أن ارتفاع درجة حرارة الأرض خلال عام 2024 ليس مصادفة أوحدثاً منفصلاً بل هو جزء من ذلك الاتجاه التصاعدى المثير للقلق فى درجات الحرارة العالمية نتيجة تفاقم ما يعرف «بظاهرة النينيو» وهى نمط مناخى معقد للغاية يلعب دوراً مهما فى رفع درجات الحرارة .. لقد ارتفعت درجات حرارة الهواء العالمية بالقرب من سطح الأرض بنحو درجتين فهرنهايت خلال القرن الماضى فقد كانت السنوات الخمس الماضية هى الأكثر سخونة منذ عدة قرون ويمكن لنا أن نعرف ما كان عليه مناخ الأرض وقتذاك من خلال دراسة الأجزاء الداخلية من الأشجار.. فى الماضى كان يتم تصميم البنية التحتية من الطرق والجسور لتحمل الأحداث المناخية القاسية من خلال استخدام البيانات المناخية التاريخية والتى لم تعد مناسبة مع تحول كوكب الأرض إلى عصر مناخى جديد بكل المقاييس.. لذلك أصبح على صناع السياسات اتخاذ العديد من القرارات والخيارات الصعبة من أجل مواجهة تلك التوجهات المناخية الجديدة المتطرفة من خلال التخطيط والتحسب لها وإن كان من الصعب التخطيط لظروف لم نشهدها من قبل .. وقد صرح «بوب كوب» عالم المناخ «بجامعة روتنجرن» قائلاً إن العديد من دول العالم ليست مستعدة لمواجهة تلك الأرقام القياسية من الحرارة التى تحدث فى جميع أنحاء العالم وفصول الصيف المليئة بالكوارث المناخية المروعة والتى لابد من التركيز عليها والتنبيه إلى حقيقة العجز فى التكيف مع المناخ.. وقد ركزت معظم الأبحاث على توضيح لماذا يتوقع الخبراء أن يصبح عام 2024 هو العام الأكثر سخونة على الإطلاق ويشكل منعطفاً بيئياً بفعل»ظاهرة النينيو» ذلك النمط المناخى المعقد والتى تقف وراء ذلك الارتفاع غير المسبوق فى درجات الحرارة.. أن السبب وراء تفاقم ظاهرة «النينيو» هى تلك الغازات الدفيئة الزائدة فى الغلاف الجوى مثل غاز ثانى أكسيد الكربون والميثان التى تحبس حرارة الشمس فى الغلاف الجوى للأرض وإن كان وجودها طبيعياً لتوفير درجة الدفء و المناخ الملائم للعيش على الأرض إلا أن الإفراط فيها يجعل الحياة مستحيلة.. ويؤكد العلماء على أن درجة حرارة الأرض على مدى ملايين السنين قد تأرجحت بين الارتفاع والبرودة عدة مرات إلا أن ارتفاعها اليوم أصبح أسرع بكثير جداً عما كانت عليه على مدى تاريخ البشرية.. لقد كانت درجات الحرارة الشديدة بمثابة كارثة مناخية مميتة لا تقل خطورة عن حرائق الغابات والأعاصير والفيضانات إلا إنها قد أصبحت السبب الرئيسى الذى يساهم فى زيادة الوفيات فى الولايات المتحدة عن غيرها من التداعيات المناخية الأخري.. يؤكد العلماء على أن درجات الحرارة خلال هذا الصيف الذى إضرم من الجحيم قد وصلت إلى 116 درجة فهرنهايت فى ولاية «أوريجون» وعلى نحو أسوأ من ذلك فى المناطق القاحلة والحارة والتى أدت إلى وفاة ما يزيد عن 800 شخص بسبب الحرارة الشديدة مازال العدد يواصل الارتفاع.. ويؤكد الخبراء على ضرورة استعداد المجتمع من الآن لملاقاة مستقبل يعج بالظواهر المناخية المتطرفة التى لم يكن من الممكن تصورها من قبل و وجوب اتخاذ الخطوات الجادة لحماية المناطق الأكثر ضعفاً وحساسية للتأثر بدرجات الحرارة الشديدة وغيرها من الكوارث المرتبطة بالمناخ.. ويشير الخبراء إلى أن تلك الفيضانات المدمرة القاتلة التى أودت بحياة العشرات نتيجة سقوط أمطار موسمية غير مسبوقة فى شمال الهند وموجات الجفاف المستمرة فى منطقة شرق أفريقيا منذ سنوات والتى تعد الأسوأ منذ 40 عاماً على الأقل و التى لم يكن من الممكن أن تحدث لولا تأثير المناخ الذى يسببه الإنسان لذلك رد غدرك إلى نحرك ايها الإنسان.