صحيح استطاع دكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء إقناع أعضاء مجلس النواب بمنحه الثقة هو وحكومته الثانية، بعد تقديم برنامج الحكومة كاملا ومفصلا فى 300 صفحة اقرته اللجنة الخاصة المشكلة من قبل المستشار حنفى الجبالى رئيس مجلس النواب بعد أكثر من 70 ساعة عملاً على مدى 6 أيام ومشاركة جميع الوزراء وعدد كبير من نوابهم، ولكن يبقى السؤال هل هذا يكفى وبمعنى أدق هل ثقة النواب كافية للحكم على نجاح أو فشل حكومة مدبولى الثانية ؟
قطعا الإجابة « لا « لأن صاحب الحق الأصيل فى الحكم على نجاح الحكومة او فشلها – لا قدر الله – هو الشعب أو المواطن المصرى على مختلف اطيافه وانتماءاته، رغم أن البعض قد يرى أن أعضاء البرلمان هم فى الأساس ممثلو الشعب وهذا واقع، ولكنهم منحوا الثقة للحكومة وفق العهود والوعود التى قطعها دكتور مدبولى على نفسه وحكومته والتى تزيد على 200 وعد وعهد، و هى ستظل عهودا ووعودا كما يقولون، حتى يتم تنفيذها على أرض الواقع ويشعر بها المواطن ويقر بنجاحها، وبعدها يقرر هو دون غيره منح الثقة للحكومة.
والسؤال الأهم متى يمنح الشعب أو المواطن ثقته للحكومة؟ والإجابة عن هذا السؤال تتركز فى عدة نقاط وخطوات منها ما هو عاجل وبعضها آجل، أما العاجل فيتمثل فى شعور المواطن بتحسن ملموس فى عدد من الخدمات التى تقدمها الحكومة، لعل فى مقدمتها انتهاء مشكلة انقطاع التيار الكهربائى أو تخفيف الأحمال الذى يتوقف ووفقا لتعهدات دكتور مدبولى بصفة مؤقتة هذا الأسبوع وحتى نهاية سبتمبر المقبل على أن تنتهى الأزمة نهائيا مع بداية العام المقبل، وكذلك الحال بالنسبة لأزمة الارتفاع الجنونى فى الأسعار خاصة فيما يتعلق بالسلع الأساسية والضرورية، علاوة على تحسين الخدمات الصحية وتوفير الادوية التى باتت أزمة تؤرق الكثير من أبناء الشعب، لاسيما البسطاء منهم.
واذا تطرقنا للحديث عن الشق الآجل فى العهود والوعود التى قطعها دكتور مصطفى مدبولى على نفسه وحكومته مؤكدا تنفيذ معظمها خلال السنوات الثلاث الأولى من ولاية الحكومة، يأتى فى مقدمتها خفض نسبة التضخم وزيادة معدل النمو ليصل إلى ٦% وبالتالى السيطرة على العملات الأجنبية وفى القلب منها الدولار ولن يتأتى ذلك إلا بتقليل الاستيراد والاعتماد على المنتج المحلي، الأمر الذى يتطلب التوسع فى إنشاء المزيد من المصانع وإعادة تطوير وتحديث وتشغيل الكثير من المصانع المتوقفة لسبب أو لآخر، والتى تبلغ وفقا لما أعلنه الفريق كامل الوزير نائب رئيس الوزراء لشئون الصناعة والنقل حوالى 13 ألف مصنع، وهو رقم لو تعلمون عظيم .
أيضا ينتظر المواطن من الحكومة الجديدة تحسنا كبيرا فى الخدمة الصحية من خلال تطوير المستشفيات الحكومية القائمة وإنشاء المزيد لاسيما فى المحافظات ونفس الحال بالنسبة للخدمات التعليمية وتحسين جودة التعليم، خاصة فى المرحلة الأساسية ولن يتم ذلك الا بالاهتمام بالمعلم بوصفه حجز الزاوية فى نجاح المنظومة كلها ومعه بالطبع الاهتمام بالابنية التعليمية وتزويدها بالوسائل والتقنيات الحديثة.
المؤكد أن هناك الكثير والكثير من الأمور التى ينتظرها المواطن من الحكومة الجديدة حتى تنال ثقته خلال الفترة المقبلة وفى مقدمتها الحفاظ على الأمن القومى للبلاد وفقا لما ذكره الرئيس السيسى فى خطاب تكليف الحكومة وكذلك العمل على بناء الإنسان المصرى باعتباره أساس أى نمو أو تقدم، وهذا الأمر يتداخل فى عمل الكثير من الوزارات والمصالح فى القلب منها الثقافة، التعليم، الصحة، الشباب والرياضة والتنمية المحلية وغيرها من الوزارات والهيئات، ولذلك تم تشكيل لجنة وزارية خاصة برئاسة دكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية، باعتبار هذا الملف هو الأهم والاخطر أمام حكومة مدبولي، فهل تنجح فى إنجاز العهود والوعود التى قطعها دكتور مدبولى وبالتالى تحصل على ثقة الشعب ليكتمل «ثالوث الثقة».. إن صح التعبير.. بعد حصولها من قبل على ثقة الرئيس والبرلمان ؟!، هذا ما ستكشفه الأيام المقبلة وان غدالناظره قريب .