انتهى شهر رمضان الكريم، وذهب الحجيج لزيارة بيت الله الحرام، وعادوا إلى منازلهم سالمين بعد اداء الفريضة، ومرت الايام المباركة، الا ان اعلانات التبرع – فى القنوات الفضائية – لبناء المسجد فى تلك القرية (…) لم تنته!
يطالب الاعلان المتكرر بنفس المشاهد وبنفس الاشخاص، بسرعة التبرع ، حتى نحصل على بيت فى الجنة، ويتناسى اصحاب الاعلان، ان ما جمعوا من تبرعات خلال سنوات تكرار الاعلان، يكفى لبناء عدد من القصور، وليس لبناء مسجد واحد فى تلك القرية المشار اليها! حددوا سهما للمشاركة فى البناء وقاموا بتجزئته بنظام التقسيط المريح تيسيرا على المتبرعين، حتى نتمكن جميعا من بناء بيت فى الجنة ، ولم يعلنوا لأحد عن كيفية اقتسام تلك التبرعات بين العاملين عليها، وقيمة الإعلانات المستمرة طوال العام والتى يظهرون فيها لجمع هذه التبرعات، وبين من قاموا بالتمثيل فى الاعلان وتجهيزه من اخراج ومونتاج وكتابة اسكريبت وغيره، وأخيرا لم يعلنوا ايضا النسبة المئوية التى تذهب من اجمالى التبرعات لبناء المسجد..!
يتفنن جامعو التبرعات فى تبسيط جمع الصدقات، فتارة يجمعونها ليحصل المتبرع على شجرة فى الجنة، وعليه هنا ان يتبرع لزراعة اشجار الزيتون فتصبح صدقة جارية، كلما اثمر الزيتون وتم جمعه ثم عصره ثم تصنيعه ثم بيعه يذهب الربح لعمل الخير… كما يحصل كل المشاركين فى المراحل السابقة ايضا على جزء من الربح او من رأس المال، وهو قيمة التبرع الاصلية ، فهم العاملون عليها!!
تارة أخرى يتحدث جامعو التبرعات بأن توفير المياه لمن لا يجدها هو افضل طرق التبرع، ويذكرون الأحاديث النبوية الشريفة والآيات القرآنية المباركة التى تؤكد حقيقة ذلك، ولكن الجميع لا يعلنون أبدا كم مليون جنيه تكفى لعمل إعلان واحد فى احدى القنوات الفضائية؟ ومن اين تدفع تلك الملايين؟
ننتظر خلال الايام الجارية، تشكيلاً جديداً للمجلس الأعلى للاعلام، وأتمنى أن نجد ضبط تلك الوعود بالجنة ونعيمها مقابل دفع اموال الفقراء، والتى تدفع احيانا كثيرا بالتقسيط، رغبة فى بلوغ الجنة.. وللحديث بقية.