أيام وتحل الذكرى الـ 27 لثورة يوليو.. فهل تعرف أجيالنا الجديدة حقيقة ثورة يوليو.. وهل يعرف شبابنا ماذا تبقى من هذه الثورة؟ قامت الثورة رافعة ستة مبادئ رئيسية وهى القضاء على الاستعمار وأعوانه والقضاء على الملكية والقضاء على الاقطاع والرأسمالية المحتكرة وإقامة جيش وطنى قوى وإقامة عدالة اجتماعية وإقامة حياة ديمقراطية سليمة.. !!
وواضح من هذه المبادئ كيف كانت مصر قبل الثورة؟ كان هناك استعمار بريطانى يمثل احتلالا صارخا فى كل أركان الحياة المصرية منذ عام 2881 ومحاولات مصرية عديدة للاســـتقلال.. ونجحــت ثـــورة يوليو فى إعلان الاستقلال وتحقيق الجلاء عن مصر فى 81يونيو 6591 ولم يكن استقلال مصر وحدها هو أبرز نتائج ثورة يوليو.. بل امتدت حركات التحرر الوطنى انطلاقا من ثورة يوليو إلى معظم الدول العربية والافريقية بل والآسيوية وكانت ثورة يوليو هى تميمة الاستقلال الوطنى فى معظم الدول المحتلة وقادت مصر حركات التحرر الوطنى فى العالم كله حتى وصلت إلى أمريكا الجنوبية..
ونجحت الثورة فى القضاء على الملكية وأجبرت الملك فاروق على الرحيل إلى إيطاليا بعد أيام من قيامها بعد أن تنازل عن العرش لابنه ولى العهد الأمير أحمد فؤاد وتم تعيين وصاية على العرش حتى 81 يونيو 3591 عندما تم إلغاء الملكية فى مصر وإعلان الجمهورية.
وقضت ثورة يوليو على الأقطاع ووزعت الأرض على الفلاحين المصريين وأصبح لكل فلاح فقير معدم خمسة أفدنة وكان الاهتمام بالزراعة وأنشأت جمعيات للإصلاح الزراعى لتسليم الأراضى إلى الفلاحين بخلاف جمعيات زراعية فى كل قرية للإرشاد وتنظيم الزراعة واحتياجات مصر الزراعية رفضت على الرأسمالية الاحتكار وأنشأت المصانع المختلفة والكبيرة فى كل مجالات الصناعة حتى أن مصر صدرت منتجات صناعية إلى أفريقيا والوطن العربى ببساطة شديدة قامت الثورة بتأمين الصناعة والتجارة التى استأثر بها الأجانب فى ذلك الوقت وحققت العدالة الاجتماعية بصورة كبيرة من خلال عدة قرارات مثل مجانية التعليم وإنشاء مراكز للبحث العلمى وتطوير التعليم العالى حتى أصبح ابن الفلاح وابن الفقير ضابطا وقاضيا وأستاذا بل وسفيرا ووزيرا.
وفى تقرير لوكالة أنباء الشرق الأوسط منذ أكثر من عامين قالت إن هذه الفترة الأساسية من تاريخ مصر الحديث مازالت مادة أساسية من تاريخ العرب.
لا يعرف الكثيرون أن الضباط الأحرار الذين قاموا بثورة يوليو «مجلس قيادة الثورة» كان يرأسهم اللواء محمد نجيب وضم التشكيل الذى سمى الضباط الأحرار كلاً من جمال عبدالناصر «الزعيم الحقيقى للثورة» وأنور السادات وعبدالحكيم عامر ويوسف صديق وحسين الشافعى وصلاح سالم وجمال سالم وخالد محيى الدين وزكريا محيى الدين وكمال الدين حسين وعبداللطيف البغدادى وعبدالمنعم أمين وحسن إبراهيم.
ونجح الضباط الأحرار فى مبدأهم الخاص بالجيش الوطنى القوى حتى أصبح جيش مصر درعاً وأمناً لبلده لأن الجيش من الشعب والشعب هو هدف الثورة.. لذلك كانت ثورة يوليو ثورة جيش حماها ودعمها وأيدها الشعب.
كثير من شبابنا لا يعرف أن ثورة يوليو فى بدايتها واجهت أخطارا عديدة ومؤامرات من الخارج والداخل لكنها نجحت بفضل تأييد الشعب لأن الثورة قامت من أجله وكان عبدالناصر فى نظر الجماهير هو زعيم الغلابة ونصير الفقراء ونجح فى إلغاء الطبقية وتكسير الحواجز بين الطبقات تدريجيا حتى أصبح الشعب المصرى شعباً واحداً ولذلك حظيت هذه الثورة بتأييد شعبى كبير.. وعلى المستوى العربى حظيت بحب الجماهير العربية التى آمنت بمبدأ القومية العربية كما كان لمصر الثورة دور أساسى وكبير فى تأسيس جماعة دول عدم الانحياز ولعل من أهم مميزات ثورة يوليو أنها كانت ثورة بيضاء لم نرى فيها نقطة دم واحدة وأنها حظيت بدعم الشعب كما أنها حققت ثورة فى كل مجالات الحياة خاصة المرتبطة بالجماهير فحققت نهضة تعليمية وعلمية وصحية وأدبية وفنية بل ورياضية.
وكأى ثورة أو حركة كبيرة لابد أن يكون لها سلبيات لذلك كانت هناك مراجعات لبعض الأخطاء خاصة بعد نكسة 7691 الذى حدد طرقا متوازية لمواجهة الخلل والأخطاء الكبيرة التى حدثت.
نعود للسؤال الذى بدأنا به وهو: ماذا تبقى من ثورة يوليو؟ ولكى نجيب على هذا السؤال لابد أن نضع فى حساباتنا التغييرات العديدة التى حدثت فى عالمنا دولياً وإقليمياً ومحلياً والحروب والضغوط والأزمات التى عشناها..و بعد أترك لكل قارئ أن يجيب بنفسه عن هذا السؤال.. وكل عام وأنتم بخير.