صاحب مدرسة خاصة فى الكتابة للدراما التليفزيونية.. أعماله عند عرضها كانت قادرة على إخلاء الشارع من الناس ليلتفوا حول الشاشة الصغيرة لمتابعة أحداثها.. انه فارس الدراما العربية أسامة أنور عكاشة.. الذى توافق ذكرى ميلاده يوم 27 يوليو الجاري.. سعت «الجمهورية» للتعرف على أسراره الخاصة وما لا يعرف عنه، والتقينا ابنته الصغرى الاذاعية نسرين عكاشة التى كشفت عن اسرار فى حياة والدها لاول مرة.. فماذا قالت هذا ما سنعرفه من خلال متابعة حوارها مع «الجمهورية»
< فى البداية سألناها: هل كانت له طقوس خاصة اثناء الكتابة؟
<<كان أبى قبل الشروع فى الكتابة يدخل مكتبه ويمسك باوراقه يرسم ويلون وهو يستمع إلى أحد مطربيه المفضلين سواء كان عبدالحليم حافظ أو فيروز أو عبدالمطلب وقنديل وأم كلثوم أو يستمع إلى إحدى مقطوعات الموسيقى العالمية ثم يبدأ فى كتابة أعماله.
< كيف كانت تولد لديه أفكار أعماله؟
<< لم يقل لنا متى ولدت فكرة اى عمل وربما هو نفسه لا يعلم، فأبى كان حالة فريدة كان دوما يختزن افكار وملامح شخصيات يقابلها فى الحقيقة وعندما كنا نسأله عن عمل ما كان يحكى البسيط عنه واحيانا كانت الفكرة تأخذ طريقها وهو يكتب.
< هل شخصيات أعماله موجودة فى الواقع؟
<< أغلبها كان من الواقع مثلاًشخصية سليمان غانم بمسلسل (ليالى الحلمية) شعرنا بأنها نفس التركيبة النفسية وشديدة الشبه بعمدة بمحافظة كفر الشيخ شاهده ابى فى فترة الصبا وكان شخصية جذابة ويتمتع بـ(كريزما) وكان يحدثنا دوما عنه.. فلم يكن ينقل شخصية كاملة ولكن ملمحاً من ملامح الشخصيات.
< من كان الأقرب له من الوسط الفني؟
<< أخشى أن أنسى اسماء لكن كانوا كثيرين الأقرب له فى البدايات كان المخرج عاطف الطيب والمخرج فخر الدين صلاح وهو أول مخرج قدم اعمال ابى لكن الموت غيبهما سريعا وحزن ابى عليهما حزناً شديداً وظل معه حتى وفاته..أيضا الدكتور يحيى الفخرانى والفنان نبيل الحلفاوى والملحن عمار الشريعى والمخرج محمد فاضل وكان جارنا وأيضا الفنان الراحل صلاح السعدنى كان جارنا بالاسكندرية، بالاضافة إلى جميع الفنانين الذين تكرر التعاون معهم فى أعماله فقد كانوا مقربين منه.
< البعض كان يرى أسامة أنور عكاشة متقلب المزاج مثل كثير من المبدعين؟
<< كان يستيقظ حوالى العاشرة صباحا يتناول إفطاره ثم يجلس ليرى ماذا سيفعل فى يومه سواء الكتابة أو التجهيز لعمل و(الموديه) كانت أكثر بداخله فأحيانا يجلس فى صمت وكأنه فى حالة شجن ومرة أخرى تجده يضحك ويهزر لكنه كان معتدلاً فى هذا التقلب كنا نعى الاوقات الخاصة للكتابة فكنا نوفر له الهدوء ولا نسبب له الازعاج.
< هل كان يتوقع نجاح أعماله؟ وكيف كان يقيس نجاحه بعد العرض؟
<< كان على قناعة تامة بأنه لا يمكن توقع نجاح أى عمل لانه دوما يقول إن للجمهور مزاجاً خاصاً من الصعب توقعه حتى وإن كان يعلم أنه يكتب عملاً ضخماً ومهماً وبعد العرض يكون فى حالة خوف ورهبة ويترقب صدى العمل ويبحث عن آراء المشاهدين من داخل وخارج الوسط الفنى سواء من المقربين أو العامة واحيانا كان يجلس على المقهى ليتابع ردود الأفعال بنفسه.
< كيف كان يتابع أعماله السينمائية والمسرحية؟
<< كان يهتم أن نذهب للسينما لمشاهده أفلامه ليستمع إلى آرائنا ولكنه لم يكن يحضر معنا لانه كان يرفض ان يسلط علينا الاضواء ولم يكن يحضر العروض الخاصة وكان يفضل أن يدخل صالة العرض دون أن يراه احد ليسمع ردود الأفعال بنفسه لكن لاختلاف طبيعة المسرح فكنا نذهب معه دوما لمشاهدة أى مسرحية.
< المؤلف أسامة أنور عكاشة افضل من كتب عن الاسكندرية كما شهدت مولد العديد من إبداعاته.. ما السر وراء هذا الارتباط؟
<< اثناء فترة الشباب تنقل ابى بين المحافظات إلى أن غرق فى حب الاسكندرية وشعر أن هناك سحراً ما يشده اليها لكنه احبها بعمق فاق حدودها الجغرافية فسعى لاكتشاف أهل الاسكندرية والجاليات التى عاشت فيها فتوغل فى حكاويها وكان يذهب للاماكن التى تجلس فيه الجنسيات المختلفة التى تعيش بها والأماكن التى لاتزال تحتفظ بعبق الماضى وتاريخه وكانت له اماكن خاصة فى البحر يشعر فيها بروح المدينة الساحرة.
< وكيف كان أسامة أنور عكاشة الاب والانسان؟
<< كان بسيطاً ابن بلد يتمتع بخفة الظل شديد الكرم والطيبة والحنان وكان يحب لمة الاسرة اسعد أوقاته حين نجتمع حول التليفزيون أو نتحدث جميعا فأهل بيته هم نقطة ضعفه وكان لا يستطيع تمالك دموعه عندما يمرض أحد من ابنائه أو أحفاده.
< كيف كانت ظروف وفاته وهل كان يشعر بقرب النهاية؟
<< كان يصاب بمتاعب صحية كثيرة فى أواخر سنوات حياته وكان لديه شعور أنه فى لحظة قد لا يكون معنا ومن هذا المنطلق كان شديد القلق علينا وعندما اكتشف أنه أصيب بسرطان فى الكلى وبعد إجراء الجراحة شعر بقرب الأجل وكان يوصى اخواتى على وخاصة أننى لم أكن متزوجة وقتها وكان يتمنى أن يشاهد زواجى وعندما اغلق شقة الاسكندرية قبل وفاته بعدة شهور كأن يبدو عليه انه يودعها و قال لاخى أنها المرة الاخيرة له ولن يعود لها مرة تانية ووصى ببيعها لأننا لن نتحمل الحياة فيها بعده مع إبقاء بعض مقتنايتها .وفى الشهور الاخيرة سيطرت عليه فكرة الرحيل فأخذ يرتب لنا حياتنا المادية على قدر ما استطاع.