«أكلة المانجو» كما «رقصة التانجو» والتى تحتاج شريكين متناغمين ولا يمكن أن يقوم بها شخص منفرد، وتأتى رقصة «المانجو» على نفس المنوال وفى نفس السياق، ورقصة المانجو حالة مصرية بدأت مع زراعة أول شجرة مانجو فى مدينة فرشوط فى محافظة قنا بصعيد مصر متزامنة مع اول تجارب زراعتها فى جزيرة الروضة بالقاهرة، وكان ذلك فى عام 1820، ويعود الفضل لإدخال المانجو إلى مصر إلى إبراهيم باشا الابن الأكبر لمحمد على باشا الكبير مؤسس مصر الحديثة، وبعد أكثر من قرنين من الزمان تسيد مذاق المانجو المصرية منصات التتويج عالميا، وفى مدينة الاسماعيلية يقام مهرجان سنوى تحت مسمى «مهرجان المانجو» وهو عبارة عن كرنفال واحتفالات شعبية لمناسبة بدء موسم البشاير والحصاد والتى تتميز فيه الاسماعيلية بميزات عالمية وضعت «المانجو الإسماعيلاوي» على رأس القائمة، دخلت هذه الفاكهة إلى مصر بعد استقدامها من جزر الهند الشرقية ثم توسعت مصر فى زراعتها عن طريق النبلاء والأعيان من الباشوات والبكوات أمثال تيمور والفونس والمنشاوى والتى سًميت بعض الأصناف بأسمائهم وكذلك عامل قصر الخديوى عويس الذى سميت باسمه مانجو العويس، الآن تتربع المانجو المصرية بمذاقها العجيب وشكلها الساحر وسعرها المنافس على عرش «ملكة الفواكه» وفى مثل هذه الأيام يبدأ موسم بشاير المانجو ومعه تبدأ تغريدات المحبين والعاشقين والحواريين، فالمانجو المصرية لها أتباع ومريدون، وجدنا سفراء الدول المعتمدين فى مصر يكتبون وصلات من الغزل فى عشق المانجو المصرية، نجدهم وعلى صفحاتهم الرسمية يكتبون وينشرون ويبشرون ببداية موسم الجمال فى مصر وهو موسم حصاد المانجو، من هنا أطلق مبادرة لطيفة والتى نرسل من خلالها صناديق من المانجو المصرية هدايا للسفراء والمؤسسات الدولية ورؤساء الشركات الكبرى فى مصر، إنه نوع من التسويق الراقى والمشاركة فى رسم جزء من الصورة، بيد أن وزارة الزراعة هى الجهة القادرة على تنفيذ هذه المبادرة بالاشتراك مع المزارعين والمصدرين والتجار فى عموم مصر، نحن فى حاجة إلى عمل جماعى من أجل تفعيل الميزة النسبية للمانجو المصرية فى مصر والعالم وهذا لا يمكن أن يتحقق بشكل منفرد بل يحتاج عملاً جماعياً منظماً ومخططاً ومن هنا أرى أن للمانجو مذاقات تحتاج شركاء مثلها مثل رقصات التانجو التى تحتاج دوما شريكين، ولن أنسى هنا وأنا أتغزل فى المانجو وزراعتها ومذاقها ودبلوماسيتها ما رأيته فى توشكى فى أقصى جنوب غرب مصر، كنت قد دعيت مع مجموعة من الزملاء والأصدقاء من الصحفيين والإعلاميين لحضور موسم حصاد القمح، وهناك كانت المفاجاة الحقيقة ما رأيناه من آلاف الأفدنة المنزرعة بأفخر أنواع المانجو والأعناب والفواكه صنوان وغير صنوان وتسقى بماء واحد، هناك اكتشفت ان التغيرات المناخية قد تؤدى بنا إلى الدخول فى زراعات جديدة الدخان والبن والشاى والتوسع فى زراعات قديمة كالمانجو والأقطان والرمان وغيرها من المحاصيل والفواكه التى تحتاج درجة حرارة مرتفعة، سعيد ببداية موسم المانجو وان كان الإنتاج يبدو وفيرا لأنه تعرض للنضج المبكر بفعل درجات الحرارة المرتفعة وهذا تسبب فى انخفاض اسعارها محليا وهذا يدفعنا إلى ضرورة التوسع فى التصدير.. المانجو المصرية دليل المذاق والمتعة.