أساتذة القانون الدولى.. وخبراء فلسطينيون:
مرافعة مصر التاريخية.. وتكاتف المجموعة العربية.. وراء هذا الانتصار
«اليمين المتطرف» يتصرف بغباء.. ويضلل شعبه
جاء قرار محكمة العدل الدولية، كخطوة مهمة وتاريخية، فى طريق تحرير وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس، حيث أقر إنهاء الاحتلال الإسرائيلي، وإزالة المستوطنات وتعويض الفلسطينيين عن خسائر سنوات الاحتلال الغاشم، ولكنه مازال فى حاجة إلى تنفيذه على أرض الواقع، والذى يتطلب المزيد من الخطوات والقرارات من مجلس الأمن الدولي.
قال د. أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إن قرار محكمة العدل الدولية تاريخي، جاء بطلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة، نتيجة لطلب المجموعة العربية، حيث تم طلب الفتوى من محكمة العدل الدولية، بعدم شرعية الاحتلال للأراضى الفلسطينية، بما فيها القدس الشرقية، وصدرت الفتوى بأنه من حق الشعب ان يقرر مصيره، وتعويض الفلسطينيين عن الأراضى التى صادرها الاحتلال، ولكنها فتوى غير ملزمة، ولا بد ان يتم توجيه القرار إلى مجلس الأمن، لينفذ وفقا للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، مؤكداً أن الفتوى فى حد ذاتها يعتبرها الاحتلال معادية للسامية، وهو أمر غير مقبول، ومفضوح على المستوى العالمي، وان هذا القرار جاء بعد سنة من المرافعات من جميع دول العالم، ومنها مصر التى قدمت مرافعة تاريخية، وكلها كانت لصالح القضية، حيث صوت 13 قاضياً بالموافقة مقابل واحد، من أجل البت فى القضية، وصوت 11 قاضياً مقابل 2، لإصدار القرار بأحقية فلسطين بالتطهر من الاحتلال والتعويض.
أشار «الرقب» إلى ان قرار رفض الكنيست الإسرائيلى إقامة الدولة الفلسطينية، عادة ما يكون قبل جلسة محكمة العدل الدولية، وكأنه اعتراض قبل إصدار القرار الدولي، لأنه تم عمل جلسة مشابهة فى فبراير الماضي، وتم التصويت على قرار رفض إقامة الدولة الفلسطينية، وهو مجرد موقف ليس المقصود به سوى مواجهة القرارات الدولية.
فى نفس السياق قال المحلل السياسى الفلسطيني د. وائل كريم، ، إن قرار محكمة العدل الدولية بأنه غاية فى الأهمية لأنه تم إقرار الحق الفلسطينى فى التعويض عن سنوات الاحتلال، وإقرار حق زوال الاحتلال عن الأراضى الفلسطينية، وهو الأمر الذى يعد مسماراً فى نعش الاحتلال، وهو يدرك مدى خطورة هذا القرار عليه، حيث ان إسرائيل طالبت بحقها من التعويضات جراء ما حدث لليهود من النازيين، وحاليا يتم المطالبة بنفس الحق للشعب الفلسطيني، وان هذه المطالبة على مستوى القانون الدولي، هو إجراء يؤكد مظلومية الفلسطيني.
أوضح ان حكومة اليمين المتطرف بقيادة بنيامين نتنياهو، ليس لديها منطق، وتتصرف بغباء، فى قراراتها، خاصة قرار الكنيست بعدم أحقية إقامة الدولة الفلسطينية، وأضاف ان الكيان يتحدى العالم والبشرية الإنسانية، قانونيا وأخلاقيا وأدبيا، وهم مقتنعون بأنه حقهم التاريخي، الذى كتب فى التوراة، وهو نفس ما كان النازيون يعتقدونه بأنهم الجنس الأسمى واسياد العالم.
كماأشار كريم أن رئيس الوزراء نتنياهو خلال عشر سنوات من حكمه، سيطر على وسائل الإعلام الإسرائيلية، وجعل الصحفيين أعضاء فى حزب الليكود والكنيست، مكافأة لهم على تبعيتها له، وهنا ظهرت بوادر الديكتاتورية فى حكم نتنياهو وحزب الليكود، لذا أصبحت الآلة الإعلامية الإسرائيلية، تفقد سلطة المراجعة الأساسية، ولا تنظر للوضع الداخلي، ولا سيما الاقتصادي، وترتكز على دعمه فقط، مشيرا إلى أن غالبية الأصوات الانتخابية من الفقراء، وهم يمثلون اليمين المتطرف والأحزاب الدينية، فى حين ان سياسة حزب الليكود رأسمالية.
واوضح كريم إن إسرائيل استفادت من اتفاقية اوسلو واتفاقية باريس أكثر من الفلسطينيين، لأنها سمحت التبعية الاقتصادية لإسرائيل، حيث ان عمال الأراضى الفلسطينية وعددهم 220 ألف عامل، يعملون فى إسرائيل، كما ان القوانين فى فلسطين متعلقة بإسرائيل، التى ليس لها سن قوانين، وهو ما يعنى عدم الاستقلالية، وهذا ظهر خلال حرب غزة، عندما تم رفض دخول العمال الفلسطينيين، وإغلاق البنوك، ومنع أموال السلطة الفلسطينية، وهى أمور تحجم السيادة الفلسطينية.
من جهته وتعقيبا على تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش على قرار محكمة العدل الدولية، بإحالة الفتوى الصادرة من محكمة العدل الدولية، بشأن الإجراءات المتعلقة بالعواقب القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، إلى الجمعية العامة التى طلبت مشورة المحكمة.. هل القرارات ملزمة وهل تنصاع إسرائيل للقرار؟.. قال د. أيمن سلامة أستاذ القانون الدولي، إنه بالرغم من عدم إلزامية الرأى الاستشارى الذى صدر عن محكمة العدل الدولية، هو رأى تاريخى قانونى سليم، تناول العديد من الانتهاكات الجسيمة الإسرائيلية، والتداعيات الكارثية المجحفة بحق الشعب الفلسطينى بتقرير مصيره، وتداعياته فى قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، برغم إلزامية الرأى للجمعية العامة للأمم المتحدة التى طلبت ذلك الرأي، إلا أنه لا يجوز تفريغ هذا الرأى من قيمته القانونية، ووزنه السياسى على مختلف الأصعدة.
أوضح ان هناك خيارين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويتمثل الأول، فى نظر الجمعية العامة فى التوجيه القانونى المقدم من محكمة العدل الدولية، بشأن الاحتلال العسكرى الإسرائيلى وتداعياته، وإصدار توصية من الجمعية للدول الأعضاء، وهو أهم من الرأى الاستشاري، بأن تكون هناك إجراءات عقابية ضد إسرائيل حتى تلزمها بإنهاء الاحتلال وتفكيك المستوطنات الإسرائيلية غير الشرعية، والخيار الثانى وهو عدم اتخاذ قرار الجمعية أى إجراء أو توصية، وهو الأمر المستبعد، لأنه ليس من السهل تجاهل هذا الرأى لأنها هى التى طلبته من المحكمة.
مفتى الجمهورية يشيد بالقرار
كتب ــ عمر عبدالجواد:
أشاد د. شوقى علام مفتى الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء فى العالم– بقرار محكمة العدل الدولية حول الآثار القانونية للسياسات والممارسات الإسرائيلية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، بما فى ذلك القدس الشرقية، الذى أكد عدم قانونية استمرار الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية لما يمثله من انتهاك لحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، وخرق مبدأ عدم جواز الاستيلاء على الإقليم الواقع تحت الاحتلال بالقوة، مطالباً إسرائيل بإنهاء الاحتلال غير القانوني، والوقف الفورى لأى نشاط استيطانى جديد، وإخلاء كافة المستوطنات من الضفة الغربية والقدس الشرقية، والتعويض عن الأضرار المادية والمعنوية الناتجة عن سياساتها وممارساتها غير القانونية.
أكد مفتى الجمهورية فى بيانه أنَّ قرار محكمة العدل الدولية ينبغى البناء عليه واستكمال الجهود والمطالبات على كافة الأصعدة الدولية حتى ينال الشعب الفلسطينى حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.. دعا مفتى الجمهورية جميع عقلاء العالم والمجتمع الدولى بمنظماته وهيئاته المعتبرة، كى يتدخلوا بشكل فورى وحازم لوقف الاعتداءات الإسرائيلية الوحشية والهمجية على الفلسطينيين والمنشآت المدنية، ووضع حدٍّ لسياسة التجويع والعقاب الجماعى الذى يمارسه الكيان الإسرائيلى المحتل تجاه أبناء الشعب الفلسطينى المناضل نتيجة مطالبته بحقوقه المشروعة.