المجتمعات العمرانية الجديدة هى أمل مصر ومستقبلها للتخلص من عشوائية المساكن التى انتشرت فى المدن القديمة، وأصبح الحل الأمثل لمواجهة هذه العشوائية هو الخروج إلى المدن الجديدة التى تم التخطيط فيها جيداً، وأصبحت متنفساً لكل من يبحث عن مسكن مناسب فى بيئة صحية بعيداً عن الضوضاء والتلوث والزحام.
وقد أولت الدولة اهتماماً كبيراً بتلك المجتمعات وأنفقت عليها المليارات وهو استثمار جيد يعطى مردوداً اقتصادياً كبيراً، نظراً لإقبال المواطنين على الانتقال لتلك المدن، ولذلك تظل يد التعمير والبناء ممتدة، وتتواصل فى مدن جديدة وتوسعات للمدن القائمة.
لكن المهم هنا أن الرغبة فى التوسع والامتداد العمرانى لا ينبغى أن تكون على حساب المجتمعات العمرانية القائمة حالياً والتى تحتاج إلى استكمال وتحسين خدمات وحل مشكلات قائمة، والارتقاء بواقعها، وإضافة الجديد إلى خدماتها وحل مشكلات سكانها، ومن تلك المجتمعات مدينة «حدائق أكتوبر» والتى تعد من أكبر المدن الجديدة على مستوى الجمهورية من حيث المساحة وعدد السكان والتى تعانى من مشكلات عديدة ينبغى أن تكون محل نظر المسئولين فى هيئة المجتمعات العمرانية على مختلف المستويات.
لقد تفاءل سكان حدائق أكتوبر خيراً خلال الأيام الماضية بقدوم رئيس جهاز جديد وعبروا عن سعادتهم من خلال مواقع التواصل الاجتماعى والجروبات الكثيرة التى ينتشر عليها قطاع كبير من سكانها.. فقد عانت تلك المدينة الحيوية التى كانت الإقامة فيها حلما لكثير من المواطنين من مظاهر اهمال عديدة خلال السنوات الماضية تجسد فى انقطاعات متكررة للكهرباء بسبب أعطال- وليس تخفيف أحمال- ووجود أكوام من الأتربة على جانبى الشوارع فضلاً عن الحفر والتكسير فى الطرق الرئيسة، وعدم إعادة الشيء لأصله مكان حفر شركات الغاز والكهرباء، مما حول المدينة الجديدة التى تم التخطيط لها لتنافس مدينة الشيخ زايد إلى مدينة مهملة تحتاج من ينقذها من الإهمال، ويجعلها جاذبة لسكان جدد، خاصة أنها المدينة الأكبر بين المدن الجديدة على الاطلاق.
>>>
تغيير وتداول رؤساء الأحياء والمدن الجديدة أمر مهم للغاية ولذلك نوجه التحية لوزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة المهندس شريف الشربينى فقد أصدر حركة تغييرات فى العديد من المدن الجديدة بعد حلفه لليمين بساعات قليلة انطلاقا من إدراكه لأهمية هذا التغيير بعد أن استقر رؤساء المدن فى اماكنهم لعدة سنوات مضت وتعودوا على رؤية مشكلات مدنهم دون تقديم حلول عملية لها، وألفت عيونهم مناظر حفر الشوارع وما بها من تكسير وردم دون تدخل.. بل إن الشوارع التى تم رصفها وتجميلها مؤخراً فى حدائق أكتوبر طالها الحفر من جديد بعد أن انفقنا عليها عشرات الملايين وهو أمر مؤسف وضد خطة الدولة فى ترشيد الانفاق.
لذلك أناشد وزير الإسكان أن يضع فى برنامج عمله خلال الأسابيع القادمة زيارات مفاجئة للمدن الجديدة خاصة مدينة حدائق أكتوبر لكى يقف بنفسه على مستوى الأداء بها وما تحتاج إليه من وسائل وأدوات تطوير عاجلة وحل مشكلات سكانها.. فالوزير لديه خبرات كثيرة ومتنوعة فى كيفية التعامل مع المشكلات والارتقاء بالخدمات وما فعله خلال سنوات إدارته للعاصمة الإدارية يشهد له بالكفاءة والتميز وهو ما دفع به إلى تولى مسئولية وزارة الإسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة.
ننتظر الكثير من وزير الإسكان لارتقاء حقيقى بالمدن الجديدة وتوفير مقومات الحياةالعصرية بها لتكون تلك المدن هدفا للمزيد من السكان وهدفاً لإخواننا العرب الذين يبحثون عن مساكن مناسبة لأسرهم فى مصر.. فهناك إقبال من كل إخواننا العرب على اختلاف مستوياتهم المادية على امتلاك مساكن فى مصر وأعتقد أن المجتمعات العمرانية الجديدة سيجدون فيها ما يناسب متطلباتهم المعيشية وهو بعد استثمارى أعتقد أن الوزارة تجعله هدفا لها.
>>>
من بين الظواهر الملفتة للنظر فى مدينة حدائق أكتوبر أن معظم المساحات الخضراء فى الميادين والشوارع الرئيسة مهملة ومحروقة ولا تجد من يرعاها ولذلك تموت النباتات من قلة المياه وعندما يفكرون فى ريها تغرق الشوارع بالمياه وتهدر دون الاستفادة منها بسبب رداءة شبكات الري.
الأكثر غرابة فى شوارع المدينة أن تجد أعمدة الإضاءة معظمها بلا إضاءة بالليل بينما تضاء بالنهار وتظل مضاءة حتى ساعات العصر وهو ما يعنى أننا نهدر طاقة كهربائية كبيرة فى وقت نحن أمس الحاجة فيه إلى الترشيد.
لذلك أتطلع أن يشكل وزير الإسكان لجان تفتيش على المدن الجديدة لتنقل له صوراً حية من المخالفات ومظاهر الاهمال حتى يتعامل معها بما تتطلبه من حزم ومساءلة المسئولين عن المدن الجديدة.