انتظرنا بشغف كبير الاعلان عن أسماء الوزراء فى الحكومة الجديدة .. كل واحد منا كان له اهتمام خاص بمعرفة اسم من سيتولى وزارة معينة .. كل حسب اهتماماته .. أنا شخصيا كنت مهتما بمعرفة اسم من سيتولى وزارتى الصحة والتعليم .. فى اعتقادى أنهما من أهم وأحرج الوزارات تأثيرا فى المواطن والوطن على المدى القريب والبعيد .. التربية والتعليم فى بلدنا ليست بعافية .. والتقديرات الدولية لمستواها مفزع .. المشاكل كثيرة ومتشعبة ومتداخلة ومتراكمة .. وأعتقد أن عدم المقدرة على توفير نوعية جيدة وفاعلة للتعليم الحكومية هى السبب فى ظهور السلبيات المجتمعية والحضارية بين فئات من الشباب .. فأصبح نشازا فى منظومة التميز الابداعى التى دائما ما كنا نفتخر بها بين الدول ..
ولقد كان من الواضح أن المنظومة التعليمية فى البلد فى احتياج شديد الى تغيير شامل.. كل ماهو قائم لايصلح ولاينفع معه التطوير أو التحسين .. لابد من مفاهيم متطورة ورؤية ايجابية واعية ومنطقية .. هذه المهمة تحتاج الى «الشاطر حسن» ولا يصلح لها من كان طرفا فى المنظومة التى لم تحقق أى نجاح ما .. ومن أجل ذلك .. كان لابد من التفكير فى اختيار من عاش وتعايش مع مجتمعات أكثر انفتاحا وأكثر تطورا وأكثر نجاحا .. شخص يعلم تماما ما هو النجاح وما هو التميز وله خبرة فى تحقيقه .. شخص عاصر ما انتهت اليه المنظومة التعليمية المتطورة فى الدول التى تميزت وأبدعت فى تربية أولادها وتعليمهم .. ولمس بنفسه المفهوم المتحضر للخدمات الجماهيرية والتعاملات المجتمعية الراقية .. وكان لابد أيضا من أن يتم اختيار من له خبرة فى ادارة مؤسسات وطنية تعليمية متطورة والتى تقدم نموذجا رائعا من التربية والتعليم .. وفى اعتقادى أن هذه المواصفات هى بالفعل ما نحتاجه فى هذه المرحلة .. والتى يجب أن تكون حاسمة من أجل التطوير الشامل للمنظومة التعليمية العليلة فى البلد ..
أما عن قائمة المتطلبات لتطوير التعليم فهى طويلة ومتعددة .. أرجو أن تنتهى كلمة الثانوية العامة من حياتنا .. خلاص أصبحنا لا نطيق أن نسمع هذه الكلمة .. نرجو ان تكون هناك مناهج جديدة متطورة وبمسميات جديدة .. هناك نماذج عالمية رائعة لهذه المناهج .. موجودة وجاهزة .. دعونا نفعل كما فعلت أمريكا حينما وجدت أن منهج الرياضيات فى سنغافورة هى الأكثر تقدما على مستوى العالم لعدة سنوات .. أخذته كما هو وعلمته فى مدارسها تحت مسمى رياضيات سنغافورة .. وهكذا فعلت الكثير من الدول مع المناهج من فنلندا وبريطانيا .. الأمر لا يحتمل أيها السادة ان ننتظر عشر سنوات أخرى لتطوير منهج المدارس الاعدادية وفى نهاية الأمر نرى أن التطوير لم يأت بأى شيء جديد ..
ورجاء الى وزير التربية والتعليم الجديد .. المناهج الدراسية فى كل العالم تحتوى على منهج للتثقيف الصحى يدرس من السنة الأولى الابتدائية الى نهاية المرحلة الثانوية .. يوفر المعلومات عن تكوين الجسم وكيف تعمل اجهزة الجسم واسباب المرض وكيف نمنع المرض ونحمى أنفسنا من المخاطر والأمراض .. كيف نعيش صح وكيف نأكل صح .. ولعلنا نتذكر الدرس الذى تعلمناه أيام الكورونا بأن غسيل الأيدى كان هو الوسيلة الأكثر فاعلية للحماية من الاصابة بالفيروس .. ويجب أن يتيح منهج التثقيف الصحى مساحة واسعة للاستماع الى تساؤلات الطلبة والطالبات وهى كثيرة جدا وتتعلق بأمور تشغل بال الطلبة فى كافة المراحل التعليمية .. ويجب أن نجيب عليها نحن بدلا من أن يقوموا بمعرفة الاجابة عليها من الأصدقاء أو الأنترنت .. أعتقد أن هذا المنهج أهم كثيرا من اللوغاريتمات أو فيثاغورث وبالقطع أهم من اللغة الأجنبية الثانية والتى لم يستفد منها طالب واحد فى اى يوم من الأيام..
تمنياتنا بالتوفيق لوزير التربية والتعليم الجديد .. وأعانك الله على مهمتك الجسيمة .. وسخر لك من يعاونك على الانجاز والتطوير .