هنا على شاطئ البحر المتوسط تأتى مصر كلها.. نعم مصر عالم تانى غير العالم حولها.. نعم قد نكون فى مصاف العالم الثالث اقتصاديًا وتنمويًا.. لكننا فى الثقافة والحضارة نقف بمفردنا.. قوة عظمى حضاريًا.. وحدنا لا يقترب منا أحد.. لذلك يفخر أى وزير يتولى حقيبة الثقافة ومن حقه ان يزهو وسط اقرانه بمنصبه حين يقول: أنا وزير ثقافة مصر.
يتجلى هذا المشهد الرائع وبدون رتوش على شاطئ البحر المتوسط فى مهرجان العالم عالمين.. لكننا كما قلت مصر عالم تانى بمفردنا.
ويتجلى المشهد حين نرى حولنا من ينعق ويستقدم البوم من كل مكان لنشر الخراب والدمار.. يوزع الموت على كل جماد وحي.. ويحرق الاخضر واليابس!! وفى كل هذا تقف مصر وسط النيران لتغنى للحياة وتعزف سيمفونية الخلود.. هنا فى العلمين تغنى بنات بحرى فى فرق الإسكندرية على نغمات المزمار البلدى ودقات الطبل القادمة من أسيوط وملوى وسط حلقات التحطيب والرقص بالعصا من سوهاج.. الغنوة الصعيدى من حناجر القوة مع الدلع الانثوي.. أغانى الصيادين والزفة الإسكندرانى مع رقة الحب الإنسانى والانشاد الدينى الصوفى الذى ينقلك إلى هناك.. تجد نفسك تحلق إلى عنان السماء مع لفات التنورة.. الغناء البدوى القادم من العريش ومرسى مطروح وسيوة طعم تاني.. أسوان والنوبة.. مذاق مختلف!!
هنا تتعانق أحدث صيحات البناء والتكنولوجيا فى ابراج من ضخامتها تخطف الانظار وتعانق المتوسط بشموخها وتقول للجميع بدون ادعاء انها تستطيع.. نعم مصر تستطيع.. بالاصبع الصغير تبنى بسواعد أولادها احدث المدن الذكية وناطحات السحاب فى لحظة.. تستطيع أن تلحق بركب التقدم فى هذا المجال قائلة: احنا أحفاد الفراعنة الذين بنوا الاهرامات وشيدوا المعابد حين كان العالم يغط فى بدائيته وحتى الآن يقف العالم أمامها عاجزًا.
هنا فى العلمين اذا كانت موجات المد تأتى بامواج التكنولوجيا من الغرب فالرد يكون جاهزًا بموجات جزر.. تحتضن الحداثة لتصب فى وعاء الاصالة والحضارة ويستمر المشهد هنا فى مهرجان العلمين الثقافى والفنى لمدة اسابيع.. لا تخطف الانظار فحسب ولكنها تخطف القلوب.. نعم حفلات خمس نجوم لقامات الفن المصري.. ووسط هذا الزخم لا تنسى مصر كعادتها الاشقاء فى العالم العربى فتعطى شهادات ميلاد جديدة لنجوم الفن العربى أو بالأصح شهادات للتربع على القمة والشهرة والنجومية وبدون فاتورة حساب أو لتحقيق أى غرض سوى الفن والخلود.. ومصر لا يخلفها أى كائن فى هذا الدور الريادى الحضاري.. هنا قطع الفسيفساء تتراص بجوار بعضها لتخلق لوحة نادرة الوجود وما يحدث فى العلمين هو تضافر وزارات وهيئات وشركات فى لوحة لتعزف جميعها هذه السيمفونية ولا يمكن ان يقوم بهذا الدور جهة واحدة.
هنا تتكاثف أجهزة وهيئات وزارة الثقافة مع شركة المتحدة بقنواتها وامكانياتها.. وادعو وزارة الشباب وباقى الوزارات الاخرى للانضمام إلى هذه السيمفونية لنشر الثقافة، ليس فى ربوع الوطن فحسب ولكن للعالم كله لتقول ان مصر تضيء العالم فى الوقت الذى يحاول البعض حرقه وتدمير احيى هذا التعاون لان العمل الثقافى اذا انتشر فى ربوع الوطن وخارجه من خلال هذه الفضائيات وشبكات الانترنت سيكون تأثيره كبيرًا جدًا.. فى حين ان عدم التكاثف وعدم التعاون سيجعل هذه الفنون حبيسة للمكان الذى تنشد فيه.. واقترح على شركة المتحدة ان تخصص فقرات لأكثر من 18 فرقة من فرق قصور الثقافة التى تأتى من انحاء مصر المختلفة لتقدم التراث الفنى المصرى من اقصى الغرب مرسى مطروح وسيوة إلى اقصى الشرق فى العريش وجنوب سيناء والبحر الاحمر.
«2»
أقول: لماذا لا يخصص لكل فرقة فقرة أو فقرتين خلال هذا المهرجان الذى تنقله شركة المتحدة على الهواء مباشرة للعالم كله.. نقدم هذا الفن الشعبى والتراثى مع نجوم الغناء.. وبهذا نكون ضربنا أكثر من عصفور بحجر واحد.. قدمنا للعالم التراث الفنى المصري.. واستفدنا من جمهور الغناء فى هذه الحفلات ومحونا بهذا الفن الراقى موجات الاسفاف التى نشهدها فى بعض صور الغناء الآن!
ومن جهة أخرى أحلم بتعميم هذه التجربة واتمنى ان تقدم هذه الحفلات بشكل دورى فى كل محافظات مصر.. وننزل بهذه الفنون الى المقاهى والميادين والتجمعات الشعبية والعمالية والشبابية.. نذهب للناس فى اماكنهم بالثقافة والفن والابداع وتنقل فضائيات المتحدة بتميزها هذا الزخم الجماهيرى والثقافى إلى من هم خارج هذا المكان فى مصر وخارجها.
كما ادعو لعودة الحفلات الشهرية التى كانت إحدى السمات المميزة للحياة الفنية المصرية واحدى الحضانات التى تخرج منها نجوم جدد.. أدعو لعودة هذه الحفلات إلى كل عواصم المحافظات.. تخيلوا معى ان هناك حفلاً فى أسيوط وآخر يليه فى أسوان وثالث فى شبين الكوم ورابع فى الإسماعيلية وخامس فى العريش وسادس فى مرسى مطروح.. ويصاحب هذه الحفلات برامج سياحية للترويج السياحى والثقافى تبث قبل وبعد هذه الحفلات مصحوبة بترجمة.. تخيلوا معى اذا اقيم حفل فى ربوع معبد الكرنك سوف يشاهد العالم كله عظمة الفراعنة فى معبد الكرنك.. والمتحدة قادرة ومؤهلة على تحقيق هذا تخيلوا ماذا.
لو اقمنا حفلاً فى صحن مسجد السلطان حسن للانشاد الديني.. وماذا لو اقمنا حفلاً للانشاد الصوفى فى رحاب سيدنا الحسين أو فى رحاب السيدة زينب والسيدة نفيسة.. تخيلوا معى لو اقمنا الحفلات الشهرية فى الإسماعيلية والسويس وجنوب سيناء.. وفى كل حفل يقدم تراث هذا المكان الفنى بجوار نجوم الغناء مع تقديم الوجوه الجديدة مثلما كانت تفعل حفلات التلفزيون فى الماضى ولكن بطبعة وطلة جديدة التى تتميز بها القنوات الفضائية فى المتحدة.. تخيلوا معى حين نعيد حفل الربيع وحفلات الصيف والشتاء مثلما كانت تقدم فى الماضى النجوم الكبار إلى جانب النجوم الجدد.
تذكروا معى حين كان يغنى عبدالحليم حافظ بجوار أم كلثوم وحين اكتشف عبدالحليم حافظ هانى شاكر وعفاف راضى وليلى نظمي.. كثير من نجوم الغناء الآن..كانت شهادة ميلادهم حفلات التلفزيون.
تعالوا ننشر الفن الراقى ونكتشف نجوماً جدداً يبحثون عن نقطة ضوء.. نعم نحن قادرون فى كل مجال.. نعم نحن نستطيع… نعم اديروا وجوهكم الآن نحو العلمين وسترون مصر كلها هناك.. وادعوكم إلى التحول بعد ذلك إلى كل عاصمة من عواصم المحافظات إلى كل شبر من أرض مصر لنكتشف معًا نجومًا جدداً ومنابع للفن والابداع.. تعالوا.
نبث للعالم كله حب مصر للحياة ونحن قادرون.