يدرك وزير الأوقاف الجديد د.أسامة الأزهرى أهمية خطبة الجمعة جيدا ودورها فى نشر الوعى الدينى الصحيح.. ويعلم الوزير – وهو خطيب مفوه – أهمية أن يكون الخطيب مثقفا وواعيا بأحوال المجتمع الذى يعيش فيه، قادرا على التعامل مع هموم ومشكلات الناس، لديه القدرة على التأثير فيهم عن قناعة، والانتقال بهم الى الأفضل.
لذلك أعتقد أن تطوير خطبة الجمعة والارتقاء بفكر وثقافة وأداء خطباء المساجد سيكون همً الوزير الأكبر خلال الشهور أو الأسابيع القادمة.. فقد بُذلت جهود من قبل لا ينكرها أحد.. ومطلوب خطط وأفكار جديدة للتطوير والتحديث والارتقاء بالأداء لتحقيق الأهداف الدينية والاجتماعية والانسانية لخطبة الجمعة؛ خاصة أن لدينا عددا هائلا من المساجد تؤدى فيها خطب الجمعة بالمدن والقري، ويجب أن يكون لهؤلاء الخطباء دور ورسالة واضحة فى الارتقاء بالوعى.
>>>
يعلم الوزير جيدا أن ضعف بعض خطباء المساجد جعل البعض لا يذهب للصلاة إلا قرب انتهاء الخطيب من الخطبة.. فضلا عن تملل كثير من المصلين من طول وقت الخطبة بلا مبرر، وتكرار الخطيب لكلام لا يفيد، ولا يسهم فى نشر وعى دينى صحيح، وليس له علاقة بالواقع من قريب أو بعيد، خاصة فى ظل تدفق معلومات وحقائق وآراء وفتاوى عصرية، من خلال وسائل أكثر سرعة وتأثيراً ومعايشة للمسلم، وملاحقة له في-كل مكان يتواجد فيه.. فضلا عن عدم إجادة كثير من الخطباء للغة العربية ووقوعهم فى أخطاء كثيرة ومتكررة.
لذلك ننتظر من الوزير الجديد اتخاذ الاجراءات الكفيلة بضبط أداء خطباء المساجد لكى تحقق الخطبة رسالتها فى حياتنا المعاصرة فهى وسيلة إعلامية دعوية كانت وستظل العمود الفقرى – للدعوة الإسلامية، ولكى يظل خطباء المساجد أداة الاتصال المباشر الأكثر فعالية فى نشر حقائق الإسلام، والتحاور مع الناس، والتعامل مع هموم ومشكلات المجتمع تعاملاً واقعيا يختلف من بلد إلى آخر، حيث يجب مراعاة ظروف كل بيئة ومشكلاتها فى خطبة الجمعة.
>>>
خطبة الجمعة مثلها مثل كل وسائل الدعوة، وأداء خطباء المساجد مثلهم مثل كل عناصر العمل والنشاط الدعوى يحتاجان إلى تطوير وتحديث وتجديد.. فرغم تعدد وتنوع الوسائل العصرية التى يمكن أن تكون أسرع أو أكثر انتشارا فى نقل حقائق الإسلام وتعاليمه وأخلاقياته وآدابه للناس؛ إلا أن خطبة الجمعة هى الخطاب الديني-المباشر الذى لا يمكن الاستغناء عنه أو التقليل من شأنه فى أى وقت ولا فى أى مكان، إلى جانب أنه جزء من شعيرة صلاة الجمعة لا يجوز التفريط فيه وإلا فقدت الصلاة أحد أركانها الأساسية.
لذلك ننتظر من د.الأزهرى إجراءات وخطوات عملية لتطوير وتجديد أداء خطباء المساجد وتأهيل من يصعد المنبر تأهيلا جيدا،وهذا يتطلب تعاونا وتنسيقا بين الوزارة وجامعة الأزهر باعتبارها التى تعد الدعاة قبل الانتقال للعمل فى الوزارة بحيث يتم انتقاء العناصر الموهوبة القادرة على مخاطبة الناس، وتقديم الحوافز الأدبية والمادية والثقافية لها لكى تلتحق بهذا العمل وتؤدى هذه الرسالة العظيمة وتوفير مقومات الحياة الكريمة لها، فالداعية المتميز ليس أقل من الطبيب أو المهندس أو أى صاحب وظيفة مرموقة.
خطيب المسجد المتميز ليس مجرد داعية أو واعظ دينى يخطب الجمعة ثم ينتهى دوره، بل هو مصلح اجتماعي، وموجه تربوي، ومعالج نفسي، فهو يؤدى أدوارا كثيرة بدأت مع إنشاء المساجد وانتشارها منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وتواصلت وتطورت حتى عصرنا هذا، ويجب إحياء هذا الدور لخطيب المسجد الذى كان فى نظر الناس بركة تمشى على الأرض وقدوة طيبة للآخرين فى كل شيء.
نحن فى أمس الحاجة الى تطوير أداء المسجد، وهذا يرتبط بمستوى من-يقومون بواجب الدعوة فيه، خاصة بعد أن تحولت معظم المساجد إلى مؤسسات دعوية واجتماعية وتربوية تفرض على الوزارة زيادة الاهتمام بمن يقومون بواجب الدعوة والتوجيه الدينى بها، خاصة فى هذا العصر الذي-تعددت فيه الشكوى من ضعف وتراجع مستوى خطباء المساجد ووعاظها.