عندما تجوب بعقلك وبصرك فى ربوع المنطقة التى تعيش فيها تجد أن بينها وبين الانفجار «فركة كعب»، أو خطأ، أو ضغط على ذر، فالأمور لم تعد تحتمل كل شيء من حولنا تتصاعد فيه ألسنة اللهب ومازال العابثون والمشعلون للحرائق يصرون على طريق الشيطان بل تفوقوا على «نيرون»، فهل نحن أمام حرب إقليمية شاملة فى الشرق الأوسط تقترب من الاندلاع، وهل نحن على مقربة من الحرب العالمية الثالثة، فى ظل صراع وحرب تكسير العظام بين الدول الكبرى المتصارعة على قمة النظام العالمي، أو تلك المهيمنة والتى تسعى إلى الحفاظ على استمرار سطوتها واستمرار النظام العالمى القديم بجبروته ووحشيته وآثامه ومظاهر الظلم وازدواجية المعايير، والفوضى والتآمر ونهب وسلب الأمن والاستقرار من دول وشعوب.. ناهيك عن مقدراتها ومواردها واغتيال أحلامها فى الصعود، ووأد إرادة التنمية والبناء فيها، نحن أمام كارثة تقترب فما زالت الحرب الروسية ــ الأوكرانية التى اندلعت فى فبراير 2022 مستمرة، وهى حرب بين دول وقوى كبرى اختارت أوكرانيا لتكون ساحتها، كما اختارت الشرق الأوسط، كمرحلة ثانية لمزيد من الاشعال بالنيران كل يوم تنتقل إلى منزل أو دار جديدة، فمن آثار تداعيات الفوضى الخلاقة فى الربيع العربى المشئوم وما أصاب ليبيا، واليمن، إلى السودان، الذى امسكت فى أركانه نيران الفتن والانقسام والاقتتال الأهلي.. وبات مرشحاً لمصير مظلم، وإلى محاولات العبث فى منابع النيل، وإشعال الصراعات، وما هو قادم فى البحر الأحمر من مزيد من سكب البنزين على النار، فى ظل ما يحدث فى الصومال، وصولاً إلى المشهد الدامى والإجرامى الذى رسمه الكيان الصهيونى بدماء الأطفال والنساء والمدنيين وبصرخات الفلسطينيين المحاصرين، والجوعى فى حرب إبادة مكتملة الأركان دون أن ينجح العالم فى كبح جماح الاحتلال أو ردعه لوقف آلة القتل وسفك الدماء والتدمير الممنهج، وصولاً إلى ما يدور فى البحر الأحمر، من صراع يستعد لمزيد من الاشتعال فى ظل تبادل الضربات بين الحويثيين فى اليمن وجيش الاحتلال، وشهدت الأيام الأخيرة تطورات خطيرة، تشير إلى احتمال اندلاع حرب شاملة ثم الجبهة الشمالية، والصراع المحتدم بين حزب الله فى لبنان، وجيش الاحتلال والسبب فى كل ما يجرى فى المنطقة من اشتعال هو العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة والذى قارب على نهاية شهره العاشر.. مع إصرار نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلى المتطرف على التصعيد، وعدم الاستجابة لكافة النداءات والوساطات والإدانات، والقرارات الدولية والأممية، بسبب الدعم الأمريكى والغربي، اللا محدود، والذى يضرب بكافة المبادئ القانونية والإنسانية عرض الحائط.
الشرق الأوسط بات محاصراً من كل اتجاه بالصراعات والحرائق والنزاعات، وهناك من يصر على سكب المزيد من البنزين على النار رغم مخاطر التصعيد على الجميع، وإسرائيل كل يوم تفتح جبهة جديدة سواء فى الداخل الفلسطيني، فى القطاع والضفة، أو مع حزب الله فى لبنان، ومع الحوثيين فى اليمن، والأمور تتجه إلى تحالفات خطيرة بين جماعات وحركات، وحشود ضد الكيان الصهيونى بسبب استمرار عدوانه على قطاع غزة والمجازر، وحرب الإبادة التى ينفذها جيش الاحتلال.. الأمور فى الشرق الأوسط باتت تنذر بالانفجار بسبب تصاعد الأوضاع فى السودان، ومحاولات إيقاع الفتن بين دول حوض النيل، مدفوعة بالتحريض والمؤامرات، التى تستهدف فى الأساس محاولات حصار مصر، وإجبارها على الموافقة على سيناريوهات ومخططات شيطانية لكنها قالت كلمتها مدوية، لا تهجير لا توطين فى البحر الأحمر، هناك احتمالات لمزيد من التصعيد خاصة فى ظل الأطماع التى تستهدف الصومال، مع وجود توترات فى الأساس بسبب استهداف الحوثيين للسفن المتجهة إلى الكيان الصهيوني، وبطبيعة الحال أثر ذلك على التجارة العالمية فى البحر الأحمر، وحركة السفن فى قناة السويس وبالتالى إيراداتها، فى حال تصاعد المواجهات بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلى ووصول الأمور إلى مستوى الحرب الشاملة، فإن البحر المتوسط خاصة شرق المتوسط على موعد مع توترات وتداعيات سلبية، خاصة فى ظل استخدام القوى الكبرى أذرعها للدخول فى حرب ومواجهات بالوكالة فى إطار الصراع على النظام العالمى الممتد بين نظام قديم، ضج العالم منه، وجديد يتطلع للظهور، وهو ما ينذر بتكلفة باهظة على كافة المستويات الأمنية والعسكرية والاقتصادية واستمرار الحرب الروسية ــ الأوكرانية، وأيضاً وجود مخاوف من وقوع اشتباكات أو حرب صينية تايوانية، لاستعادة بكين الجزيرة المدعومة أمريكياً وغربياً، بالإضافة إلى نزاعات الحدود، والآبار النفطية فى دول المنطقة، أو احتمالية تجدد المواجهات بين جماعات مسلحة ودول، بتحريض صهيو أمريكي، والإرهاب النائم أو الخامن طبقاً لريموت قوى الشر، والذى ظهر فى العملية الإجرامية الإرهابية التى استهدفت دولة آمنة مستقرة هى سلطنة عمان الشقيقة تبناها تنظيم داعش الإرهابى المعروف من يحركه ويموله، ومن أنشأه فى إطار حروب الوكالة والمتاجرة بالإسلام.
إذن نحن أمام مشهد دولى وإقليمى معقد ينذر بكوارث ونيران وحرائق، وتصعيد بطبعية الحال له تداعياته خاصة على الصعيد الأمني، ومزيد من الهجرة واللاجئين وتردى الأوضاع الاقتصادية العالمية، وزيادة معاناة الشعوب.. بالنسبة لمصر فإنها تواجه كافة صنوف التهديدات والمخاطر، من صراعات ونزاعات وحرائق، ودول أزمات، سقطت مؤسساتها وتعانى من الانقسام، وتعدد الحكومات، أو من الاقتتال الأهلي، والفتن والتدخلات الخارجية، أو تصاعد العدوان الصهيونى فى الشرق على قطاع غزة، وارتكاب جرائم ضد الإنسانية بحق الأشقاء الفلسطينيين ومحاولات لتصفية قضيتهم، مصر محاطة بكم وحجم غير مسبوق من التهديدات من كافة الاتجاهات الإستراتيجية وأيضاً، محاولات تهديد أمنها القومي، ومواردها الوجودية، ومؤامرات العبث تحدق بها فى البر والبحر، فما يحدث على كافة الحدود، وفى البحر الأحمر، وباب المندب وجنوباً حيث أكثر من تهديد وجودي، وغرباً وشرقاً، كل ذلك الهدف منه مصر، وما يشهد منها من حروب اقتصادية، مثل الحصار، ومحاولات ضرب مواردها الاقتصادية، وأيضاً حملات على مدار الساعة، تروج الأكاذيب والشائعات، والتشكيك والتشويه والتحريض ومحاولات بث الإحباط وإضعاف الروح المعنوية وهز الثقة، ورغم كل هذه التحديات والتهديدات، فى الداخل والخارج، إلا أن مصر وبفضل حكمة القيادة السياسية، وقدرتها على استشراف المستقبل، وإدارة هذا المشهد الإقليمى والدولى بعقلانية وحكمة، وحسابات دقيقة وتقديرات موقف صحيحة وعلمية وثبات وصبر، واحتواء إستراتيجى تمضى بثبات وثقة وتنعم بالأمن والاستقرار وتتمتع بحالة فريدة من الحضور السياسى والدبلوماسى وتدرك بوعى وعبقرية محاولات الجر والاستدراج والتوريط، وأنها الهدف من جملة ما يحدث فى المنطقة، لذلك تقف على أرض شديدة الصلابة، فالقوة والقدرة ليست للاهدار والاستنزاف بالخضوع للعواطف والانفعالات والتهور، ولكنها قوة وقدرة تدار بالحكمة، وهو ما يحسب لقائد عظيم هو الرئيس عبدالفتاح السيسي، الذى يكفيه أنه أنقذ وحافظ وبنى هذا الوطن، وأيضاً يعبر به بسلام إلى شاطئ الأمن والأمان والاستقرار فى بحر إقليمى هائج، يجلس على فوهة بركان إلا أن حكمة القيادة هى سر أسرار تمتع مصر بأعلى درجات الأمن والاستقرار وهو ما يدركه المصريون جيداً، ويحسبونه إنجازاً عظيماً لقيادة سياسية استثنائية.
تحيا مصر