اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بينت خطورة الفساد كظاهرة لها عظيم الأثر على كافة المجتمعات،حيث ورد بها خطورة ما يطرحه الفساد من مشاكل ومخاطر على الاستقرار وتعريض التنمية الأقتصادية المستدامة للخطر.
ويبدو أن دولة 30 يونيو قدرها ان تحارب على كل الجبهات فى وقت واحد، وكلما خاضت معركة تكتشف أن هناك معركة أخرى أكثر خطورة لا تحتمل التأجيل، فمن أزمة اقتصادية طاحنة بعد أحداث 2011 كادت تدفع بـها إلى حافة الإفلاس إلى حرب ضروس مع إرهاب جماعة لا تعرف من الإسلام إلا التجارة باسمه، مروراً بمعارك لا تعرف التراجع مع دول معادية لا تريد لمصر إلا كل شر وكل فوضي.. ومع انتصار الدولة بإرادة قيادة وصبر الشعب فى معاركها واحدة تلو الأخرى تظهر معارك جديدة مكتوب عليها أن تخوضها بنفس الإرادة ونفس الصبر، ومنها كسر شوكة الفساد الذى يمثل العدو الخفى للتنمية ولا يقل خطراً عن الإرهاب.
الفساد والأزمات وجهان لعملة واحدة والمعركة يجب ان تبدأ لأننا أصبحنا نعانى من أزمات مفتعلة ومتكررة، فما تكاد تنتهى أزمة الا وتظهر أزمة أخرى أكثر ضراوة وشراسة حتى أصبحنا نعيش زمن الأزمات المتلاحقة بفعل فاعل، وما أود الإشارة إليه ان وراء كل أزمة هناك فساد فعندما تظهر أزمة لسعر صرف الجنيه مثلاً تجد وراءها من يدبرها ويسعى لها عن طريق السوق السوداء، ومع ارتفاع أسعار السلع الغذائية تجد وراءها بعض التجار الجشعين الذين استغلوا مناخ السوق الحر فى زيادة الأسعار دون سقف ودون مراعاة لأى بعد اجتماعى أو اقتصادى وكل ما يهمهم هو انتفاخ جيوبهم بالمال الحرام، وعندما تظهر أزمة خبز»رغيف العيش» تجد نفس الجشع من بعض أصحاب المخابز الذين استولوا على الدقيق المدعم الذى تقدمه لهم الحكومة بأسعار مدعومة وباعوه لأصحاب المخابز الخاصة بأسعار أغلى ليتربحوا على حساب الغلابة ومحدودى الدخل، وكذلك عندما تظهر أزمة بوتاجاز وبنفس الطريقة تجد مجموعة من أصحاب المستودعات تحتكر التوزيع مع مجموعة من السريحة ليرتفع سعر الأنبوبة بقدرة قادر فى مناطق كثيرة إلى أرقام فلكية تفوق طاقة الموطنين محدودى الدخل.. وهذا على سبيل الأمثلة لا الحصر.
أما المواطن فى كل الأحوال فهو لا حول له ولا قوة ماشى على الرصيف وحتى الرصيف لم يجد فيه مكاناً بعد أن أصبحت معظم شوارع المحروسة فى مناطق كثيرة ملك لأصحاب المقاهى والباعة الجائلين الذين يمارسون أسوأ صور للفساد واهدار المال العام متمثلة فى سرقة التيار الكهربائى من أعمدة الإنارة بالشوارع حتى الصباح فى غياب تام لرقابة الأجهزة المحلية تاركين المواطنين يعانون حتى من المرور بالشارع فى مثال صارخ على استفادة الفاسدون من ثروات وفرص الدولة بينما يُعانى الفقراء والمستضعفون أكثر.
كلمة فاصلة:
ببساطة.. التحدى الكبير للحكومة الجديدة فى مكافحة سرطان الفساد لم يعد من قبيل الرفاهية بل أصبح أمرا حتميا وأنيا، والقضاء عليه والحد منه لم يعد التزاما على الحكومة فقط، بل أصبح التزاما على الجميع من أجل الحفاظ على الطفرة التى تحققت فى التنمية الاقتصادية ومكتسبات حقوق الإنسان وتعزيز سيادة القانون وبناء مجتمع يتمتع بالعدل والازدهار.