاله وأعلنه أصبح حقيقة وواقعاً على الأرض، بتحويل توصيات الحوار الوطنى ومخرجاته إلى قوانين وقرارات، مهما بلغ ارتباطها بقضايا كانت فى العقود الماضية، تحمل يافطة ممنوع الاقتراب.
تفكيك مصادر الانقسام والاختلاف، وتحويلها إلى صخرة شديدة الصلابة، يعنى التوافق والاتفاق على كل ما يصب فى مصلحة الوطن، وأن يرضخ الجميع، لوجهات النظر والآراء والرؤى التى تحظى باتفاق وقبول الجميع، والحوار الوطني، نجح فى تنشيط غدة الفكر والبرامج والعمل السياسى والأفكار والرؤى وتوهج الذهنية، والحضور السياسى لكافة الأحزاب السياسية، لذلك بات مدرسة مصرية تنقلنا إلى حالة ومرحلة جديدة من الانفتاح العقلي، والحوار البناء. تستطيع أن تجهض كل محاولات شق الصف، فهو المظلة التى جمعت القوى الوطنية، التى لم تكن تختلف سوى على مصلحة الوطن، ولا تختلف عليه، وباتفاق الجميع ومباركتهم أقصت أعداء هذا الوطن، من طيور الظلام ممن رفعوا السلاح فى وجه الوطن، وأراقوا دماء أبنائه، يضمرون له الكراهية، ويتحالفون مع قوى الشر التى تعادى المشروع الوطنى المصرى لتحقيق التقدم.
لا أجامل، وقد قلت من قبل إن الحوار الوطنى أحد أهم الأسلحة التى تحفظ وتحافظ على الوطن فى توقيت بالغ الدقة والتعقيد، تواجه فيه مصر تحديات وتهديدات وجودية، لذلك فإن الاتفاق والتوافق هو السبيل الأمثل لتحقيق الاصطفاف فى مواجهة هذه التحديات والتهديدات، وهو رسالة قوية عن صلابة التماسك المصري، وحائط الصد الذى يحول دون نفاذ محاولات الوقيعة بين أبناء هذا الوطن الذين يدافعون عن وجوده ومهمتهم مصلحته العليا.
على مدار الشهور الماضية، تناول الحوار الوطنى عشرات القضايا الشائكة، وتحدث فى كافة شواغل واهتمامات الوطن والمواطن سياسية، واقتصادية، واجتماعية، الجميع يتسابقون للإدلاء بدلوهم، والمشاركة بالأفكار والرؤى والمقترحات، والمواطن هو من يجنى الثمار، والوطن هو الرابح فى النهاية.
الحوار الوطنى يناقش فى هذه الفترة قضايا بالغة الدقة والحساسية مثل الحبس الاحتياطى وتعديلات قانون الإجراءات الجنائية، وهى قضية غاية فى الأهمية الدولة ترفع فيها انفتاح القلب والعقل وقبول ما يتفق عليه الجميع، وقد قدمت ما يثبت الصدق وحسن النوايا من خلال الإفراج الرئاسي، عن المحبوسين أو المحبوسين احتياطياً، وهنا أشير إلى أهمية ـ وهذا مجرد رأى أو مقترح ـ مراعاة بعد خصوصية التحديات والتهديدات التى تواجه الدولة المصرية فى الداخل والخارج، فمصر فى حرب متواصلة ومستمرة مع التطرف والإرهاب، وتواجه حملات للتحريض ومحاولات بث الفتن وضرب الاصطفاف الوطني، من هنا فإن مراعاة البيئة والظروف والتحديات التى نعيشها ووضعها فى الاعتبار، فى رأيى نقطة غاية فى الأهمية، فحماية الدولة، أهم هدف نسعى إليه جميعاً، وعلينا أن نعلم الأجيال الجديدة من مسار الحوار والنقد البناء وأن تتحسب فى كل خطوة تقدم عليها فى مراعاة مصلحة الوطن، فهناك مسارات وطنية وقانونية للتعبير عن الرأي، فالحرية فى أى مكان فى العالم هى حرية مسئولة، مقيدة بمصلحة الشعب والوطن.
الرئيس السيسى وجه بأن يناقش الحوار الوطني، قضايا وتحديات الأمن القومى وما يحيط بمصر من تحديات وتهديدات وفى ظنى أن هذا تجسيد حقيقى للثقة الرئاسية، فى فعالية وأهمية وجدوى الحوار الوطني، فالدولة المصرية باتت لا تحبذ الانغلاق، وترحب بالحوار والرؤى والمقترحات التى تحقق صالح الوطن والمواطن، وتحفظ لمصر أمنها واستقرارها ترسيخاً أن مسئولية الحفاظ على الدولة هى مسئولية الجميع، لكن ما أريده أن يشعر المواطن البسيط بتفاصيل الحوار الوطني، وأن يكون هناك وعى به، وبهذا الحدث العظيم، الذى يرسخ لمرحلة جديدة فى تاريخ الوطن.
قضايا الحبس الاحتياطي، والدعم والتعليم يقيناً سوف تشهد جديداً، ومسارات أفضل، لكن التأكيد على التقدير الحقيقى للواقع فيما يتعلق بالدعم إذا كان نقدياً أو عينياً أمر بالغ الأهمية، حتى لا تذهب الأسر الأكثر احتياجاً فى حالة الدعم النقدى ضحية لرب أسرة مستهتر، لذلك موازنة الأمر والتعرف على كافة أبعاده يمثل لى أهمية قصوي.. نفس الحال بالنسبة لتطوير التعليم يحتاج إلى مشروع شامل ومتكامل ليس الثانوية العامة فقط ولكن التعليم بشكل شامل، نتفق ونتوافق على مسار يحظى بقبول مجتمعى واع لأهمية التعليم، ويعرض للنقاش المجتمعي.
ترابط الحوار الوطني، بالسلطتين التنفيذية والتشريعية، يمثل نقلة فارقة فالرئيس وجه الحكومة، لتفعيل توصيات الحوار الوطنى بعد العرض عليه، وتكامل عمل الحكومة والبرلمان فى ترجمة هذا التوجيه هو أمر يعكس فلسفة الجمهورية الجديدة.
أهم ما فى الحوار الوطنى أنه جاء بدعوة من الرئيس السيسى لأبناء هذا الوطن، دعوة تستند لإرادة سياسية قوية وإصرار رئاسى يرتكز على صدق النوايا والإخلاص لقيادة سياسية جل أهدافها أن ترى مصر فى مقدمة الصفوف، وشعبها على قلب رجل واحد.