فانس.. كاميلا
فاجأ الرئيس الأمريكى السابق والمرشح الجمهورى الحالى دونالد ترامب الكثيرين باختيار عضو الكونجرس جى دى فانس نائباً له فى حال فوزه بالانتخابات الرئاسية المقررة فى شهر نوفمبر المقبل. وعلى الفور دارت المقارنات بين السيناتور الشاب (39 عاماً) ونائبة الرئيس الحالية كاميلا هاريس المخضرمة (60 عاماً)، وتساءل الكثيرون عن شكل المناظرة التى ستجمع المتنافسين الشرسين.
فى البداية يجمع المرشحان على منصب نائب الرئيس الأمريكى بعض القواسم المشترك. أولًا، درس كل من كامالا هاريس وجى دى فانس القانون قبل التحاقهما بالعمل السياسي. فهاريس تخرجت فى كلية هيستينجز للقانون جامعة كاليفورنيا. بدأت حياتها المهنية فى مكتب المدعى العام لمقاطعة ألاميدا، وذلك قبل تعيينها فى مكتب المدعى العام لمقاطعة سان فرانسيسكو، وبعد ذلك فى مكتب المدعى العام لمدينة سان فرانسيسكو التى انتُخبت فى عام 2003 مدعية عامة لها. كما انتُخبت لمنصب المدعى العام لولاية كاليفورنيا فى عام 2010 وأُعيد انتخابها فى عام 2014. أما جى دى فانس فحصل أولاً على درجة البكالوريوس فى العلوم السياسية والفلسفة من جامعة ولاية أوهايو عام 2009، ثم حصل على درجة الدكتوراه من كلية الحقوق بجامعة ييل العريقة عام 2013.
كما جاء كلا المرشحين من مجلس الشيوخ حيث انتُخبت كامالا هاريس عن ولاية كاليفورنيا فى عام 2017 لتصبح أول أمريكية من جنوب أسيا (والدتها تاميلية هندية) تشغل عضوية المجلس. أما فانس فقد فاز فى الانتخابات التمهيدية لمجلس الشيوخ فى ولاية أوهايو عام 2022، واستمر بالفوز فى الانتخابات العامة، متغلباً على الديمقراطى من ولاية أوهايو تيم رايان.
كلاهما أيضا وجّه هجمات شرسة إلى الرئيس الذى يترشح نائباً له ليعود ويعدل عنها ويقدم له التأييد المطلق. فهاريس انتقدت بايدن بشدة فى مناظرة شهيرة عام 2019 عندما كانت تحاول الفوز بترشيح الحزب الديمقراطى فى انتخابات الرئاسة عام 2020. هاريس هاجمت بايدن آنذاك على خلفية موقفه من قضية العرق بعدما تباهى بقدرته على العمل مع سيناتور من المؤمنين بتفوق العرق الأبيض فى سبعينيات القرن الماضى كما أثنى على علاقة التعاون التى جمعته مع اثنين من أعضاء مجلس الشيوخ المؤيدين للفصل العنصرى ومعارضة الاندماج بين الأعراق. هاريس وصفت تلك التصريحات بالمؤذية. المرشحة الرئاسية آنذاك عادت وأعلنت دعمها لجو بايدن بعدما انحصرت المنافسة بينه وبين عضو مجلس الشيوخ بيرنى ساندرز، ثم قبلت مرافقته على بطاقة الحزب الديمقراطى فى انتخابات 2020.
أما دى فانس فكان ناقداً لاذعاً لترامب، وسبق أن وصفه بأنه «مقيت»، واعتبره «هيروينا ثقافيا»، بل أنه وصف الرئيس الأمريكى السابق فى رسالة خاصة على فيسبوك بأنه «هتلر أمريكا». وبحلول فبراير 2018، بدأ فانس فى تغيير رأيه، قائلا إن ترامب «هو واحد من القادة السياسيين القلائل فى أمريكا الذين يدركون الإحباط الموجود فى أجزاء كبيرة من أوهايو، بنسلفانيا، شرق كنتاكي». بعد ذلك حصل على دعم ترامب فى انتخابات مجلس الشيوخ عام 2022 بـ»تبنيه الكامل لسياسته، ومزاعمه بشأن سرقة الانتخابات الرئاسية». وفى النهاية اختاره ترامب رفيقاً له على بطاقة ترشيح الحزب الجمهورى وقال عنه إنه «الشخص الأنسب لتولى منصب نائب رئيس الولايات المتحدة».
من ناحية أخري، يفترق المرشحان افتراقاً تاماً فى الأفكار السياسية والاقتصادية والاجتماعية التى يتبنياها فى حكم البلاد. فكامالا هاريس ترى أن تحالفات أمريكا وشراكاتها ذات أهمية جوهرية فى حل المشاكل العالمية مثل تغير المناخ. كما أنها تركز على استعادة القوة الاقتصادية لأمريكا وتخفيف وطأة التوترات الاجتماعية فى داخلها حتى تستطيع أن تقدم البلاد واجهة أقوى وأكثر اتحادًا على الصعيد الخارجي. على صعيد حرب غزة، تكرر هاريس موقف الإدارة الأمريكية بأحقية إسرائيل فى الدفاع عن نفسها. لكنها فى مارس الماضى كانت أول مسئول كبير فى هذه الإدارة يدعو إلى «وقف إطلاق نار فوري» فى هذا الصراع. وسرعان ما تبنى جو بايدن المصطلح ورفع نبرة انتقاده لإسرائيل رغم أنه لم يتوقف عن إمدادها بالسلاح.
أما فانس فيُعد جزءا من مجموعة تضم حوالى 10 من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين حاولوا دفع المجلس نحو إيديولوجية (ماجا) الخاصة بترامب، لاسيما وجهات نظره الانعزالية بشأن السياسة الخارجية، حيث صارع دى فانس لمنع حزمة مساعدات خارجية إلى أوكرانيا بقيمة 61 مليار دولار. مع ذلك، قاد فانس مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ لاقتراح تشريع يجيز إرسال الأموال إلى إسرائيل فقط، دون أوكرانيا، مشددا على ضرورة تمكينها من القضاء على حماس.
فهل يسهم كامالا ودى فانس فى تعظيم قدرة بايدن وترامب على حشد الأصوات المترددة فى دعمها أم ينقلب السحر على الساحر ويكون الاختيار وبالاً على الرئيس الحالى والسابق فى مسعيهما للفوز بالبيت الأبيض؟