شهدت الأيام الأخيرة تزايداً فى الدعوات من جهات مؤثرة فى صفوف الحزب الديمقراطى المنتمى إليه الرئيس الأمريكى جو بايدن التى تطالب بالدفع بمرشح آخر، قادر بالفعل على هزيمة منافسه دونالد ترامب.
وعلى الرغم من فشل بايدن فى كبح جماح هذه المطالب بانسحابه من السباق الرئاسي، إلا أنه مازال يتمتع بدعم النخبة السياسية داخل الحزب، حيث يعول كثيرون من مؤيديه على مشاركته الأخيرة فى قمة «الناتو» وعدد من الفعاليات العامة القادمة التى من الممكن أن تمحو الآثار السيئة لمناظرته الكارثية مع ترامب.
حتى الآن، دعا أكثر من عشرة أعضاء ديمقراطيين فى مجلس النواب وعضو ديمقراطى واحد فى مجلس الشيوخ الرئيس الأمريكى الحالى إلى ضرورة تراجعه عن الترشح للانتخابات، حيث قالت مصادر متعددة لشبكة «سى بى إس نيوز» إن القيادة الديمقراطية فى مجلس النواب أبلغت الأعضاء بأنه يجب عليهم التعبير عن آرائهم.
يأتى ذلك فيما لايزال العرض مستمراً لزلّات لسان بايدن البالغ من العمر 81 عاماً، التى بدأت خلال الأشهر الأولى مع توليه الرئاسة، فخلال اجتماع ثنائى مع الرئيس الأوكرانى أعقب القمة الأخيرة حلف شمال الأطلسى (الناتو)، أشار بايدن عن طريق الخطأ إلى فولوديمير زيلينسكى على أنه الرئيس الروسى فلاديمير بوتين قبل أن يصحح نفسه، كما وقع أيضاً فى خطأ آخر، عندما خلط بين نائبته كامالا هاريس، ومنافسه فى الانتخابات الرئاسية دونالد ترامب.
رأى بايدن أن قمة الناتو فرصة جيدة لطمأنة الحلفاء الذين ظلوا قلقين لمدة أسبوعين بشأن قدراته بعد أول أداء له فى المناظرة التى جمعته بمنافسه ترامب.
وفى أدائه خلال فعاليات مؤتمر الناتو، قدّم البيت الأبيض وحملة بايدن تقييماً إيجابياً حول ذلك، مشيرين إلى نجاحه فى الاجابة على العديد من الأسئلة حول مجموعة من قضايا السياسة الداخلية والخارجية.
ونقلت شبكة شبكة سى إن إن الأمريكية عن أحد كبار المسؤولين فى البيت الأبيض قوله إن بايدن «أظهر قيادة قوية فى كل من المواضيع الداخلية والخارجية.
كما أبدى أحد مسئولى حملة الرئيس الأمريكى أسفه، بشأن عدم ظهور هذه النسخة منه» فى المناظرة التى جرت يونيو الماضى أمام ترامب، مؤكداً أن بايدن ناقش، خلال المؤتمر الصحفي، القضايا ذات التأثير المعقد على السياسة الخارجية بمهارة.
وكان الأداء الكارثى الذى قدمه بايدن خلال المناظرة الرئاسية الأولى أمام ترامب، من وجهة نظر مناصريه فى مطلع يونيو الماضي، قد أثار شكوكاً كبيرة حول قدرة الرئيس الأمريكى على استكمال سباق الانتخابات.
الجدير بالذكر أن عقب قمة حلف شمال الأطلسى فى واشنطن، شدّد بايدن على «أهمية تهدئة المخاوف» المتعلقة بترشحه للرئاسة، فى وقت يحتدم فيه الجدل بشأن حالته الصحية التى تشكك فى عدم قدرته على قيادة الدولة العظمى لمدة أربع سنوات مقبله، وذلك وسط تأكيدات من بايدن على تصميمه على الترشح فى الانتخابات، بحسب ما ذكرته بلومبرج.
فى المقابل، تتزايد المطالبات من الديمقراطيين بانسحاب بايدن من السباق الرئاسي، وسط تأكيدات عدد من المصادر الديمقراطية لشبكة «سى بى إس نيوز» الاخبارية بأنهم يتوقعون أن يصدر العشرات من المشرعين الديمقراطيين خلال الـ48 ساعة القادمة بيانات تطالب بايدن بالانسحاب من السباق الرئاسي، حيث كشفت المصادر أن هناك تخطيطا منسقا، وأن هناك بعض البيانات المكتوبة مسبقا بالفعل.
ووفقا لموقع أكسيوس، قال المشرعون الديمقراطيون، بالرغم من أداء بايدن كان أفضل من المناظرة، لكنه ما زال غير كاف للتعافي، مشيرين إلى أن بايدن كان متماسكا لكن «الزلات التى ارتكبها» تطغى على كامل الأداء.
وأشار أكسيوس إلى أن «الشبكة المناهضة لبايدن» تتسع يومًا بعد يوم حيث تنتشراستطلاعات الرأى التى تظهر أن الديمقراطيين سينتقلون من الخاسرين إلى الفائزين الكبار فى حالة الدفع بمرشح جديد.
وعلى صعيد جبهة المؤيدين، يعتبر النجم جورج كلوني، الذى ترأس أكبر حملة لجمع التبرعات فى تاريخ الحزب الديمقراطى الشهر الماضي، من الأصوات الرائدة لعدد متزايد من نجوم هوليوود الذين يريدون من بايدن إنهاء ترشيحه.
وتضم هذه الجبهة أيضاً ريد هاستينجز، المؤسس المشارك لمنصة نتفليكس و آرى إيمانويل، الرئيس التنفيذى لشركة «إنديفور»، بالاضافة إلى عدد من الليبراليين، مثل ستيفن كولبيرت، الذى أدار حملة جمع تبرعات كبيرة لبايدن فى مارس الماضي، حيث يضغط بقوة على بايدن لكى يتنحى جانبًا، وهناك أيضا جون ستيوارت الذى قام بتصعيد مناشداته من أجل اختيار مرشح آخر غير بايدن.
إلى جانب هؤلاء، يوجد أيضاً كتاب رأى فى صحيفة نيويورك تايمز، مثل توماس فريدمان ونيك كريستوف، الذين يقولون فى مقالاتهم إن بايدن يجب أن يرحل.
فى الوقت نفسه، تتحدث بعض الوسائل الاعلامية الأمريكية، عن نقاش دار على انفراد بين الرئيس الأميركى الأسبق باراك أوباما، ورئيسة الكونجرس السابقة نانسى بيلوسي، بشأن مستقبل بايدن وحملته الانتخابية لعام 2024، حيث أعرب كلاً منهما عن مخاوفهما بشأن مدى صعوبة التغلب على ترامب، دون تحديد ما يجب فعله.
وتحدثت شبكة «سى إن إن» مع أكثر من 12 عضوا فى الكونجرس والعديد من الأشخاص على اتصال بكل من أوباما وبيلوسي، حيث قال الكثير منهم إن نهاية ترشيح بايدن واضحة، لكنها تتوقف على مسألة كيفية حدوثها.
وقال أحد الديمقراطيين المقربين من أوباما وبيلوسى بإنهم يراقبون وينتظرون توصل الرئيس بايدن إلى قرار الانسحاب بمفرده.
تكهنت بعض المصادر أنه فى حالة تنحى بايدن جانبًا، فإن نائبة الرئيس كامالا هاريس ستنتقل فى النهاية إلى أعلى القائمة وتحصل على دعم صندوق الحزب البالغ 240 مليون دولار، فى حين يرى آخرون أنه يجب نسيان دعم بايدن ونائبتة هاريس، وضرورة العثور على شخصين مؤثرين يستطيعون الفوز بولايات ويسكونسن وميشيغان وبنسلفانيا التى تعد معضلة بالنسبة للديمقراطيين.
فى الوقت الحالي، لا شيء مؤكد يمكن التكهن به فى المرحلة الحالية سوى أن الأيام القادمة من الممكن أن تشهد تغيراً فى خريطة المرشحين للحزب الديمقراطى لهذا السباق الرئاسى الذى سيجرى فى نوفمبر القادم.