ما بين يوليو 1952 ويونيو 2013 رباط مقدس لا ينقطع اسمه الوطن المصرى، استقلاله، وهويته، وطن لا يقبل أن يخضع لقوة مهما كانت.. أو ترتبط إرادته بجماعة.. وطن حى لا يخنع ولا يخضع، وجيش وطنى لا يسمح لأرضه بأن يدنسها محتل أو طامع أو حاقد.. ينتفض لينقذ الوطن، فيغير العالم كله.
فى 23 يوليو 1952 تحرر الوطن من احتلال بغيض جثم على صدور المصريين 70 عاماً.. وفى 30 يونيو 2013 تحرر الوطن من جماعة إرهابية فاشية كانت تخطط لحكم مصر خمسمائة عام لتغيير هويتها وتضييع تاريخها.. لكن الشعب المصرى ثار غاضباً ليحرر وطنه.. وجيش مصر كان هو الحامى لإرادة الشعب المنقذ للوطن.. المدافع عن استقلاله فى 52 قاد الجيش الثورة وخلص البلاد من الملك والفساد فالتف حوله الشعب وفى 2013 خرج الشعب رافضًا حكم المرشد وحماه الجيش ونفذ ارادته.
ومن قلب الجيش خرج فى 1952 زعيم قاد مصر والمنطقة للتحرر والبناء.. هو الزعيم جمال عبدالناصر.. ومن الجيش المصرى أيضاً خرج الفريق أول عبدالفتاح السيسى ليعيد مصر إلى مكانتها ويعيد بناءها بعد ما كادت تنهار تحت حكم الجماعة الإرهابية ومخططات الفوضى.
إنه جيش مصر وشعبها الأبى.. وزعامتها التى تلبى نداء الوطن وتقود مسيرة البناء.
مجلس قيادة الثورة
محمد نجيب
مواليد 20 فبراير 1901 تخرج ضابطا بسلاح المشاة فى عام 1921 من مدرسة الحربية، اشترك فى حرب فلسطين عام 1948 وانتخب رئيسا لنادى الضباط فى يوليو 1952، واختاره الضباط الأحرار ليكون قائداً للثورة وكان أول رئيس للجمهورية بعد قيام ثورة 23 يوليو 1952.
محمد أنور السادات
مواليد 25 ديسمبر 1918 – وتخرج فى الكلية الحربية فى فبراير 1938 وعين فى قسم الاتصالات السلكية واللاسلكية، التقى بجمال عبدالناصر فى منقباد، عمل بالصحافة حتى عام 1950 وعاد للجيش فى 15 يناير 1950 وانضم لتنظيم الضباط، وأذاع البيان الأول للثورة يوم 23 يوليو 1952، وقام بإنشاء جريدة الجمهورية وتولى رئاسة تحريرها فى ديسمبر 1953.
صلاح سالم
ولد فى سبتمبر 1920 تخرج فى الكلية الحربية سنة 1938 وعندما قام الضباط الأحرار بحركتهم كان فى العريش، وسيطر على القوات الموجودة هناك، عمل فى الصحافة وشغل منصب رئيس تحرير ورئيس مجلس إدارة جريدة الجمهورية.
جمال سالم
تخرج فى الكلية الحربية سنة 1938 وانضم إلى تنظيم الضباط الأحرار، وشارك فى حرب فلسطين، وبعد نجاح حركة يوليو 1952 اختير للجنة العليا للإصلاح الزراعى التى لعبت دوراً بارزاً فى تصفية ممتلكات كبار ملاك الأراضى الزراعية.
خالد محيى الدين
ولد بمحافظة القليوبية عام 1922، وتخرج فى الكلية الحربية عام 1940، وانضم للضباط الأحرار عام 1944.
جمال عبدالناصر
وُلد جمال عبدالناصر فى 15 يناير 1918، وحينما أعلنت الكلية الحربية قبول دفعة استثنائية تقدم بأوراقه ونجح، وتخرج برتبة ملازم ثان فى يوليو 1938 انتخب عام 1950 رئيساً للهيئة التأسيسية للضباط الأحرار، ثم أصبح فى يونيو 1956 رئيساً منتخباً فى استفتاء شعبي.
عبدالحكيم عامر
تخرج فى الكلية الحربية عام 1938 وكلية أركان الحرب عام 1948، كان عضوا بمجلس قيادة ثورة 23 يوليو 1952، وعين قائداً عاما للقوات المسلحة للجمهورية العربية المتحدة عام 1958.
زكريا محيى الدين
ولد فى 7 مايو 1918كفر شكر محافظة القليوبية، والتحق بالمدرسة الحربية فى عام 1936، تخرج فى كلية أركان الحرب عام 1948 وسافر مباشرة إلى فلسطين وانضم للضباط الأحرار قبل قيام الثورة بحوالى 3 شهور.
عبداللطيف البغدادى
مواليد 20 سبتمبر 1917 – تخرج فى الكلية الحربية فى 31 ديسمبر 1938 والتحق بكلية الطيران وتخرج فيها عام 1939 وكان أول ضابط طيار مصرى ألقى قنابل على تل أبيب، وانضم لتنظيم الضباط الأحرار عام 1950.
مصطفى كامل مراد
من مواليد 28 نوفمبر عام 1927 بحى السيدة زينب بالقاهرة، التحق بالكلية الحربية وتخرج فيها عام 1948، واشترك فى حرب فلسطين كضابط مدفعية ميدان، وانضم لتنظيم الضباط الأحرار مع كمال الدين حسين فى يناير عام 1949.
يوسف صديق
تخرج فى الكلية الحربية عام 1933 وشارك فى حرب فلسطين، انضم لتنظيم الضباط الأحرار عام 1951.
حسين الشافعى
مواليد 8 فبراير 1918 بمدينة طنطا، شارك فى حرب فلسطين عام 1948، ووقع اختيار جمال عبدالناصر عليه عام 1951 ليكون ممثلا للضباط الأحرار فى قيادة المدرعات.
كمال الدين حسين
ولد فى القليوبية عام 1921، حصل على بكالوريوس العلوم العسكرية من الكلية الحربية عام 1939، وكان أحد أعضاء تنظيم الضباط الأحرار البارزين وأصبح عضواً بمجلس قيادة الثورة.
الثورة.. تفاصيل الأيام الأخيرة للملك
«23 يوليو».. لماذا باركها الجميع؟
الأسرة العلوية كان لديها تخوف من قيام الجمهورية.. منذ ثورة عرابى
بقلم: حلمى النمنم
مساء يوم 26 يوليو سنة 1952، أعلنت إذاعة القاهرة، وسيلة الإعلام الأسرع وقتها، أن جلالة الملك «فاروق الأول «تنازل عن العرش، صباح اليوم لولى العهد، نجله «الأمير أحمد فؤاد»، كان ولى العهد قد أتم ستة شهور من العمر، وجاء فى البيان أن جلالته غادر البلاد على اليخت «المحروسة» فى السادسة مساء، وأطلقت المدفعية 21 طلقة تحية للملك وتلقى التحية العسكرية، كان فى وداعه اللواء محمد نجيب ومعه عدد من زملائه الضباط.
قبل يومين من تنازله، كان الملك قد قام بترقية اللواء محمد نجيب الى رتبة فريق وعينه قائدا عاما للقوات المسلحة.
كان «الضباط الاحرار» تحركوا ليلة 23 يوليو نحو مقر القيادة، لم يقتربوا من القصور الملكية ولا تعرضوا لإى مواطن فى الشارع، لا فوضى ولا ازعاج، لا قتلى ولاجثث ملقاة فى الشارع، واصدروا البيان الاول، أذيع بصوت البكباشى أنور السادات صباح يوم 23 يوليو.
جاء البيان مطمئنًا للكثيرين وربما للملك نفسه، فى البيان التمسك بالدستور والحرص على الامن وحماية المنشآت العامة والحفاظ على ألأمن، مع ضمان حماية أرواح وسلامة الاجانب ومطالبة الجميع بالهدوء،
لم يرد فى البيان كلمة تمس الملك شخصيًا أو تتعلق بالنظام الملكي، اما الحديث عن الرشوة والفساد كما ورد بالبيان فينصرف إلى الحكومات.
كل هذا جعل التساؤل ملحًا هل حركة الضباط مقصود بها بعض الاصلاحات ومواجهة تردى الاوضاع ام يمكن ان تمتد الى الراس، أى الملك فاروق شخصيا؟
يمكننا الاستنتاج ان الملك راهن فى البداية على الاحتمال الاول، لذا أبدى مرونة شديدة واستجابة سريعة لمطالبهم، أقال حكومة نجيب الهلالى بعد أقل من 24 ساعة على تكليفها وكلف على ماهر بتشكيل حكومة جديدة وفقا لطلبهم هم، عموما كان على ماهر من المفضلين لديه، وابعد من طلب إليه ابعادهم من افراد الحاشية الملكية مثل مستشاره المالى إلياس أندراوس، ثم قام بترقية محمد نجيب وفق اقتراح عدد من افراد الاسرة قبل أيام.
ويزيد ذلك الاحتمال تأكيدًا ماذكره مرتضى المراغى فى مذكراته، كان مرتضى وزير الداخلية المقرب منه، كان نجل الشيخ محمد مصطفى المراغى الذى عاش ومات مخلصًا للعرش وللملك، وهكذا تمسك الملك بالابن.
ذكر وزير الداخلية الاخير مع الملك ان جلالته اتصل به فى الثالثة فجر يوم 23 يوليو وتداول معه فى الاخبار حول تحركات الضباط وكلفه ان يتصل باللواء نجيب ويكلفه بالتوجه الى هؤلاء الضباط والتفاهم معهم وتهدئتهم، خشية ان تستغل القوات البريطانية المتواجدة فى منطقة القناة الظروف وتدخل القاهرة مجددا، هذا التخوف نفسه كان يشغل جمال عبدالناصر وزملاؤه.
كان الملك يعرف أنهم من «أولاد نجيب»، حيث تكتلوا خلفه فى شهر مايو بانتخابات نادى الضباط ضد مرشح الملك.
تحرك اللواء محمد نجيب الى مقر القيادة باتصال هاتفى متفق عليه مع الضباط، يوم 19 يوليو، بعد ان يكونوا سيطروا على مقر القيادة وكذلك اتصال وزير الداخلية..ترى كيف كان نجيب يفكر ويشعر لحظتها؟مع الاسف لم يحاول احد مناقشة ذلك مع أول رئيس للجمهورية.
استجابة الملك السريعة وتجاوبه مع مطالبهم، جعل بعض السياسيين وفق مذكرات المحامى الوفدى «إبراهيم طلعت»، يتمنون، بل يطلبون ان يصل الامر الى عزل الملك فاروق نفسه.
كان ممكنًا ان يستمر الملك ويبقى ملكًا دستوريا، يملك ولا يحكم، لكن سياسيًا كان هناك تخوف من ألاعيب الملك وتقلباته، وهكذا أستقر الرأى على ان يتنازل الملك بنفسه وقد فعلها وفق الوثيقة المشهورة، طبقا لمذكرات سكرتير الملك د.حسن حسنى اراد الملك ان يضيف إلى نص الوثيقة بخطه جملة «وبناء على رأينا الشخصي»، لكن المستشار سليمان حافظ وكيل مجلس الدولة الذى حمل الوثيقة رفض هذا المطلب، ليته وافق.. كان على ماهر زار الملك صباحًا وأقنعه بالتنازل.
فى دراسة سابقة أسميت ماجرى يوم 26 يوليو 1952، بانه–حرفيًا–عملية «تسليم وتسلم «، كانت خشنة فى بعض خطواتها وسلسة فى معظمها، حدثت عمليات قريبة من ذلك فى عدد من الدول العربية، مثلًا سنة 1954، فى الاردن الشقيق بين الملك طلال والملك حسين.
فور أن غادر الملك فاروق البلاد بادرت القوى الوطنية والسياسية، معظم الاحزاب، بمباركة ماجرى .بالإضافة الى الشخصيات العامة والرموز الفكرية والأدبية.. أما الصحف وكبار الصحافيين فقد ساندوا من اللحظة الاولي، وتنافسوا فيمن كان أسبق فى تهيئة الاجواء لما جري.
زعيم الوفد مصطفى النحاس كان –كعادته– يقضى إجازته الصيفية فى اوروبا، عاد على عجل بالطائرة، رغم انه لم يكن يحب ركوب الطائرات، وتوجه الى مقر القيادة العامة فى كوبرى القبة والتقى اللواء محمد نجيب وبعض زملائه مهنئا باسمه شخصيًا وباسم الوفد كله، رئيس حزب الاحرار الدستوريين د.محمد حسين هيكل ترأس وفدا من الحزب وفعل الشيء نفسه، الحزب السعدي، الحزب الوطنى الجديد وهكذا بقية الاحزاب المهمة والمؤثرة.
وهنا يصبح التساؤل ضروريا..لماذا كان هذا التأييد الحاسم ..السريع والواسع؟
ضرورة التساؤل تنبع من ان بعض الباحثين والسياسيين يجيدون تقييم احداث مضت بمعيار اللحظة الحاضرة وليس وفق المناخ وأولويات لحظة وقوعها، ويريدون الزام الشخصيات التاريخية بمواقف وايديولوجية الباحث، وهكذا فان كارهى ثورة يوليو «على كبر»، وكارهى زعامة عبدالناصر «على طمع» فى حظوة ما لدى أى من خصومه، أو لاحن خاصة أو موقف سياسى وفكرى عميق.
هؤلاء راحوا يدينون ويلعنون مواقف كبار الزعماء والمفكرين لأنهم ساندوا ودعموا الثورة، حتى ان احدهم زعم ان طه حسين «صار مهادنا» واصبح «مثقف السلطة»، ولو انه قرأ مقالات طه حسين فى جريدة «الجمهورية» سنوات الخمسينيات وحتى سنة 1964، لتراجع عما قال، البعض الآخر «فبرك»مواقف ونسبها الى العقاد فى كراهية الثوره وعبدالناصر، رغم ان العقاد لديه كتاب «فلسفة الثورة فى الميزان «، وغيره من الكتابات الكثيرة.
مصطفى النحاس ومحمد حسين هيكل وسواهما اتخذوا الموقف الصحيح فى يوليو 1952، كانوا وطنيين وليبراليين ايضا، ذلك ان العاصمة احترقت، امام الجميع، فى 26 يناير 1952.
كان الحريق فرصة لان يراجع الملك سياساته ويتخلص من بعض العناصر المحيطة به، يستعيد الثقة والمصداقية به فى الشارع السياسى ويتقرب من المواطنين، كما كان فى بداية عهده، الملك المحبوب، القريب من قلوب الناس وكان ذلك ممكنا.
الرئيس السادات تعرض لمظاهرات يناير 1977، وتجاوزها، رمم سياساته واتخذ فى نفس السنة خطوته الجبارة بالاتجاه مباشرةً الى السلام واستكمال تحرير سيناء بالتفاوض. الرئيس مبارك واجه احداث الأمن المركزى 1986، وخرج اقوى وأكثر ثقة وتمكنًا.
فى يناير 52، كان المخلصون للعرش والقلقون على الوطن كثر، هناك من انتظروا ذلك وتوقعوه، خاصة بعد ان كلف نجيب الهلالى بتشكيل الحكومة وبدأ بالفعل فى مواجهة الفساد.
كثيرون تصوروا ان نهاية النظام الملكى كتبت يوم حريق القاهرة، كان يمكن ان تكون «شهادة ميلاد «جديدة للملك، لكن الشهادة لم تكتب، حين تقدم الهلالى باستقالته اثر شائعة أو مكيدة تم الهمس بها فى اذنه، وكان يجب على الديوان الملكى شرح الأمر للهلالي، كان الهلالى نظيف اليد ومخلصًا، لديه خبرة طويلة مع الإلمام بكثير من تعقيدات الامور لكنه لم يكن محاربًا.
الملك تصرف بروح اقرب إلى العدمية، مع هذه الاستقالة تصاعدت عوامل الهبوط، بات مؤكدا للجميع انهيار الملك بعد انتخابات نادى الضباط، حيث وقف شباب الضباط ضد مرشح الملك للمرة الاولى واسقطوه، ثم عرف أمر منشورات «الضباط الاحرار».
فى تلك الفترة أزدادت المخاوف من ان يتكرر مشهد حريق القاهرة بشكل أو آخر وتحدث الفوضى فى البلاد، مع الفوضى يمكن ان يتكرر ما جرى فى كثير من بلدان شرق اوروبا، ثورة ماركسية «شيوعية»، صورة أخرى مما جرى فى روسيا سنة 1917.
لم يكن فى الامر مبالغة كبيرة، كانت هناك العديد من الخلايا والتنظيمات اليسارية، بعضها كان نشطًا وكانوا منتشرين فى بعض الاوساط.
فى مايو سنة 1947، حذر الملك المعزول احمد زوغو –ملك ألبانيا السابق– صديقه الملك فاروق من انتشار الخلايا الشيوعيه فى مصر وحدد له بالاسم مدنا مثل الاسماعيلية وبورسعيد والمحلة الكبرى والقاهرة، فضلا عن بعض الجهات الرسمية، جاء فى مذكرات سكرتير الملك زوغو ان الملك فاروق انصت جيدا.
ومنذ سنة 1950، كانت هناك مطالب بتحديد الملكية الزراعية، شكل مجلس الشيوخ لجنة برئاسة عضوٍ المجلس المفكر والناقد الكبير عباس العقاد لدراسة هذا المطلب، فى النهاية أقرته اللجنة خوفا من قيام ثورة شيوعية، لكن الملك –طبقا للمعلومات السائدة–وقف بشدة ضد هذا المشروع واتهم القائلين به.
وهكذا يمكن القول ان معظم النخب الليبرالية سياسيا وفكريا، كان رأيهم إن الانهيار قادم واذا حدث فالبديل قد يكون ثورة ماركسية.
الملك فاروق نفسه سيطرت عليه منذ سقوط الملكيات فى اوروبا بعد الحرب العالمية الثانية فكرة ان مصر تتجه «حتما»، نحو الجمهورية.
حكام الاسرة العلوية لديهم تخوف منذ الثوره العرابية من احتمال قيام الجمهورية، أحد اسباب انحياز الخديو توفيق للانجليز ضد الثورة العرابية، هو ماتردد عن عزم عرابى عزل توفيق واعلان قيام الجمهورية، الملك فؤاد كان مرعوبا من ان يفعلها سعد زغلول، ثم زادت مخاوفه مع اعلان اتاتورك قيام الجمهورية فى تركيا، خاصة أن أتاتورك كان له كثير من المعجبين، حتى أن أحمد شوقى كتب قصيدة يمتدحه.
فى عهد الملك فاروق ازدادت المخاوف، فكر النحاس باشا ومعه مكرم عبيد سنة 1938، فى خلع الملك وإعلان الجمهورية، لكن السفير البريطانى وقف بشدة ضد ذلك التفكير وطلب من النحاس ان يكف عن معاملة الملك كصبى (As aboy).
بعد حرب فلسطين سيطرت الفكرة (الجمهورية)على الملك، روى عنه ان كان يردد فى جلساته الخاصة وسهراته ان النظم الملكية الى زوال ولن يبقى سوى ملك بريطانيا وملك الكوتشينة وقد نقل ذلك عنه وقتها.
ورد فى مذكرات كريم ثابت المستشار الصحفى للملك، ثم وزيرا، ان الملك كان يردد ان مصر تتجه نحو الجمهورية، باسرع مما يتوقع كثيرون، يقول كريم ثابت انهم حاولوا زحزحة تلك الفكرة التى سيطرت عليه بان النظام الملكى قوى والناس تحب العرش، لكنه رفض وأكد انه مثلهم يتمنى ان يكون كلامهم صحيحاً، وقال كذلك ان اقصى ما يستطيع هو تأخير الوصول إلى تلك اللحظة.
ذكر كريم ثابت ايضا ان الملك فى احد الاجتماعات الرسمية بالقصر ذكر ان مصر تتجه نحو الجمهورية واضاف «يجب ان نعد البلد لتلك اللحظة».
ودون خوض فى تفاصيل وملابسات كثيرة، كانت شقيقة الملك الأميرة «فائزة»، مقتنعة ان الجمهورية سوف تعلن وان ضباط الجيش هم من سيفعلونها، هى تعاونت فترة مع مجلس قيادة الثورة وقبلت اسمها عاديا بلا ألقاب.
كان الملك يتكلم على هذا النحو والمشهد السياسى امام الجميع، صار الهاجس ليس حماية العرش بل حماية مصر من جمهورية اشتراكية (شيوعية).
الجهة الوحيدة التى كان فى مقدورها التصدى لهذا الاحتمال هى القوات المسلحة، لذا كان الكثيرون يتطلعون نحوها، يرون فيها الخلاص، قوةً نظامية ومنضبطة، تعود الى ايام محمد علي، باختصار قوة ومؤسسة أمينة على المشروع الوطني، لايمكن لنا استنتاج أن احدا منهم فوجئ كثيرا يوم 23 يوليو، بل لعلهم تنفسوا الصعداء ورحبوا بالقادمين الجدد، ثورة من داخل النظام وليست من خارجه، كل الثورات فى مصر المعاصرة تنطلق من داخل النظام أو من رجاله، حتى لو كانوا خارج المواقع الرسمية، كما حدث سنة 19.
أربعة أيام فى يوليو
بقلم: صلاح عطية
> اربع مناسـبــات فى شــهر يوليو ترتبط بثورتى 23 يوليو 1952 و30 يونيو 2013، فى ثورة 30 يونيو لدينا يوما 3 يوليو و26 يوليو 2013.. فى 3 يوليو 2013 استجاب جيش مصر لنبض الشعب كله الذى خرج ثائرا فى 30 يونيو يطلب الخلاص من حكم الجماعة الارهـابية التى ارادت تغيير هوية الوطن.. وأعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي.. وزيــر الدفاع فى ذلك الوقت انتهاء حكم العصابة الاخوانيــة.. وفى يوم 26 يوليو كان التفويض الأول للرئيـس عبدالفتاح السيسى حين خرج وهو قائد لجيش مصر يطلب من المواطنين ان يفوضوه لمواجهة ارهاب هذه الجماعة الغادرة.. وفى 26 يوليو..يوم المبايعة.. كان عدد الذين خرجوا من ابناء الشعب يبايعون القائد يفوق من خرجوا فى 30 يونيو.. وكان لهذا دلالاته التى لا تخطئها العين..لقد وضح ان الشعب قد اختار منذ ذلك الوقت من سيقود الوطن فى مرحلة من ادق مراحل حياته.
> أما فى 23 يوليو 1952 فقد كانت ثورة حقيقية بدأها ضباط شباب من ابناء جيش مصر.. ارادوا خلاص هذا الوطن مما كان يعانيه.. وخرج الشعب كله فى ذلك اليوم والايام التالية ليحتضن هذه المجموعة من شباب الضباط.. ويسير بهم فى طريق ثورة شاملة غيرت كل شئ فى مصر وفى وطنها العربي.. وفى محيطها الاقليمي.. بل فى كل بلد متطلع الى الحرية والعدل والاستقلال.
> وكـان اليوم الثانى لثورة يوليـو فى عــام 1952 هــو 26 يوليو 1952.. الذى انتهى فيه عمليا حكم الملك فاروق لمصر.. وحكم الاسرة العلوية كلها.. حتى وان تأخر اعلان ذلك الى 18 يونيو عام 1953 حين انهيت الملكية واعلنت جمهورية مصر.. وانتهى بذلك رسميا حكم الاسرة العلوية لمصر بعد نحو مائة وخمسين عاما.
> وارتبط يوم 26 يوليو ايضا بيوم اخر من ايام ثورة يوليو.. ففى ذلك اليوم من عام 1956 امم جمال عبد الناصر شركة قناة السويس لتصبح شركة مساهمة مصرية.. ليقوم العالم.. ولا يقعد.. ويتغير تاريخ العالم كله بعد تأميم القناة.. وتواجه مصر ضغوطا لا حصر لها.. وحصارا من كل اتجاه.. تصمد له مصر.. وينتهى الامر بعدوان 1956 فى 29 اكتوبر 1956.. وتخرج منه مصر منتصرة بعد ان فشلت دول العدوان الثلاثى فى فرض ارادتها.. وكسر ارادة مصر.. ويتغير العالم كله.. ويصبح تاريخ العالم يشار اليه بما قبل السويس وما بعد السويس.. ما قبل السويس كان شيئا.. وما بعد السويس.. اى الحرب من اجل قناة السويس.. او حولها.. كان شيئا اخر.. انتهت بعده الامبراطورية البريطانية التى كانت تقول ان الشمس لا تغرب عنها.. غربت شمسها.. وكما قيل وقتها قطعت ذيل الاسد البريطانى فى مصر.
> بعد عدوان 1956.. وفشل المعتدين فى فرض ارادتهم على مصر.. واصلت ثورة يوليو 1952 بناء الوطن وخوض المعارك فى الداخل والخارج ضد اعداء الوطن.. وكان على رأسهم فى الداخل جماعة الاخوان الارهابية التى حاولت منذ العام الاول للثورة فرض هيمنتها ووصايتها على الثورة ورجالها.. فبدأ العداء السافر تجاه الثورة ورجالها الذى لم يهدأ.. وتبدو فى أمور كثيرة..كان بينها محاولة افساد محادثات الجلاء بين مصر وبريطانيا والتى انتهت بتوقيع اتفاق جلاء قوات بريطانيا بعد نحو ثلاثة ارباع قرن من الاحتلال البريطانى لمصر.. وخرجت اخر بقايا الاحتلال رسميا فى 18 يونيو 1956.
> وكانت قمة العداء لثورة يوليو من جماعة الاخوان الارهابية محاولة اغتيال جمال عبد الناصر فى اكتوبر 1954 والتى ظلت الجماعة تنكرها طويلا حتى اعترف بها عدد من قادتها بعد سنين طويلة من هذه المحاولة التى تكررت عدة مرات كانت اخطرها فى عام 1965 حين جندوا احد جنود الحرس الجمهورى للقيام باغتيال عبدالناصر.. ولكنهم فشلوا بارادة الله سبحانه وتعالي.. وتكشفت مؤامرات الاخوان فى عام 1965 التى كانت تتضمن نسف القناطر الخيرية لاغراق الدلتا ونسف محطات الكهرباءومرافق اخرى عديدة.
> ولم يتوقف عداء الاخوان لثورة يوليو 1952 حتى الان.. مازالوا على قمة اعداء هذه الثورة.. ويربون ابناءهم وعملاءهم على كرهها وتشويهها بالصاق كل نقيصة بها..فقد اصبح العداء للثورة ثأرا لا يتوقف..
> اما اعداء الخارج فهم لم يتوقفوا عن محاولات هدم ثورة يوليو واستهداف زعيمها جمال عبد الناصر.. وقد شعروا بخطورة المبادئ التى يدعو اليها والتى كان من بينها افساد مخطط الغرب باقامة حلف بغداد..ثم اقامة الوحدة بين مصر وسوريا فى عام 1958.. والتى تآمرت قوى اقليمية ودولية على اسقاطها ونجحوا فى هذا فعلا فى سبتمبر عام 1961.. بعد ان كانت تمثل الدولة الحلم فى وحدة عربية شاملة.
> ثم جاءت حرب اليمن.. ليزداد التورط ضد مصر فى هذه الحرب التى خاضتها مصر واخرجت فيها اليمن من ظلام القرون الوسطى الذى كانوا يعيشون فيه.. ويدرك هذا كل من يزور اليمن ويلمس بين اليمنيين الحب الذى يكنونه لمصر وجمال عبد الناصر الذى حررهم من حكم الامامة.. ثم ساند احرار اليمن الجنوبى حتى تحرروا من الاستعمار البريطاني.
> وفى وسط محاولات العداء ليوليو كان عدوان 1967.. الذى حيكت مؤامرته بتورط قوى اقليمية صديقة مع اخرى عدوة واخرى دولية.. والذى مازلنا نعانى تبعاته الى اليوم فيما يحدث فى الضفة الغربية والقدس وغزة.. ولكن الشعب تمسك بقائد يوليو ورفض تنحيه.. وأمر ان يستمر ليحرر الارض.. فكانت اعادة بناء الجيش وخوض حرب الاستنزاف لنحو الف يوم مهدت لحرب اكتوبر المجيدة التى كسر فيها جيش مصر انف جيش العدو وذراعه..
> لا يستطيع اى منصف ان ينكر اشعاع وإلهام ثورة يوليو 1952 لكل من حولها.. ودورها فى التحرر واستقلال دول القارة الافريقية.. ويمكننى هنا أن اضيف تاريخا خامسا لايام يوليو لانه يرتبط بجهد ثورة يوليو فى توحيد قارتها الافريقية.
وهو يوم 19 يوليو 1964.. حيث شهدت القاهرة انعقاد المؤتمر الاول لمنظمة الوحدة الافريقية.. وفى هذا المؤتمر كان الرئيس جمال عبد الناصر هو الذى اقترح ان تكون اديس ابابا مقرا دائما للمنظمة.. وقد آثرها على مصر مراعاة لعلاقتنا باثيوبيا وروابطها مع مصر فى مياه النيل.
> ولا ننسى ايضا دور ثورة يوليو فى استقلال دول الشمال الافريقي.. تونس والجزائر والمغرب.. فهذا دور يعتز به ابناء هذه الدول.. وقد دفعت مصر ثمنه فى عدوان 1956 عليها.. وقد وصل الهام هذه الثورة ايضا الى دول امريكا اللاتينية التى تأثر بعض قادتها بها..وكان لثورة يوليو ايضا دورها الملهم فى انشاء حركة الحياد الايجابي.. ثم حركة عدم الانحياز التى كان زعماؤها جمال عبد الناصر وجواهرلال نهرو وجوزيف بروز تيتو.. وهى حركة ادت دورا هاما فى فترة الاستقطاب الدولى الحاد والحرب الباردة بين المعسكرين الشرقى والغربي.. ومازالت هذه الحركة قائمة حتى الان وتعقد اجتماعاتها الدورية والسنوية.
> ولا شك ان ثورة يوليو قد احدثت تغييرات داخلية عميقة فى مصر.. بداية من اصدارها لقانون الاصلاح الزراعى فى 9 سبتمبر 1952 ثم توزيع الاراضى التى زادت عن حد الملكية التى حددها القانون على الفلاحين المعدمين.. الذين اصبحوا لاول مرة ملاكا.. وكان لهذا تأثيره الكبير على التركيبة الاجتماعية لابناء الريف..
الذين تشكل الارض عندهم قيمة كبيرة.. ثم تلا ذلك اصلاحات عمالية منعت الفصل التعسفي.. وجرى اصلاح التعليم.. ومجانية التعليم الجامعي.. مع تمصير الاقتصاد.
وثورة التصنيع.. كما كانت هناك ثورة فى الريف شملت انشاء الوحدات الصحية المجمعة فى القري.. وكذلك المدارس.
> ومازالت اصداء هذه الثورة ومبادئها تقلق الكثيرين من اعدائها.. كما ان صور قائدها مازالت ترفع فى كثير من المناسبات والاحداث الوطنية والقومية فى مصر وخارج مصر.. وستبقى هذه المبادئ تنير طريق الكثيرين الى صنع مجتمعات تتمتع بالعدالة الاجتماعية.. وتتطلع الى مستقبل يملك فيه الوطن سيادته وارادته الحرة واستقلال قراره.
قبطان المحروسة
بقلم: إبراهيم خليل إبراهيم
بعد قيام ثورة 23 يوليو عام 1952 وتوقيع الملك فاروق على وثيقة التنازل عن عرش مصر لصالح ابنه الأمير أحمد فؤاد كان قد تحددت الساعة السادسة من يوم 26 يوليو 1952 كموعد لمغادرة الملك فاروق إلى خارج البلاد على يخت المحروسة وقد طلب الملك شخصيا أن يقوم الأميرالاى جلال علوبة بقيادة اليخت وذلك لثقته التامة به وقد وافقت قيادة الثورة على هذا الطلب لثقتها أيضا بجلال علوبة وهذا ما أخبره به اللواء محمد نجيب حينما استدعاه ليبلغه بالأمر.
بعد أن تلقى جلال علوبة الأمر الخاص بقيادة اليخت المحروسة لتوصيل الملك فاروق إلى منفاه بإيطاليا طلب أن ترافق اليخت سفينتان حربيتان للحراسة وفقا للتقاليد البحرية المعمول بها فى حال سفر الملك فى مهمة رسمية خارج مصر خاصة وأنه سيكون على متن اليخت الملك الجديد أحمد فؤاد الثانى وذلك لمواجهة أى هجوم إسرائيلى محتمل لليخت وبعد أن وافق اللواء محمد نجيب أن يزوده بالقوة الحربية إلا أن مجلس قيادة الثورة رفض تنفيذ هذا الطلب وقام جلال علوبة بتجهيز اليخت المحروسة على الفور حيث كان الوقت ضيقا وليس أمامه سوى 3 ساعات على موعد الإبحار وقبل الموعد المحدد بحوالى نصف ساعة حضرت الملكة ناريمان ومعها الملك الجديد الطفل الصغير أحمد فؤاد والأميرات الثلاثة فريال وفوزية وفادية بنات الملك فاروق من الملكة السابقة فريدة وبعد ذلك حضر الملك فاروق بعد أن أنهى مراسم الوداع الرسمية وفقا للتقاليد والبروتوكول وطلب الملك فاروق عدم تصويره أثناء ذلك وأطلقت المدفعية 21 طلقة تحية له وبدأت المحروسة تغادر الإسكندرية ووصل اللواء محمد نجيب متأخرا ومعه من رجال الثورة صلاح سالم وحسين الشافعى وصلاح فريد بعد أن كانت المحروسة قد بدأت فى مغادرة الإسكندرية بالفعل ولكنهم لحقوا بها فى وسط البحر وإعتذر اللواء محمد نجيب عن التأخير نتيجة الزحام فى الشوارع وكانت المحروسة حين إبحارها من الإسكندرية ترفع العلم الملكى لأن مصر لم تكن قد أصبحت جمهورية بعد وكانت هذه هى الرحلة الأخيرة التى صحب فيها جلال علوبة قائد اليخوت الملكية الملك فاروق .
وصل اليخت المحروسة إلى ميناء نابولى بإيطاليا وإنتهت العلاقة بين الملك فاروق وبين جلال علوبة تلك العلاقة التى بدأت بينهما فى القاهرة عام 1945م وبعد عودة القبطان جلال علوبة إلى مصر التقى باللواء محمد نجيب الذى شكره وحياه وبعد فترة وجيزة تلقى أمرا ينص على قيامه بأجازة إجبارية
يوم 18 مايو عام 1999م توفى القبطان اللواء جلال علوبة ودفن جثمانه فى مدافن الأسرة بالقاهرة .
ناصر والسيسى.. وثورة 30 يونيو
بقلم: سليمان فؤاد
رسالة افتراضية أرسلها الزعيم خالد الذكر جمال عبدالناصر من قبره إلى شعب مصر العظيم الذى شارك فى ثورة 30 يونيو: أنتم أحفاد ثوار 23 يوليو الذين يحملون أمانة تحرير الوطن من قبضة الاستعمار الانجليزي، الذى احتل مصر أكثر من 70 عاماً، تم فيها التهام موارد مصر واستنزافها والتقليل من شأن المصريين واحتقارهم وإذلالهم، مستغلاً إدارات حكم أحفاد الوالى العثمانى محمد علي، وعلى رأسهم الملك فاروق الذى انبطحت إدارته أمام سطوة المندوب السامى البريطانى واتخذنا قرار تشكيل الضباط الأحرار بعد حرب فلسطين عام 1948، التى خضناها وقاتل فيها الجيش المصرى بشراسة رغم فساد الأسلحة، التى انتهت بتمكن الكيان الصهيونى من إعلان دولته المزعومة.
يا أحرار ثورة 30 يونيو، لقد حملنا الأكفان ولم نخش إلا الله للقيام بثورة 23 يوليو التى أيدها الشعب وهى نفس فكرة ثورة 30 يونيو التى قام بها أكثر من 30 مليون مصرى للإطاحة بحكم الفاشية الاخوانية وأيدها جيشكم الوطنى العظيم وانضم إليكم، كما انضم إلينا الشعب فى 23 يوليو وأطحنا بالملك الضعيف المنهزم، وخضنا معارك تحرير الوطن بالكامل وتحرير وتطهير مصر من الاستعمار الانجليزي.. لتبدأ معركة التنمية وتعرضنا إلى ضغوط صعبة من تحالف قوى الاستعمار والمؤيدين له من الخونة وحركة جماعة حسن البنا التى أرادت أن تخطف الوطن.
يا أحرار ثورة 30 يونيو، خاض زعيمكم الرئيس عبدالفتاح السيسى نفس معركتنا من تطهير الوطن من فاشية تنظيم الاخوان وتهديده لكل طوائف الشعب المصرى لأن التنظيم كان يحلم بتكوين دولة الاخوان وطمس الهوية والقومية المصرية، لإعلان قومية أمراء الارهاب وتعاليم مرشد الاخوان، وخاض زعيمكم السيسى معركة التنمية ويتعرض لنفس المؤامرات التى تعرضنا لها، وإن اختلف المنهج والتنفيذ والوسائل الحديثة.. ولكن الهدف واحد، عزل مصر وهدمها وإسقاطها وتحويلها إلى دويلات صغيرة متحاربة متناحرة، لأنهم لم ينسوا أبداً أن مصر هى التى تصدت لكل حركات الاستعمار فى العالم العربى من الصليبيين إلى المغول.. اتحدوا خلف قائدكم السيسى وجيشكم الكبير، وانتبهوا لكل الفخاخ التى تنصب لمصر من محاولات إدخالها فى دوامات الفوضى والضغوط الاقتصادية التى تعرضت لها دولة 23 يوليو ومؤامرات تنظيم الاخوان لضرب الوطن فى هويته واستبدالها بهوية غريبة تقوم على الدم والعنف تحت شعار الدين، وهذا حدث لنا فى حادث محاولة الاغتيال بالمنشية بالإسكندرية وتنظيم 1965.. أجدادكم ثوار يوليو وأنتم أحرار ثورة 30 يونيو.. هذه رسالة من قبرى لأبناء وطنى بتوقيعي.. الرئيس الراحل جمال عبدالناصر.
كيف تعامل المثقفون المصريون مع الثورة؟
بقلم: يوسف القعيد
اليوم الثلاثاء يوم عبقرى فى تاريخ مصر، لأنه فى هذا اليوم تكون ثورة 23 يوليو 1952 أكملت 72 عاماً من عُمرِها. وخلال هذه السنوات لم تُغيِّر مصر فقط ولا الوطن العربى وحده، ولكن تأثيراتها ظهرت واضحة فى الدُنيا كلها ابتداء من أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وصولاً إلى أمريكا الجنوبية التى قامت فيها ثورات خرجت كلها من رحم ثورة 23 يوليو 1952.
ما أكثر الثورات التى سارت على درب ثورة يوليو وما أكثر الشعوب الذين خرجوا من الأوضاع التى كانوا يعيشون فيها إلى واقعٍ أفضل بتأثير ثورة يوليو والزعيمان اللذان ارتبطا بها وهما: جمال عبدالناصر، ومحمد نجيب. ومن حولهما الضباط الأحرار الذين دخلوا التاريخ ولم يخرجوا من حتى لحظة كتابتى لهذا الكلام. إنها الثورة التى خرج منها عصرٌ كامل وتأثيرها واضحٌ فى الدنيا كلها.
يمثل هذا الحدث فترة مهمة من التحول الثورى فى مصر. بدأت فى 23 يوليو 1952، مع الإطاحة بالملك فاروق فى ثورة خطط لها الضباط الأحرار، وقد أثار هذا الحدث موجة من الحماس الثورى فى الوطن العربي، مما ساهم فى زخم جهود إنهاء الاستعمار وتعزيز تضامن العالم الثالث خلال الحرب الباردة.
رغم أن الثورة ركزت على المظالم ضد الملك فاروق، إلا أنها كانت لها طموحات سياسية كُبري، ففى السنوات الثلاث الأولى من الثورة، تحرَّك الضباط الأحرار لإلغاء الملكية، وإنشاء جمهورية وإنهاء الاحتلال البريطانى للبلاد. تبنَّت الحكومة الثورية أجندة قومية ضد الاستعمار، والتى تم التعبير عنها من خلال القومية العربية واتبعت سياسة عدم الانحياز.
واجهت الثورة تهديدات من الاستعمار خاصة الإنجليز. كما شكَّلت حالة الحرب المستمرة مع العدو الإسرائيلى تحدياً خطيراً. حيث زاد الضباط الأحرار دعم مصر القوى بالفعل للفلسطينيين. وألهمت النجاحات المبكرة للثورة العديد من الحركات القومية فى بلدان كثيرة، حيث كانت هناك ثورات مناهضة للاستعمار. كما ألهمت اسقاط الأنظمة الملكية والحكومات الموالية للغرب فى منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
إن السؤال الجوهري: كيف تعامل المثقفون المصريون مع الثورة؟ فعندما كنت أعد كتابى مع الأستاذ هيكل: عبدالناصر والمثقفون والثقافة. قمت بعمل حصر لحال المثقفين عندما قامت الثورة. وكانت تلك حصيلة ما قمت به.
هكذا كانوا.
إحسان عبدالقدوس فى الثالثة والثلاثين، رئيس تحرير مجلة روزاليوسف. وأحمد بهاء الدين فى الخامسة والعشرين، وأحمد حمروش فى الحادية والثلاثين، وكان فى القوات المسلحة التى انتقل منها للصحافة. وأمينة السعيد كانت فى الثامنة والثلاثين، وكانت كاتبة صحفية فى مجلة آخر ساعة، وجمال حمدان فى الرابعة والعشرين، وكان مبعوثاً للحصول على الدكتوراه من جامعة ريدنج ببريطانيا فى فلسفة الجغرافيا.
حسن فتحى أستاذ فى كلية الفنون الجميلة. وزكى نجيب محمود فى السابعة والأربعين، أستاذاً زائراً فى الجامعات الأمريكية. وسهير القلماوى كانت فى الحادية والأربعين، أستاذاً للأدب العربى بكلية الآداب بجامعة القاهرة.
سيد عويس فى التاسعة والثلاثين، وكان يعمل مفتشاً اجتماعياً بوزارة الشئون الاجتماعية. وعائشة عبدالرحمن فى التاسعة والثلاثين، وكانت أستاذاً جامعياً. وعلى الراعى فى الثانية والثلاثين، يعمل مدرساً بقسم اللغة الإنجليزية بآداب عين شمس. وفاتن حمامة فى الحادية والعشرين وكانت فنانة معروفة. وفتحى غانم فى الثامنة والعشرين، يعمل نائب رئيس تحرير مجلة آخر ساعة. محمد عبدالوهاب فى الثانية والأربعين، وكان مطرباً وممثلاً معروفاً، ومصطفى النحاس فى الثالثة والسبعين وكان خارج الحكم.
ليلى مراد فى الرابعة والثلاثين، مطربة وممثلة معروفة. وسعد الدين وهبة فى السابعة والثلاثين، يعمل ضابط شرطة ثم أصبح رئيساً لتحرير مجلة البوليس ثم مجلة الشهر. توفيق الحكيم فى الخمسين من عمره، يعمل فى دار الكتب. والعقاد فى الثالثة والستين، وكان كاتباً معروفاً. وأحمد لطفى السيد فى السبعين.
نجيب محفوظ
نجيب محفوظ فى الحادية والأربعين، يعمل سكرتيراً برلمانياً لوزير الأوقاف. ثم مديراً لمكتب رئيس مصلحة الفنون التى أنشأتها الثورة. ويحيى حقى فى السابعة والأربعين، وكان وزيراً مفوضاً فى ليبيا، ثم رئيساً لمصلحة الفنون. ويوسف إدريس فى الخامسة والعشرين، يعمل طبيباً بدأ النشر قبل الثورة بعامين. وعبدالحليم حافظ فى الثالثة والعشرين. عمل مدرساً للموسيقي، واعتُمِدَ مُطرباً فى الإذاعة.
قال لى الأستاذ محمد حسنين هيكل أن ثورة يوليو كانت مفاجأة من العيار الثقيل. على الرغم من أن سهرات مقهى عرابى بالعباسية قبيل الثورة كانت تضم عدداً من الضباط الأحرار. منهم عبداللطيف البغدادى وجمال سالم. كانا يجلسان طويلاً ولم يشعر أحد بالتحركات التى تتم داخل الجيش. أو أن هناك تخطيطاً للثورة. وكان عبدالحكيم عامر يرتاد المقهى أحياناً وجلس فيه فى انتظار صديقه جمال عبدالناصر. جاءه عبدالناصر وجلس معه عدة مرات.
ولنجيب محفوظ شهاداته
أما عن يوم الثورة، فقد حكى نجيب محفوظ:
– صباح يوم الثورة خرجت من بيتى متوجهاً إلى عملى فى وزارة الأوقاف. وأثناء مرورى فى شارع الشريفين. حيث مبنى الإذاعة القديم. لفت نظرى وجود دبابة تقف فى مواجهته. ولما وصلت إلى مبنى وزارة الأوقاف ذهبت إلى مكتب الوزير وفور دخولى بادرنى عبدالسلام فهمى بسؤال عما إذا كنت سمعت الإذاعة اليوم. ولما أجبت بالنفى أخبرنى بأن الجيش قام بعمل ثورة. وأنه أذاع بياناً. وحكى لى عن التفاصيل.
يكمل نجيب محفوظ حكايته:
– فقد تداعت إلى ذهنى فى تلك اللحظة أحداث الثورة العرابية. وكان لديَّ ظن أكيد بأننى فى أثناء عودتى إلى البيت بعد انتهاء العمل سأجد الجيش البريطانى فى شوارع القاهرة. بعد أن يكون قد قضى على الثورة وقادتها. وانتابتنى حالة من القلق الشديد على مصير البلد.
كنت قبل قيام الثورة أستبعد قيامها. وكانت لديَّ أسبابي. أهمها أن الجيش المصرى كان على ولاء كامل وقتها للملك فاروق. أو هكذا كنت أظن. وأنه بعيد عن السياسة. ولم يحاول التدخل فيها منذ فشل ثورة عرابي. خاصة مع وجود 90 ألف جندى بريطانى مزودين بالأسلحة فى القناة. وكنت على يقين فى الوقت نفسه من وجود عناصر وطنية فى صفوف الجيش. ومنه من تعرض للأذى بسبب تأييده لحزب الوفد. ولكنى لم أتوقع أن تقوم تلك العناصر بثورة.
فى الفترة الأولى من عمر الثورة كانت مشاعرى تنقسم بين الخوف على استقلال مصر وبين الارتياب فى الذين قاموا بها. وبدأت مشاعرى تتغير بعدما وجدت أنها تسعى لتحقيق عدد من الآمال التى طالما حلمنا بها. وتمنينا تحقيقها. مثل الإصلاح الزراعى والاستقلال التام وإلغاء الألقاب. وكان كل قرار من قرارات الثورة الإصلاحية يقربنى لها ويملأنى حباً فيها يوماً بعد يوم.
يكمل نجيب محفوظ:
– وقد لعب محمد نجيب دوراً كبيراً فى تقريب الناس من الثورة والتفاف الناس حولها بما يملكه من شخصية بسيطة، وكانت علاقتى الوجدانية بالثورة تنقسم بين التأييد والحب من جهة. والنقد الشديد بسبب تجاهلها للديمقراطية والوفد. وميلها إلى الفردية والصراع على السلطة من جهة أخري. ولم أتغاض عن هذه الانتقادات من جانبى للثورة إلا فى فترة محددة. وهى فترة العدوان الثلاثى على مصر.
فقد أيدت الثورة تأييداً مطلقاً. ونسيت وفديتى وتجاهلت نقدى لأساليبها الفردية. وأغمضت عينى عن صراعات الحكم. نسيت كل شيء. وذهبت إلى أحد المعسكرات الشعبية التى أقامتها الثورة لتدريب المتطوعين على حمل السلاح لصد العدوان. تدربت بجدية حتى أتقنت استعمال البندقية البلجيكى وإلقاء القنابل اليدوية.
وداعاً بطل الثورة
فى جزء آخر من كلامى معه يحكى نجيب محفوظ عن جنازة جمال عبدالناصر كأنها جرت بالأمس القريب. يقول:
– فى ذلك اليوم كنت عائداً من الإسكندرية مع أسرتي. وفور انتهائنا من تناول طعام العشاء جلست لمشاهدة التليفزيون. وقبل أن أدخل الفراش لاحظت أن القناة الأولى تبث تلاوة قرآنية فى غير موعدها. فأدرت المؤشر إلى القناة الثانية. فوجدت أيضاً تلاوة قرآنية وبدأ الشك يتسلل إلى قلبي. ووردت إلى ذهنى خواطر كثيرة. قلت لزوجتى بأننى أشعر بأن تلاوة القرآن المتكررة فى التليفزيون وفى هذا الوقت من الليل وراءها شئ ما.
يكمل محفوظ:
– ولما استوضحتنى زوجتي. قلت لها أظن أن الفلسطينيين قتلوا الملك حسين. كان ظنى مبنياً على أساس الموقف المتفجر بين الملك حسين والفلسطينيين بعد مذابح سبتمبر أو ما سمى «أيلول الأسود» ولما طالت التلاوة القرآنية اتصلت بجريدة الأهرام. عسى أن أجد من يزودنى بمعلومات عما يجري. لكن باءت محاولتى بالفشل. ويبدو أن من سألتهم تهربوا مني. فلم أجد بُداً من الجلوس من جديد أمام شاشة التليفزيون.
لكن كان لدينا فى ذلك الوقت خادم فى البيت أرسلناه لشراء بعض الحاجيات. فلما عاد من السوق قال لي:
– الريس مات. وأنه سمعهم فى الخارج يقولون هذا. أصابنى الذهول والاستنكار. وطلبت من الخادم عدم تكرار مثل هذا الكلام أمام أى شخص.
يكمل نجيب محفوظ:
– وفى صباح اليوم التالى اتصل بى الأستاذ محمد حسنين هيكل بنفسه. طلب منى أن أكتب كلمة رثاء فى عبدالناصر. وفى تلك الفترة كانت كتابتى فى جريدة الأهرام لا تزيد على كتاباتى الأدبية. ولكنى كتبت ما طلبه. وذهبت إلى الأهرام وسلمت الكلمة التى لم تكن رثاء خالصاً.
نُشرت هذه الكلمة بعد وفاة عبدالناصر بأربعة أيام. وكان عنوانها: كلمات من السماء. وجاءت على شكل حوار بين الكاتب وبين جمال عبدالناصر. وهذا هو نصها:
– حياك الله يا أكرم زاهد.
– حياكم الله وهداكم.
– إنى أحنى رأسى حباً وإجلالاً.
– تحية متقبلة ولكن لا تنسى ما سبق من قولي: إرفع رأسك يا أخي.
– نحن من الحزن فى ذهول شامل.
– لا يحق الذهول لمن تحدق به الأخطار وتنتظره عظائم الأمور.
– يعزينا بعض الشيء إنك إلى جنة الخلد تمضي.
– وسيسعدنى أكثر أن تجعلوا من دنياكم جنة.
– إن عشرات التماثيل لم تجعلك فى خلود الذكري. وهذه العبارة معناها أن عشرات التماثيل لن تفى بحقك فى خلود ذكرك.
– لا تنسوا تمثالين أقمتهما بيدى وهما الميثاق وبيان 30 مارس.
– وراءك فراغ لن يملأوه فرد.
– ولكن يملأوه الشعب الذى حررته.
– سيبقى ذووك فى صميم الأفئدة.
– أبنائى هم الفلاحون والعمال والفقراء.
– وجدت قرة عينى فى توديع الكرة الأرضية لك.
– أما قرة عينى ففى استقلال الوطن العربى والحل العادل لأرضه الشهيدة.
– سيكون أحب الطرق إلى نفسى الطريق إلى مسجدك.
– طريق الحق هو الطريق إلى العلم والاشتراكية.
– نستودعك الله يا أكرم من ذهب.
– كلنا ماضون ومصر هى الباقية.
هكذا كانت ثورة يوليو فى مجدها العظيم، حيث حرَّكت العالم كله ثم نهايتها المُفجعة برحيل عبدالناصر، لكن الثورة كحدث تاريخى ما زال مستمراً حتى الآن. ومازالت ثورة يوليو من أهم ثورات العالم الثالث والدنيا كلها فى القرن العشرين.
بين يوليو ويونيو
بقلم: د.عبدالعزيز السيد
اثنان وسبعون عاماً مرت على ثورة 23 يوليو 1952م، التى أرخ لها بأنها حدث فريد فى تاريخ مصر الحديث، والتى قام بها جماعة من الضباط الأحرار بقصد القضاء على الفساد والإقطاع وعودة مصر إلى أهلها مرة ثانية، بعد قرون طويلة من يد المستعمر البغيض الذى ظل جاثماً على صدر هذا الشعب الأبي.
حاول رجال الثورة الأبطال أن يحرروا الشعب المصرى من الفقر والجهل والمرض الذى ظل غارقاً فيه سنوات طويلة، حيث ظل حائراً بين المعسكرين الشرقى والغربى والاشتراكى والرأسمالي.. إنها الثورة التى ملّكت الفلاح الأرض بعد صدور قانون الإصلاح الزراعي، وأحدثت توازناً من العدالة الاجتماعية وعودة الوطن لأصحابه بعد غياب طويل.
ثورة يوليو نجحت فى إعادة رسم الخريطة الاجتماعية فى مجتمع النصف فى المائة من الملاك وكبار الرأسمالية وعّلية القوم وتحول عبر التمصير والتأمين والإصلاح الزراعى الأول والثانى وتأميم قناة السويس وبناء السد العالى وامتلاك الدولة لوسائل الإنتاج وإنشاء المئات من المصانع لتصبح ملكاً للشعب المصرى وليصبح التعليم بالمجان وتم بناء المستشفيات لتحول المصريين من طبقة كادحة مستعبدة إلى طبقة مالكة لها رأى حر وإرادة قوية.
وبعد 61 عاماً تأتى ثورة الثلاثين من يونيو 2013 وبعد خروج الملايين فى سائر الميادين على مستوى الجمهورية لتسترد الدولة المصرية وانتشالها من أيدى مجموعة من العابثين الذين تآمروا على ضياع الوطن من خلال فئة ضالة تسعى لبيع الوطن لقوى خارجية وتريد النيل من مصر.
استطاعت تأميم قناة السويس.. وجاءت ثورة 30 يونيو استطاعت ونجحت فى إقامة قناة السويس الجديدة التى أعادت للملاحة فى القناة حيوتها فى أهم شريان مائى دولى لخدمة الملاحية فى العالم.
إن الملايين الذين خرجوا فى الثلاثين من يونيو، قد ثاروا على الجماعة الإرهابية التى تمثل آخر فلول الاحتلال الذى ساهم حسن البنا فى تأسيسها عام 1928م، ودعمها لسنوات لتكون أداة تخريب فى ظهر الوطن، وهو ما يعكس امتداد الهدف على العملية التنموية عبر المشروعات العملاقة التى تناسب كل مرحلة زمنية على غرار السد العالى الذى كان يمثل طفرة فى إنتاج الكهرباء آنذاك.. بينما اعتمدت الجمهورية الجديدة مشروعات عملاقة منها محطات توليد الكهرباء والطاقة الشمسية والمدن السكنية الجديدة وشبكة الطرق والأنفاق والقطار الكهربائى والعاصمة الإدارية الجديدة وزيادة الرقعة الزراعية وبناء المصانع والمدارس والمستشفيات.
فى الواقع، إن الثورتين متكاملتان فى أهدافهما ونتائجهما.. ولولاهما لظلت مصر على خلاف ما نحن فيه من حرية وعدالة اجتماعية.
تحديات ممتدة
الدولة لا تتخلى عن المواطن منذ الثورة الأم
بقلم: زياد السحار
فى الذكرى الثانية والسبعين لثورة يوليو المجيدة، مازالت التحديات الكبرى التى تواجه مصر ممتدة، بل وتزداد بحكم تطور الزمن وأشكال الصراع فى هذا العالم كثير المتغيرات.
وعلى نفس المسار، فإن آمال وطموحات المصريين تنمو وتتكاثر، خاصة مع تلك الزيادة السكانية التى ضاعفت من تعداد مصر نحو ٦ مرات منذ ثورة يوليو.. الأمر الذى يفرض ضرورة العمل والانتاج لتحقيق الاكتفاء الذاتي، خاصة من الطعام والكساء والدواء.. وهذا ما تعمل عليه القيادة السياسية المخلصة التى واجهت تحديات المؤامرة والإرهاب.. وبدأت فى نفس الوقت عملية البناء والتنمية ووضعت إطاراً واعداً لمصر الدولة الحديثة القوية المحورية فى منطقتها التى تموج بالصراعات والنزاعات والأطماع.
وفى تلك الملحمة الوطنية التى تبادل فيها شعب وجيش مصر الأدوار والمواقف منذ ثورة يوليو 52 إلى ثورة يونيو 2013 فى تلاحم وتناغم وعطاء بين أبناء الشعب الواحد.. يبدو المشهد المصرى دائماً ملهماً لكل الشعوب الحرة فى العالم من الأمة العربية إلى أفريقيا وآسيا، بل وأمريكا اللاتينية.
ومازالت الثورة الأم تواصل الإلهام والعطاء المتجدد، ويستمر دور مصر العربى والإقليمى واضحاً جلياً فى مساندة الأشقاء العرب وفى مقدمتهم الشعب الفلسطينى الصامد فى غزة، وقد كان الموقف المصرى القومى برفض تصفية القضية الفلسطينية وتهجير أهلنا فى غزة خارج أرضهم، الورقة الحاسمة التى أحبطت المؤامرة الصهيونية وأفشلت المخططات الاسرائيلية المتطرفة ومن يساندها فى هذه اللعبة الخبيثة التى تمتد من الأراضى الفلسطينية حالمة بأرض سيناء الطاهرة التى رواها أبطال مصر على مر التاريخ بدمائهم الذكية.. وذلك فى إشارة للعالم أجمع أن مصر التى أجهضت حمل الاستعمار البغيض فى المنطقة والعالم بثورتها الأم فى يوليو 1952 قادرة على وأد الذيول المتلاعبة بإرادة دولة ثورة الثلاثين من يونيو 2013.
>>>
أما على الصعيد الداخلي، فقد بقيت مكاسب كثيرة من الثورة الأم حتى الآن.. منها مجانية التعليم، فمازال هناك مدارس وجامعات تكفل التعليم الاساسى والجامعى قدر الإمكان لمن ينشده من أبناء المصريين بمصروفات مناسبة رغم آفة الدروس الخصوصية، وكذلك الرعاية الصحية التى توفرها الدولة لغير القادرين فى المستشفيات الحكومية وعياداتها الخارجية بقيمة رمزية لا تتعدى 40 جنيهاً وكذلك فحوص وأشعات للمرضى من غالبية الشعب ترعاهم من الأمراض المزمنة والخطرة، علاوة على المبادرات الصحية التى تغطى عموم المصريين فى كل أنحاء مصر.. وهناك أيضا الدعم الحكومى لأكثر من 64 مليون مواطن من خلال بطاقات السلع التموينية والخبز، ما يسهل على هؤلاء تكلفة الحياة الباهظة فى ظل التضخم وارتفاع الأسعار.
وقد جاءت تكليفات الرئيس السيسى للحكومة الجديدة بأن يكون المواطن المصرى محور الرعاية والاهتمام فى كل قراراتها وحركاتها وسكناتها.. وهكذا يتأكد أن مسار الثورة الأم فى مساندة شعبها لم يتوقف يوماً.. وإن كان يأخذ أشكالاً ومناحى أكثر رشداً وصتطوراً، وحتى لا يصبح المواطن عبئاً على نفسه وأسرته، بل وحكومته ودولته.. فالمصلحة مشتركة بين المواطن والدولة فى الحفاظ على مقدرات بلده من بنية أساسية ومرافق وخدمات ووسائل مواصلات واتصالات.
لقد تغير الفكر من زمن الاقتصاد الشمولى الحاكم، إلى الاقتصاد الحر المنتج والإدارة الواعية الرشيدة.. وفى نفس الوقت فإن توجهات الدولة لا تتخلى عن المواطن، خاصة غير القادر بقناعة سياسية صائبة.. إن الشعب هو موضع الاهتمام لدى كل الحكومات منذ الثورة الأم، وإن تفاوتت الظروف والمواقف، ولكن من المهم أن تتوحد الإرادة المصرية بين المبادرة الفردية والمسئولية الحكومية فى عالم صعب شديد التعقيد والتطور يموج بالصراعات ولا يخلو من المؤامرات والأطماع.. وهذا يتطلب وعى المواطن وصواب مواقفه بين الحقوق والواجبات فى دولة يسودها القانون الحاكم لكل أبناء الوطن.
عبدالناصر وفلسفة الثورة وقواها الناعمة
«عودة الروح» لتوفيق الحكيم أسهمت فى تكوين أفكار عبدالناصر
بقلم: مدحت بشاي
«نحن العرب لن نعيش عالة على الآخرين» عنوان مقال كتبه الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، أوضح فيه أن « أخطر ما واجهناه وسنواجهه هو أن شعبنا العربى تخلف أجيالًا عن تقدمه بفعل ظروف مختلفة داخلية وخارجية «.. وأضاف «ناصر»، فى مقاله «لقد فاتنا تطوران هامان من أكبر التطورات التى أثرت فى الجنس البشرى كله، هما تطور التجارة، وتطور الكهرباء»، مشيرًا إلى «أن ذلك كله لا يقاس بما يمكن أن تتعرض له إذا فاتنا الفجر الجديد «، كما أسماه الرئيس الذى أشرق الدنيا وهو عصر الذرة، وعصر الفضاء، مؤكدًا أن «من يتخلف عن مواكبة هذا كأنه يغامر بحقه فى الوجود»، ومناديًا بأننا « لا بد وأن نتحول إلى قوة خلاقة لا تأخذ من الأرض، بل تعطيها وألا تتعلق بآمال الماضى وألا نعيش عالة على الآخرين.
وأذكر أصحاب السؤال الذى يكرره أهل الجحود والجهل بواقع أيام ما قبل ثورة 23 يوليو عندما يكررون : وماذا قدمت ثورة يوليو وماذا تبقى منها ؟!.. أذكرهم بأحد أهم التقارير الأمريكية التى رصدت تردى الأوضاع فى مصر قبل ثورة يوليو بدقة آنذاك، حيث كتب هذا التقرير عام 1949 تحديدًا فى السابع من شهر يناير، وأبرز ما ذُكر فيه تفشى الرشاوى واتساع الفوارق الطبقية فى مصر بسوء بالغ، مما ينبئ بحدوث حدث سياسى وشيك، وهو الأمر الذى يهدد بقاء الاستعمار الإنجليزى فى مصر بشكل مباشر.. لقد كانت مصر تعانى من التفاوت الطبقي، إلا أن ثورة 23 يوليو أعادت للشعب المصرى حقوقه ومقدراته، كما أنها كانت السبب فى تأسيس جيش وطنى قوى يحمى مصر، دون تبعية لأى من كان، تحت شعار واحد وهو مصلحة الوطن العليا، فحررت الوطن من الاحتلال، وعملت على القضاء على سيطرة رأس المال، والإقطاع، وبناء اقتصاد وطنى قوي، وتأييد ودعم حركات التحرر الوطنى عربيًا وإفريقيًا، وتحقق ذلك على مدى سنوات حكم الراحل جمال عبدالناصر، الذى وضع مبادئ ثورة يوليو آملًا تحقيقها.
يذكر الدكتور عاصم الدسوقى أستاذ التاريخ بمبادئ ثورة يوليو، ليشدد على أهمية مبدأ «تحقيق الديمقراطية السليمة»، وموضحًا أهمية لفظة السليمة، التى وضعت بغرض التمييز عن الديمقراطية الملكية، لأن الديمقراطية الملكية حرمت جماهير الشعب المصرى من عمال وفلاحين من التقدم والتمتع بالحرية بالبرلمان والسلطة التشريعية من واقع قانون الانتخابات الذى صدر مع دستور 1923 والذى نص على أن من يرشح نفسه لمجلس الشيوخ ممن يدفع ضريبة أطيان زراعية قدرها 150 جنيهًا كتأمين يرد بعد نجاحه فى الانتخابات، وهو ما يعنى أن يكون مالكًا لحوالى 300 من الأفدنة الزراعية على أقل تقدير، فقد بلغت الضريبة على الفدان الواحد آنذاك 50 قرشًا، مما يعنى أن الرابح هو لا محالة سيكون من ملاك الأراضى الزراعية أو ما اصطلح عليه آنذاك بعبارة «أصحاب الأطيان»، فكان جليًا أن هذا القانون قد اختزل مجلس الأمة فى ملاك الأراضى الزراعية وأصحاب رءوس الأموال «الإقطاعيين»، وفى هذه الحالة من الطبيعى أن نجد جل القوانين التى صدرت تصب فى مصلحة الملاك، وعلى النقيض أتت ديمقراطية ثورة يوليو السليمة، فبات للعمال والفلاحين مندوبون فى مجلس الأمة بمجرد إجراء الانتخابات لأول مجلس أمة عام 1957، وهو ما يضاف لأهم استحقاقات ثورة يوليو.
عندما سأل أحدهم عبدالناصر بعد قيام ثورة 1952، عن المفكرين الذين أسهموا فى تكوين أفكاره ذكر رواية «عودة الروح» لتوفيق الحكيم.. وقد كانت علاقة معظم قيادات الثورة وثيقة بالثقافة، فمنهم من عرف بمدى وعيه الثقافى والمعرفى من قبل قيام الثورة ومنهم من امتهن الكتابة والإبداع، فنجد جمال عبدالناصر منذ شبابه المبكر له محاولات كتابية فى المسرح والرواية وله قصة بعنوان «فى سبيل الحرية» وهى القصة التى بدأها وهو طالب بالمدرسة الثانوية عن معركة رشيد ولاحقًا كتب «فلسفة الثورة» و«يوميات عن حرب فلسطين».. أما جمال حماد «كاتب بيان ثورة يوليو» صاحب قلم متميز وترك وراءه مؤلفات وله فيلم قوى وشهير وهو فيلم «غروب وشروق»، كما كان السادات محبًا للثقافة والفكر حتى إنه حين فصل من الجيش قبل الثورة كان يعمل بالصحافة، وحين أصدر عبدالناصر جريدة الجمهورية كان هو المدير المسئول عنها كما ترك للمكتبة السياسية كتابين منهما «البحث عن الذات».. أما يوسف صديق فكان شاعرا مجيدًا، وثروت عكاشة كان وزير الثقافة الأشهر فى العهد الناصرى وله مؤلفات منها ترجمات لأعمال جبران خليل جبران، فضلاً عن كتبه عن عصور النهضة فى أوروبا فى موسوعته الشهيرة «العين تسمع والأذن تري»، وسامى شرف كان أيضًا صاحب قلم متميز وله كتاب مهم وشهير وهو «أيام وسنوات مع عبدالناصر»، وكان أحمد حمروش، الذى تولى بعد الثورة شأن الفنون والمسرح، أصدر كتابين قبل الثورة أولهما «حرب العصابات» الذى أهداه إلى المناضلين فى أوطانهم عام 1947، و«خواطر» عن الحرب وأهداه إلى زملائه تحت تراب فلسطين غير كتبه الكثيرة التى أصدرها طوال حياته ومنها ما أرّخ لثورة يوليو.
لقد أدرك معظم قيادات ثورة يوليو أهمية دور القوى الناعمة الداعم لأهداف الثورة وتنمية الوعى الجمعى بخطوات وخطة طريق الثورة وتحفيز التفاعل الجماهيرى مع كل إنجاز وهو ما يحدث الآن، فالقيادة السياسية تدرك تماماً قيمة وأهمية القوة الناعمة فى بناء الوعى وحماية الهوية المصرية ولذلك تهتم بها.فى 18 يونيه عام 1953 تم إعلان الجمهورية فى مصر، وعين محمد نجيب رئيسًا لها مع احتفاظه بمنصب رئيس الوزراء، ثم تداعت الأحداث سريعة حتى الرابع عشر من نوفمبر عام 1954 حيث «تقرر إعفاء محمد نجيب من المناصب التى كان يشغلها، وبقاء منصب رئيس الجمهورية شاغرًا، وأن يستمر مجلس قيادة الثورة فى تولى كافة سلطاته بقيادة جمال عبدالناصر، الذى كان يشغل فى نفس الوقت منصب رئيس الوزراء.. وهكذا توارى إلى الظل وإلى الأبد أول رئيس لجمهورية مصر، فى نفس الوقت الذى بدأت تكتسب فيه شعبية جمال عبدالناصر القائد الحقيقى لثورة يوليو رصيدًا هائلاً، ساهمت فى تحقيقه أحداث سريعة: توقيعه لاتفاقية الجلاء فى 27 يوليو 1954، ونجاته من محاولة اغتياله فى ميدان المنشية بالأسكندرية، مواقفه الوطنية فى «مؤتمر عدم الانحياز بباندونج عام 1955 ضد الأحلاف العسكرية» وتأكيده للاستقلال الوطني، وكسره لاحتكار السلاح، إعلانه للدستور فى 16 يناير 1956، تأميمه لقناة السويس، فشل العدوان الثلاثى من تحقيق أهدافه وجلاء قوات العدوان عن مصر.. أنه تاريخ ويحكى قصة وطن.
ثورات صنعت معجزات
بقلم: عادل الحريرى
تمضى السنوات ويمر الزمان بأحداثه ووقائعه ومتغيراته وتظل ثورة 23 يوليو 1952 عالقة فى الأذهان وساكنة فى الوجدان بأهدافها ومبادئها وغاياتها وإنجازاتها وتأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية فى مصر والوطن العربى وأفريقيا.
يوليو لم تكن مجرد ثورة بل مشروع وحلم استقلال وطنى وتحرر وبناء وتنمية وعدالة اجتماعية.
يوليو ثورة وطنية مصرية، عربية وإفريقية داعمة لرغبات الشعوب ونضالها فى التحرر ونقطة انطلاق للعمل العربى المشترك.
ثورة يوليو نموذج للتغيير ورفع رايات الأمل فى غد أفضل للحرية والانتصار والعمل والتنمية وهو ما تعمل من أجله ثورة 30 يونيو التى أعادت لمشروع يوليو انطلاقة جديدة فى عصر جديد من خلال جمهورية جديدة أعادت مصر لمكانتها ودورها الطبيعى وامتلاك مصيرها ومقدراتها بأيدى شعبها وتضحيات أبنائه.
ستظل ثورة 23 يوليو نقطة مضيئة فى التاريخ المصرى وصفحة ناصعة فى تاريخ العسكرية المصرية التى تصدت للفقر والجهل والاستعمار والاحتلال وسط تأييد شعبى غير مسبوق وأحدثت تغييرا جذريا للمصريين الذين عانوا الظلم والفقر وغياب العدالة.
23 يوليو ستظل نقطة فارقة فى تاريخ النضال الوطنى ونموذجا فريدا لإرادة شعب اصطف خلف جيشه على قلب رجل واحد.. غيرت مجرى التاريخ وأرست قواعد العدالة والديمقراطية ونجحت فى التحول السياسى الكبير من الملكية إلى الجمهورية.
يوليو هى أم الثورات الملهمة بأهدافها وانحيازها التام لصالح الطبقات الأكثر احتياجا.. حققت إنجازات كبرى مثل تأميم قناة السويس والإصلاح الزراعى ومجانية التعليم وبناء السد العالى وانطلقت مصر بدور رائد ومؤثر فى محيطها العربى وقارتها الافريقية.. حققت الاستقلال والقضاء على الاستعمار وانحياز الجيش العظيم للوطن والمواطن.
>>>
وكما أن ثورة 23 يوليو مهدت الطريق أمام مرحلة جديدة فى تاريخ الوطن وساهمت فى تعزيز مفهوم الحرية والاستقلال الوطنى فى المنطقة كلها وكانت حجر الأساس فى بناء جمهورية العدالة والمساواة بين جميع فئات الشعب فإن ثورة 30 يونيو مهدت أيضاً الطريق ووضعت أسس بناء الجمهورية الجديدة يتمتع فيها كل مصرى بحياة كريمة من خلال خطط التنمية الشاملة وتوطين الصناعات وتحسين بيئة الاستثمار.
ثورة 30 يونيو عملت على أهداف 23 يوليو فكان اهتمام الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ توليه مقاليد الحكم بالفئات الأكثر احتياجا والأولى بالرعاية والقضاء على العشوائيات وتوفير حياة كريمة لأكثر من 60 مليون مواطن، فضلاً عن توفير الرعاية الصحية والاجتماعية وتوفير احتياجات المواطن من الغذاء والدواء.
>> خلاصة القول:
23 يوليو ثورة قادها الجيش ضد الاستعمار والاحتلال والتفت حولها الشعب.. و30 يونيو ثورة قادها الشعب ضد الجماعة الإرهابية وحماها الجيش والحاضر الآن على طريق الماضى ومشروعه وفكرته وغاياته و30 يونيو صورة مشرقة وحلم جديد لغاية الثورة الأم «23 يوليو».
تحية إعزاز وتقدير للثورة فى عيدها وتحية للثوار والأبطال.. وتحية لجيش مصر الباسل حامى الأرض والعرض وللشعب العريق.
>> من القرآن الحكيم:
«يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم والله غفور رحيم» (28 : الحديد).
الشرارة الأولى
بقلم: محمد أبوسنة
كثير من الأجيال الحالية لا يعلمون أن هناك إرهاصات وأحداثا سبقت القيام بثورة 23 يوليو المجيدة وكانت تلك الأحداث بمثابة الشرارة الأولى التى أوقدت شعلة الحرية وكانت الزاد الذى أشعل الحماس فى قلوب وعقول الضباط الأحرار الذين خططوا لطرد المحتل الإنجليزى وإنهاء عصر الملكية وقيام الجمهورية ليتنفس الشعب المصرى عبير الحرية وينعم بخيرات بلده فى ظل حياة كريمة وعدالة إجتماعية.
من هذه الأحداث تلك الأيام الخالدة المحفورة فى ذاكرة أمتنا والمكتوبة بحروف من نور فى سجلات المجد والفخار والعزة والنصر هو يوم الجمعة 25 يناير 1952 الذى أصبح عيدا للشرطة المصرية.
ومن حقنا نحن أبناء الإسماعيلية مولدا وحياة أن نفخر بهذا اليوم ونفتخر بأجيال ذلك اليوم الذين رفعوا هاماتنا عنان السماء بما بذلوه من روح ودم دفاعا عن الأرض فى معركة الإسماعيلية الخالدة التى كانت البداية الحقيقية لتحرير أرض مصر من قوات الاحتلال البريطانى الذى كان جاثما فوق أرضنا وأقام الثكنات العسكرية عليها وتحكم فى ثرواتها وقيد حريات أهلها ومن بعد ذلك رحيل الملك فاروق وبدء النظام الجمهورى فى مصربقيام ثورة 23 يوليو الخالدة.
هنا فى مدينة الإسماعيلية وفى مبنى مديرية الأمن قسم شرطة البستان وقتذاك واجهت أجساد رجال الشرطة المصرية وأبطال المقاومة من شعب الإسماعيلية رصاصات المحتل الغاشم دفاعا عن مبنى المحافظة المعنى والرمز رافضين تسليمه والاستسلام والتخلى عن المقاومة والأسلحة التى فى أيديهم.
كانت الصورة فى هذا اليوم مشرفة ومشرقة حيث كان التلاحم بين رجال الشرطة والشعب فى أبهى صوره فالكل فى خندق واحد فى مواجهة المحتل مدافعين عن الأرض والعرض.
التعاون كان واضحا جليا بين الشرطة والشعب حيث ترك أكثر من100 ألف عامل مصرى العمل فى معسكرات الإنجليز ليساهموا فى حركة الكفاح.
الوطنى وامتنع التجار عن إمداد المحتلين بالمواد الغذائية والسلع الاستهلاكية والوقود.
وفى معركة التلاحم كانت القوة غير متكافئة من حيث العدة والعتاد ولكن كان إصرار وعزيمة المصريين وروحهم المعنوية المرتفعة أقوى من كل أسلحة البريطانيين وأعدادهم الكبيرة التى لم تهن من عزيمتهم أوتنال من حماسهم.
وكانت معركة الشرطة والشعب الخالدة فى مدينة الإسماعيلية حديث الناس فى القاهرة وكل محافظات مصر و بداية لتحرير أرض مصر كلها من قوات الاحتلال الإنجليزى و رحيلهم عن الوطن للأبد حيث كانت الشرارة الأولى لقيام ثورة 23 يوليو1952 بعد أن خرج كل شعب مصر وطلاب الجامعة إلى شوارع القاهرة فى مظاهرات فور علمهم بمعركة الإسماعيلية فكان حريق القاهرة والمطالبة برحيل الإنجليز الأمر الذى أزعج لندن كلها ثم كانت ثورة يوليو المجيدة التى حررت البلاد والعباد وبدأت مصر عصرا جديدا من الحرية والخير ٠
فى عيد ثورة يوليو الـ 72 تحية حب وتقدير وعرفان بالفضل والجميل لمجموعة الضباط الأحرار بقيادة خالد الذكر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر ورفاقه وللشعب المصرى الذى ساند الجيش المصرى فى ثورته على قوى الإقطاع والمحتل.
تحية حب لكل شهيد بذل روحه فى سبيل حماية مصر وشعبها و دفاعا عن أرضها فى كل معارك الوطن مع المحتل و الغاصب و المعتدى وتحية لكل الذين ضحوا بأرواحهم لتبقى مصر خالدة مادامت الحياة.