مؤخرا عقد الدكتور مصطفى مدبولى رئيس مجلس الوزراء اجتماعا مع الهيئة العليا لضبط الأسواق ومراقبة السلع المقدمة إلى المواطنين. وهذا الاجتماع مهم جدا ويأتى فى إطار التكليف الرئاسى بضرورة القضاء على الفوضى بالأسواق والتصدى لجشع التجار الذى زاد على الحدود .
الحقيقة أن أهم مهمة أمام الحكومة الجديدة هى القضاء على الفوضى فى الأسواق والتصدى بكل حزم وحسم للتجار الجشعين الذين يصطادون فى الماء العكر.
صحيح أن موجات التضخم تسود كل أنحاء العالم، وباعتبار أن مصر جزء لا بتجزأ من المنظومة العالمية، إلا أن هناك دورا مهما للحكومة فى الحماية المجتمعية، وضمان وصول السلع الى المواطن بسعر مقبول وغير مبالغ فيه، ومنع الإحتكار أو أى أمر يشبه ذلك.
وهنا يأتى دور الحكومة فى تفعيل القوانين والضرب بيد من حديد لكل من تسول له نفسه أن يستغل المواطن، سواء برفع قيمة السلعة لأزيد من المعتاد أو بممارسة أية عملية احتكارية.. خلال الشهور الماضية عقب توحيد سعر الصرف والقضاء على السوق السوداء أو الموازية أيا كانت التسمية، ومع الإفراج عن السلع داخل الجمارك شهدت الأسواق هدوءا نسبيا إلى حد ما، لكن سرعان ما تبدلت الصورة وعادت الأمور إلى سابق عهدها. لذلك جاء اجتماع الدكتور مدبولى مع اللجنة العليا فى توقيته وحينه.
هذا الاجتماع المهم يتطلب من مدبولى توجيه توصياته وقرارته الى جميع الوزراء والمحافظين لتنفيذه على الأرض فى أسرع وقت ممكن، بالاضافة إلى كل مسئول ذى صفة تنفيذية فى هذا الشأن.. من المؤسف أن الذى يزيد من جشع التجار هو إدراكهم الكامل أن الرقابة غائبة عن السوق، أو أن المسئولين سرعان ما تهدأ إنتفاضتهم مما يجعل أهل الجشع يتمادون فى جرائمهم ضد المواطن الذى لا حول له ولا قوة. باختصار شديد مطلوب من الدكتور مدبولى تفعيل كل قرارات اللجنة العليا لضبط الأسواق والأسعار من خلال الوزراء المعنيين أو المحافظين الذين يجب ألا يجلسوا على كراسيهم ويتفرغون للنزول إلى الشارع، وهذا واجب على كل محافظ فزمن تلقى الشكاوى قد ولى إلى غير رجعة، بل يجب على المحافظ ورئيس الحى والقرية والمدينة التواجد بين الناس فى الشوارع للقضاء على المشاكل ونسفها.
وأعتقد أن هذا هو التوجيه الوارد فى خطاب التكليف للدكتور مدبولي، فلا يمكن بأى حال من الأحوال أن يتم بناء الانسان المصرى دون توفير الحياة الكريمة له. ولن يتأتى ذلك لا بالعمل الدءوب من خلال السلطة التنفيذية التى تسعى بكل السبل إلى حل مشاكل المواطنين وتوفير احتياجاتهم الضرورية بكل سهولة ويسر بعيدا عن الاستغلال والجشع.
أكرر ضرورة أن يقوم الدكتور مدبولى بنقل قرارات وتوصيات الإدارة العليا لضبط الأسواق والأسعار إلى جميع المحافظين والوزراء المعنيين بهذا الأمر، للقضاء تماما على كل الفوضى العارمة التى تسود الأسواق ومحاربة كل التجار الجشعين. ومن هذا المنطلق لو تم هذا التفعيل على أرض الواقع لن نجد تاجرا واحدا يقوم باحتكار سلعة أو زيادة سعرها أكثر من اللازم، إضافة إلى القضاء تماما على فوضى الأسواق. وبالتالى توفير السلعة كما ينبغي، والأمر ليس صعبا أو عسيراً التحقيق بل هو سهل جدا من خلال قيام كل وزير ومحافظ أو مسئول بأداء دوره كما يجب من خلال ترك المقاعد التى يجلسون عليها والنزول الى الشوارع للمتابعة والتنفيذ على أرض الواقع.. هذه أمنية اعتقد أنها قابلة للتحقيق.