الدور الكبير الذى تلعبه مصر حالياً يعد هو حائط الصد المنيع فى منع شرذمة الأمة العربية، ولا أكون مبالغاً فى القول إذا قلت إن هناك ضرورة مُلحة حالياً لاصطفاف الدول العربية مع مصر فيما يحدث بدلاً من الخراب الشديد الذى ينتظر الجميع. وليس من المقبول أو المعقول أن تغرد كل دولة بعيداً عن الدور المصري. لأن الأمر ليس ببعيد عن الدول العربية، فإسرائيل لا يكفيها فقط القضاء على الفلسطينيين، وإنما تهدف إلى النيل من كل الدول العربية بلا استثناء.
إن عملية توريط مصر فى هذه المسألة، بجانب التحرشات الصهيونية المستمرة، تستدعى ضرورة ألا تقف الأمة العربية متفرجة، فمصر الحريصة على الأمن القومى العربي، تستحق عدم التخلى عنها فى ظل هذه الظروف الراهنة والبالغة الحساسية، لمشاركة القاهرة وحكمتها فى منع انهيار المنطقة، لأن الخراب عندما يحل لا يميز بين دولة أو أخري. والمعروف أن التحرشات الصهيونية لا تأتى من فراغ وإنما لوقوف مصر حائط صد منيعاً فى التصدى لمنع تصفية القضية الفلسطينية، ولدورها العظيم فى الحفاظ على الأمن القومى العربي.
لقد نجحت مصر بموقفها الرشيد والثابت فى أن تكشف المخططات الصهيونية – الأمريكية، وتمت تعرية الموقف الدولى المتخاذل الذى كشف عن وجهه القبيح أمام الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، إضافة إلى ضرب الشرعية الدولية والمواثيق والأعراف.. أليس كل ذلك كفيل بأن نجزم بانهيار كل المبادئ والمواثيق الدولية..؟! وفى ظل هذا الجو المعكر بغياب الشرعية الإنسانية، جاء دور مصر العظيم وحكمة قيادتها السياسية ووعى شعبها العظيم، ودبلوماسية رشيدة، فتصدت القاهرة لكل هذه المواقف المخذلة، وكانت النتيجة أن يتطاول إعلام الصهيونية على القاهرة لأن الموقف المصرى ليس على هواها، ولذلك فإن الرؤية المصرية القائمة على تفعيل الشرعية الدولية، والاتفاق على حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967، هى الأساس ولا حل سواها وهو موقف ثابت لا يتغير أو يتبدل. وقطعت مصر فى هذا الشأن الكثير والكثير من المفاوضات سواء مع الجانب الإسرائيلى أو الفلسطينى قبل وبعد الحرب الإسرائيلية الدائرة حالياً.
المزاعم والأكاذيب التى ينشرها إعلام الصهيونية لا تلتفت إليه القاهرة ولا يؤثر فيها قيد أنملة، وستظل على موقفها الثابت رغم كل التحرشات التى تقوم بها إسرائيل أو أمريكا أو بعض دول المجتمع الدولى المتضامن مع الصهيونية، ورغم أن هذه المزاعم التى تم إطلاقها مؤخرا ضد مصر، فإنها بمثابة «بمبة» عادت إلى من يطلقونها، وباتت إسرائيل أمام موقفين لا ثالث لهما، وهما رأى عام داخل الشعب الإسرائيلى ضد حكومة اليمين المتطرف بقيادة نتنياهو، وهو ما تمثل فى المظاهرات العارمة، والثانى رأى عام لدى شعوب العالم بأن إسرائيل عصابة مجرمة ارتكبت الكثير من الجرائم فى حق شعب أعزل، فقتلت وذبحت ومنعت الغذاء والدواء عن الناجين من هذا الشعب.
ستظل مصر على موقفها الثابت ولن يتغير وهو المتمثل فى حل الدولتين والجلوس على طاولة المفاوضات لإنقاذ المنطقة من المصير المشئوم، وهذا ما يجب أن تعيه الولايات المتحدة لأن مصالحها هى الأخرى ينالها التأثير بشكل واضح وظاهر.. استجيبوا للرؤية المصرية لأن فيها الفلاح والسداد للجميع.
كل الذين تغيب عنهم هذه الحقائق يجب أن يفيقوا من غفوتهم، ولن ينال من مصر أحد طالما أن هناك شعباً واعياً ولديه فطنة سياسية وجيشاً وطنياً يقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه أن ينال من أمن الوطن والمواطن، ومن أجل ذلك كان حديث الرئيس «السيسي» واضحاً وصريحاً وموجهاً للذين تغيب عنهم الحقائق، فاحذروا سقوط الدولة، لأن ذلك هو الخراب الحقيقى على الجميع بلا استثناء.. وقد آن الأوان للأمة العربية أن تلتف حول الرؤية المصرية الرشيدة، وكفى ما تتعرض له من خراب ودمار.