يحكى أن أفريقياً اسمه «عامر» كان يسكن وزوجته «هانم» كوخًا بعيدًا فى منطقة نائية من سهل خصيب على أطراف غابة كانت موطنا لأنواع مختلفة من الحيوانات.. كان الرجل صيادًا محترفًا عاشق لمهنته وقارئا نهما يهوى المعرفة رغم عدم التحاقه سوى بكٌتّاب القرية فى صباه.. ومع شروق الشمس تعتنى هانم ببستانها الصغير.. تزرع البذور حينا وتجنى ثمار الخضروات والفواكه حينا وتجمع عسل النحل بينما يخرج عامر يتفقد افخاخ اعدها فى مواقع اختارها بعناية.. وحاملاً قوسًا وسهامًا وحربه استعدادًا لقنص كل ما يرصده من فرائس فى مرمى سهامه أو حربته فضلا عن تلك التى اوقعها الحظ العثر فى افخاخه.. ويعود قبيل الغروب حاملاً ارانب وثعالب وطيوراً.. تتولى هانم تنظيف الفراء ودباغة الجلود واعداد مايصلح ويكفى لطعامهما والباقى لبيعه لتاجر يزورهما كل بضعة اسابيع.. بينما يشبع عامرهوايته فى القراءة على ضفاف رافد صغير للنهر يبعد خطوات عن الكوخ حتى يغلبه النعاس ليمضى عائدًا.
.. وذات يوم استجاب عامر على مضض لإلحاح زوجته تغييرالروتين اليومى لينطلقا معًا لصيد السمك من الرافد النهرى القريب.. حاول اقناعها بأن الوقت ليس هو الأنسب للفوز بكمية مناسبة ونوعية أفضل من الاسماك الا انها أصرت وعتمت ملامحها بسحابات الغضب.. لم يجد مناص من الموافقة وحمل السنانير واصطحبها لضفة النهير.. والشمس تتهيأ للشروق بخيوط ذهبية تسللت بين الاغصان لتهدى وميضا يتلألأ مزركشا صفحة المياة.. مشهد رومانسى ألهب عواطف الست هانم وكان ذاك هومقصدها من الفسحة وليس السمك.. كان الطقس صيفياً رطباً شديد الحرارة وقد عم الجدب والجفاف معظم ربوع الغابة وألهث الظمأ حيواناتها وشردت افرادًا وجماعات بحثًا عن المياه.. وفجأة وعلى غير العادة سمع الزوجان صدى زئير شق السكون لتتبدل ملامح الغرام إلى ذعر وملام.. هّبا بالوقوف يلتفتان بحثًا عن مصدر الصوت ولم يلبثا ان لمحا زمرة من اسود عن بعد ليطمئنا الا وقد رنا لسمع عامر حفيف لأوراق شجر وطقطقة هشيم اغصان لم يستمر سوى لحظة.. هنا قرر الا ينشغل بالبحث عن مصدر الصوت بل بالنجاة فراراً عبر اقصر مسار للكوخ.. فقبض على يد زوجته وهرعا معا باقصى سرعة – كان عامر ماهرًا فى توقعاته وقراره.. لقد اقترب اسدًا منهما مقتفياً اثر رائحة صيدهما من الاسماك.. لم يكن قد رصد مكانهما بعد.. الا ان حركة فرراهما جذبت انتباهه فلحق بهما على طريق الكوخ غير انهما نجحا فى الوصول وأغلقا الباب بسرعة.. بينما وقف الاسد الجائع يزأرغيظًا لضياع فريسته ولم يمل اللف والدوران حول الكوخ لساعات بحثًا عن منفذًا للدخول بينما داهم الزوجان الرعب من حصار طال امده.. وبعد تفكيرعميق برقت لدى عامر فكرة !!
.. نحكيها الاسبوع القادم