رحل العالم الجليل الأستاذ الدكتور محمد علي محجوب وزير الأوقاف الأسبق في الفترة من عام 1986م حتي عام 1996م وهي مرحلة فارقة في تاريخ الأمة، عملت في فترة توليه وزيرا إماما وخطيبا، وقد كان وزيرا يشار إليه بالبنان فقد كان محنكا وسياسيا ومتحدثا من طراز فريد ارتبط بكل العاملين بالوزارة اجتهد أصاب وأخطأ لم يقطع رزق أحد ولم يحارب إماما في رزقه وكفي الراحل الكريم أنه من دشن لمشروع صندوق نهاية الخدمة للعاملين في الأوقاف بداية من العمال مرورا بمقيمي الشعائر وانتهاءً برجال الدعوة وهو من قرر صرف 100 شهر طبقا لآخر راتب، وينسب له الفضل في إنشاء مصنع للزي الرسمي لرجال الدعوة بمنطقة طره بالقاهرة
لقد كان الدكتور- محجوب- رحمه الله- يري أنه لابد من كفاية الأئمة عند إحالتهم للتقاعد، في عهده كان الإمام صاحب كرامة مرفوع الرأس يعيش في أمان واستقرار وهدوء، ولن أنسي يوم أن تقدم أحد أعضاء مجلس الشعب باستجواب متهما إياه بالتبذير في أموال الأوقاف وكان رده الحاسم إذا كان مصنع الزي الأزهري وإقامة مستشفي للدعاه تبذيرا فمرحبا بهذا التبذير، وصفق له الأعضاء لعشر دقائق وما حدث مسجل بمضابط المجلس
وكان متحدثا لبقا وما زلنا نذكر له أحاديثه في اللقاءات العامة وفي المنتديات
رجل دولة من طراز فريد فقد كان عصاميا عاش وسط الناس وعرف كل آمالهم وآلامهم، وكان عنوانا بارزا للوزارة الكبيرة والرائدة المنوط بها أمر الدعوة في داخل مصر وخارجها لقد كان إنسانا بحق ولي معه تجربة شخصية ومباشرة فقد كتبت مقالا في أواخر عام 1990 عددت فيه مواجع ومشاكل كنت أعاني منها وهي الخمسة جنيهات التي كنا نتقاضاها كبدل إطلاع وهو مبلغ زهيد وقليل في هذا الوقت
كنت حادا وقاسيا في مقالي هذه حقيقة فقد كنت حديث العهد بالكتابة الصحفية وكنت في ريعان شبابي، وقد غضب الرجل واستدعاني إلي مكتبه في اليوم الثاني ومكثت بالوزارة زمن العظماء الدكتور عبدالله عبدالشكور وأصحاب الفضيلة الشيخ محمود حبيب ومحمد زيدان ومنصور الرفاعي عبيد ثلاثين يوما أو يزيد وأشهد الله أنه عاتبني عتاب الأب لولده وفلذة كبده ، وهكذا يكون المسئول والقائد والوزير الإنسان، وعندما قابلته قبل عودتي إلي مديرية الأوقاف كانت توجيهاته: (يعود إلي مسجده معززا مكرما) سيبقي الراحل الكريم الدكتور محمد علي محجوب استاذ الشريعة بكلية الحقوق جامعة عين شمس عنوانا للوزير والعالم والأستاذ الجامعي والبرلماني الفذ فقد كان نائبا عن دائرة حلوان و15 مايو لعدة دورات برلمانية وكان يحظي بحب الدائرة التي حملته علي الأعناق وله خدمات واضحة وملموسة لاينكرها إلا جاحد علي المنطقة أمثاله قليلون يعدون علي أصابع اليد الواحدة
صحيح أنه ترك كرسي الوزاره منذ أكثر من ربع قرن أو يزيد إلا أنه مازال متربعا في قلوب من عاصروه ويشهدون له بالتفاني والتجرد
وهكذا العظماء والنبلاء في كل زمان ومكان لقد كان بحق وزيرا إنسانا طيب القلب عف اللسان نقي السريرة رحم الله العالم الجليل وأسكنه فسيح الجنان جزاء ما قدم للدين، وللإنسانية، ولوطنه الكبير مصر.