رغم مرور 11 عاما على قرار الشعب بعزلهم ورغم فشل كل محاولاتهم لإثارة الفوضى عبر الاكاذيب والشائعات والعنف والحرق والتحريض، إلا أن الجماعة الإرهابية تصر بغياء محكم أن تواصل نفس السيناريو بلا توقف ولم تستوعب الدرس لم تدرك أن الشعب لفظها بلا رجعة، وأن عودتها مرة أخرى تشبه وهم عودة مرسى من قبره، فالجماعة كتبت شهادة وفاتها، ولن تقوم لها قائمة مرة أخرى، لأن ما ذاقه المصريون على أيديهم كثيرًا وما عانوه معهم غير قليل يكفى أن يتذكر المواطن حالة الغطرسة والغرور والتعالى التي كانوا يتعاملون بها والفشل الذي كانوا سيفرضونه على البلد في كل المجالات والقطاعات والفتنة التي حاولوا زرعها بين المصريين والكراهية التي كانوا يتعاملون بها والعنف الذي كانوا يواجهون به كل من يخالفهم الرأى أو يعارضهم.
كل هذه كانت مجرد ملامح من صورة المجتمع المصرى خلال السنة السوداء التي حكمت فيها الجماعة الإرهابية، وكانت كارثية بكل المعاني ، والأرقام التي لا تكذب هي التي تفضح ضحالة فكرهم وانهم لم يكونوا مؤهلين من الأساس الإدارة مدينة وليس حكم دولة بحجم مصر، فالنمو تحت حكمهم كان بالسالب.
والاستثمارات تراجعت إلى أرقام مخيفة، والسياحة كادت تنهار، والخدمات وصلت إلى حد ما دون المستوي، وهو ما أنتج حالة غضب شعبي غير مسبوقة، بعدما شعر المواطن ان الجماعة تحكم لنفسها وتدير المصالحها.
وتفرض على المواطن ما يحقق أطماعها، ولا تأبه بمطالبه ولا تسعى لارضائه ولا تبحث عن حلول لمشاكله او تخفيف لمعاناته ، ليس هذا فحسب بل تجاوزت في حقه بتهديده الصريح بالميليشيات المسلحة، وتجاوزت كرامته عندما اعلنت أنها أما ان تحكم أو ستملأ الاحماء الشوارع، “يا نحكمكم يا نقتلكم” وسعت التغيير هويته وتجاوزت فكرة الدولة الوطنية بقيمها وثقافتها وطبيعتها المتسامحة إلى دولة المرشد القائمة على السمع والطاعة والتبعية لدولة الخلافة المزعومة، دولة دينية على مقاس الجماعة تابعة لقوى خارجية، تنفذ أجندة لا تمت الوطنية بصلة.
شعر المواطن أن دولته سرقت وكرامته أهدرت، وحقوقه ضاعت، ومستقبله غامض بل أسود فجاءت ثورة الإنقاذ التي لم يكن لها بديل، خرج الشعب في 30 يونيو متمردًا إلى الميادين، رفع شعارًًا واضحًا وموحدًا، يسقط يسقط حكم المرشد كان شعارًا عبقريا، فالشعب بوعيه كان يعلم أن المرشد هو من يحكم وليس من يجلس في قصر الاتحادية، ولذلك المطلوب إسقاط المرشد و جماعته وكانت وقفة القوات المسلحة هي التي حمت المصريين وتصدت لتهديدات وتوعدات الإرهابية، التي ظهرت حقيقتها وسوءاتها وانكشفت طبيعتها الإجرامية التي كانت معلومة لكل من يعى تاريخ الجماعة، لكنها كانت خافية على عموم المصريين.
شعر المواطن أن دولته سرقت، وكرامته أهدرت و حقوقه ضاعت ومستقبله غامض فجاءت ثورة الإنقاذ التي لم يكن لها بديل
من يراجع تاريخ الجماعة ويقرأ تفاصيله سيعرف أنها نموذج عملى للخيانة وأصل الاغتيالات ومنبع العنف في مصر على مدار ما يقرب من قرن من الزمان، تأسيسها من البداية عام 1928 قام على عمالة واضحة من مؤسسها حسن البنا للاحتلال الانجليزي، والتمويل الأول جاء منهم عبر شركة قناة السويس.
الخيانة لم تكن للوطن فقط بل للدين أيضا الذي سخره البنا لتحقيق مآربه وأسس المدرسة ما زالت سائدة إخوانيًا حتى الآن تقوم على التوظيف السياسي للدين لتحقيق الأطماع، حتى الكتب قام بإباحته من أجل مصلحة الجماعة.
وعندما تراجع مذكرات من غادروا الجماعة ستكتشف اعترافاتهم الواضحة بخيانة الجماعة وعنفها وأنها لم تكن جماعة مسلمين بل قتلة خانئين ويكفى مذكرات العشماوي التي تكشف المستور فى قلب الجماعة، وما خطه ثروت الخرباوي في “سر المعبد” لتعلم كيف تدار تلك الجماعة من الداخل وكيف تربى المنتمين إليها على كراهية الوطن والانتقام والكذب واستغلال الدين والطاعة العمياء للمرشد حتى ولو خالف الدين.
ثم كانت عمليات الاغتيال المتوالية تحت رعاية حسن البنا أو وفقًا لما وضعه من مبادئ خبيثة، دليل أكبر على خيانة الجماعة للإسلام الذي يتسترون به من القاضي أحمد الخازندار إلى النقراشي باشا وصولاً إلى جرائمهم الكثيرة، ولأن صانع السم لابد أن يذوقه فقد جاء اغتيال حسن البنا نفسه محاطًا بغيوم كثيرة وجزءًا كبيرًا منها يذهب إلى أنه قتل برصاص أعضاء جماعته من عناصر التنظيم الخاص الذي أسسه لتنفيذ عمليات الاغتيال القذرة وسلمه لعبد الرحمن السندي، والذي أصبح بعد ذلك مصدر قوة داخل الجماعة حتى ضد البنا نفسه.
لأن منهج الاغتيالات هو عقيدة الجماعة فقد مارسوه ضد جمال عبدا الناصر نفسه رغم أنه من قاد ثورة يوليو التي تحتفل بذكراها اليوم، وحرر البلاد من الاحتلال، كان حادث المنشية عام 1954 كاشفًا فاضحًا لحقيقة تلك الجماعة، التي لم تقبل ان تبتعد عن السلطة وكان قرارها إما أن يخضع لهم عبد الناصر ورجال الثورة و يدينوا لأوامر المرشد وإما الانتقام، وعندما رفض عبد الناصر كانت محاولة الاغتيال التي فشلت وتم القبض على منفذيها ليعترفوا بتفاصيل التكليف الإخواني لهم، ليس هذا فحسب بل ناصبوا الثورة العداء وأثاروا الفتن بكل السبل من أكاذيب إلى شائعات وتحالفات مع أعداء الثورة.
ولأن محطات العنف الأساسية هي أكثر ما يكشف إرهاب الجماعة فقد كان الحادث الكاشف الآخر هو تنظيم 65 تحت قيادة سيد قطب والذي خطط التفجيرات في مناطق حيوية في القاهرة منها القناطر الخيرية، ومع الرئيس السادات ورغم ما قدمه لهم من فرصة تاريخية وفتح أمامهم كل أبواب العمل السياسي ظهرت طبيعتهم الغالبة في الخيانة وكان المقابل للكرم الساداتي معهم أن أغتالوه بأيديهم في ذكرى يوم النصر، وكأنهم يريدون أن يطفئوا فرحة المصريين بهزيمة العدو الإسرائيلي.
هكذا هي الجماعة الإرهابية التي لم تتوقف منذ 96 عاما، عن خيانة الوطن وممارسة الإرهاب والقتل والتخريب والتكفير للناس وفق ما يحقق مصالحهم، قامت الجماعة على أساس واضح هو العمالة ضد الوطن والدين.
وانتهت بفضح الشعب لحقيقتها بعدما وصلت إلى مبتغاها بحكم مصر، وظن قادتها أن الأمور قد حانت لهم، والأرض استقرت من تحت أقدامهم والسلطة التي سعوا لها قد أصبحت في قبضتهم بلا منازع.
لكن الشعب كان يقظًا فطنًا، كشفهم وفضح زيفهم وإرهابهم وأنهم جماعة لا تعمل من أجل الدين كما كانوا يصورون، ولا تبغى مصلحة الوطن كما كانوا يدعون، وإنما يعملون لأمر المرشد ويبتغون هدم ثوابت الدولة وتغيير هويتها وتدمير مؤسساتها وتقزيم مكانتها، وتفتيت أرضها وفتح حدودها وإعلان تبعيتها لدول وقادة من خارجها يحكمون باسم الخلافة.
تاريخيًا معروف عن المصرى أنه يصبر على الأزمات الاقتصادية ويتحمل كل صعب ويساند كل حاكم طالما وجده حادبًا على وطنه مدافعًا عن أهله منحازًا لأرضه، فعل ذلك مع كل الحكام الوطنيين الذين رأى فيهم رغبة البناء، من عبد الناصر الى السيسي، لكن المصرى لا يتحمل ما يمس كرامته أو يهين دولته أو يقترب من أرضه وهويته، وهذا ما فعلته الجماعة الإرهابية، فلم يتحمل المواطن بقاءهم في الحكم وثار معلنًا غضبه ومنفجرًا في ميادين وشوارع مصر طولاً وعرضا، ليخلع حكم الخيانة ويعزل مندوب الجماعة ويهدم مخطط الفوضى الذي كانت تحمله الإرهابية ويستعيد دولته بحماية جيشه وشرطته وانحياز قائد عام تحمل مسئولية انفاذ إرادة المواطن.
كانت عمليات الاغتيال المتوالية تحت رعاية حسن البنا أو وفقًا لما وضعه من مبادئ خبيثة، دليل أكبر على خيانة الجماعة للإسلام الذي يتسترون به
هذا هو خلاصة ما حدث في ثورة 30 يونيو، التي لا تنفصل في فكرتها وإرادتها وقيادتها عن ثورة 23 يوليو، كلتاهما ثورتان للخلاص من الاحتلال الإنجليزي الذي امتد لـ 70 عاما في 1952، والإخواني الأخطر الذي كان يخطط ليستمر لخمسمائة عام في 2013.
في الثورتين نفذت القوات المسلحة إرادة الشعب بالتخلص من حكم القصر المسيطر عليه إنجليزيًا، وحكم المرشد التابع خارجيا كلاهما ثورتان غيرتا خريطة المنطقة وأفسدتا مخططات قوى كبري.
كلتاهما أفرزتا زعامة مصرية تمثلت في جمال عبد الناصر في 52 الذي أعاد بناء الدولة، وقاد حركات التحرر العربية والإفريقية، وعبد الفتاح السيسي في 2013 الذي أعاد بناء الدولة المنهارة وتصدى للمخطط الأخطر على المنطقة وشعوبها، وواجه الإرهاب بكل قوة وحسم.. وكلتا الثورتان واجهتا خيانة الإخوان وإرهابها.
إذا كانت الجماعة الإرهابية انقلبت على ثورة 52 وحاولت تدمير الدولة، فإنها مارست كل أنواع الإرهاب والتخريب والتحريض للمصريين وإثارة الفتن بعد ثورة الشعب في 30 يونيو، وتصدت لها الدولة بكل حسم وقدم رجال الجيش والشرطة تضحيات كبيرة في سبيل مواجهة ومكافحة الإرهاب لحماية مصر من مخطط الإخوان الذين فشلوا في إرهابهم المسلح فلجئوا إلى الحروب الإلكترونية وحملات التشويه عبر الإنترنت ونشر الأكاذيب والإدعاءات وتزييف الحقائق، عدد وحجم الشائعات التي استهدفت مصر دولة ومؤسسات وخدمات أضعاف ما تم رصده من شائعات حول العالم كله، والغالبية منها إخوانية الصنع، والباقى تأثر بما يروجه الإخوان من أكاذيب لكن في النهاية أدرك المصريون بوعيهم أن ما تفعله الجماعة بانتقامية شديدة وراء كل هذه الشائعات وأنهم يستغلون كل أزمة ليضخموا منها وينشروا أكاذيب تحريضية ضد الدولة.
الجماعة الإرهابية انقلبت على ثورة 52 وحاولت تدمير الدولة، ومارست كل أنواع الإرهاب والتخريب والتحريض للمصريين وإثارة الفتن بعد ثورة الشعب في 30 يونيو، وتصدت لها الدولة بكل حسم
بالتأكيد لن تتوقف هذه الحرب الإخوانية القذرة عبر “السوشيال ميديا” التي لو كانت متاحة لهم أيام عبد الناصر لما ترددوا في استخدامها لكنهم كانوا يلجأون إلى نشر أكاذيبهم بين الناس بشكل مباشر فكانت المواجهة معهم سهلة والترصد لهم متاح، لكن في عصرنا الحالي أصبحت السوشيال ميديا سلاحا خبيثا يتم استخدامه من على بعد، ويصل إلى كل بيت في لحظات، بهدف التشويه والتحريض، من خلال عناصر التنظيم المتخصصة الذين لا وظيفة لهم إلا ممارسة هذا الدور الذي يستهدف إضعاف الدولة من خلال إحداث الفتنة الداخلية، وتشويه مواقفها في كثير من القضايا بلا خجل، مثلما يحدث في القضية الفلسطينية حيث تقف ميليشيات الجماعة الإرهابية في الجانب الإسرائيلي وتروج أكاذيب تل أبيب ضد مصر .
هذا هو ديدن الجماعة التي لا تتورع عن التحالف مع أي عدو ضد الوطن تحقيقًا لمصلحتها، وتعاونها مع إسرائيل ثابت وموثق في مخطط التهجير للفلسطينيين إلى سيناء، مثلما كان تعاونها مع الأمريكان وتبعيتها لهم وتنفيذها أوامرهم في تنفيذ مخطط الفوضى الخلاقة واضح للجميع، في النهاية لا يصح إلا الصحيح، فلم يعرف التاريخ جماعة هزمت دولة، وستظل مصر قوية باقية ثابتة وستذهب الجماعة إلى مزبلة التاريخ بجرائمها وإرهابها تبقى مصر الدولة وتبقى مصر الثورة.