استوقفنى تقرير نشرته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية قبل أيام يكشف أن إسرائيل أسقطت 8 أطنان من القنابل على مجمع لمخيمات النازحين فى منطقة مواصى خان يونس جنوب قطاع غزة يوم السبت 13 يوليو الجاري،مما أدى إلى مقتل أكثر من 90 شخصا من المدنيين وأصابة300 آخرين، بينهم العديد من النساء والأطفال،وفقا للسلطات الصحية فى غزة، المجمع يضم سوقا ومصدرا للمياه ومطبخا للفقراء يخدم المدنيين النازحين، وأوضحت الصحيفة أن طائرات إف35 الإسرائيلية كانت محملة بالقنابل الكبيرة، وقصفت المنطقة بقوة ساحقة بثمانى قنابل تزن 2000 رطل،وأدت قوة الانفجار إلى تحويل الهدف إلى حفرة مشتعلة!فيما قال ويس براينت الخبير المتقاعد فى سلاح الجو الأمريكي، إن مقاطع الفيديو من مكان الحادث تشير إلى استخدام عدة قنابل تزن 2000 رطل، رغم أن الرئيس الأمريكى بايدن علق شحنة قنابل تزن 2000 رطل إلى إسرائيل منذ مايو الماضي، كونها غير مناسبة للاستخدام فى المناطق المدنية، مشيرا إلى أن مثل هذه الانفجارات العنيفة تجعل من الصعب التعرف على الجثث، هذا إلى جانب أن مواصى خان يونس مثل أغلب مناطق الموت التى سبق لجيش الاحتلال أن خصصها آمنة وطالب المدنيين بالذهاب إليها فى أوامر إخلاء سابقة
هنا قفز السؤال إلى ذهنى بكل أسي: هل تبقى أى نوع من الموت لم يجربه أهل غزة منذ 7 أكتوبر الماضي؟فقد ماتوا قتلا و حرقا و تفجيرا وجوعا وعطشا و مرضا وتعذيبا، كل صنوف الموت قد تم تجربتها فى غيبة من الضمير الإنسانى العالمي!!
عندما تعرض مستشفى للأطفال فى كييف للقصف بأحد الصواريخ الباليستية، جرى على الفور اتهام روسيا بأنها تقف وراءه، وسارعت الإدارة الأمريكية الى وصف العملية بجريمة حرب وجريمة ضد الانسانية.. ولكن عندما قصفت إسرائيل جميع مستشفيات غزة وحولتها الى قبور جماعية تمتلئ بمئات الجثث من المرضى والأطباء والمسعفين، لم تحرك إدارة بايدن أو الغرب بأكمله ساكنا واعتبرت ما ارتكبته إسرائيل حقا مشروعا لها فى دفاعها عن نفسها!، بل ذهب بايدن و إدارته الصهيونية إلى القول إن ما تفعله إسرائيل ليس جريمة حرب!!
فى زيارة لسكوت أندرسون، مدير وكالة غوث وتشغيل اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، إلى مجمع ناصر الطبى فى خان يونس قال «لقد شهدت بعضاً من أفظع المشاهد التى رأيتها خلال الأشهر التسعة التى أمضيتها فى غزة، رأيت مرضى ممددين على الأرض لعدم توفر المساحة ونقص المعدات، وأطفالاً جرحي، بما فى ذلك مبتورى الأطراف»
حتى لو توقفت الحرب، فمن المتوقع أن ترتفع حصيلة القتلي، وتقول رسالة كتبها علماء وضع النماذج لكيفية تأثير الحرب على الصحة، نشرت فى مجلة «ذا لانسيت» الطبية العالميةأن الرقم النهائى قد يصل إلى نحو 186 ألف قتيل، ونحن نتحدث الآن عن مقتل نحو 38 ألفاً و90 ألف مصاب تقريبا،وبمرور الوقت، أصبح من الصعب تقييم هذه الأرقام التى اعترفت بها الأمم المتحدة ومنظمة الصحة العالمية وأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، ويُعتقد أن عشرة آلاف شخص آخرين دُفنوا تحت الأنقاض فى غزة، لم يتم إحصاؤهم.
ما يحدث فى غزة يكفى لأن يعرى العالم المنافق الداعم لهذه الحرب العدوانية ولو بالصمت العاجز، الولايات المتحدة التى تُنَظِّر للعالم حول حقوق الإنسان خرجت من طورالداعم للحرب إلى دور الشريك والممول،يكفى أن أداة القتل الإسرائيلية هى سلاح أمريكي.