وهل نعرف قصة فرقة العمال المصرية التى شاركت فى الحرب العالمية الأولى وسافر جنودها إلى فرنسا واليونان، ولم يعد أغلبهم إلى الوطن، انها قصة مهمة قدمها لنا مساء الجمعة الماضية برنامج «معكم» ومقدمته منى الشاذلى على شاشة تليفزيون «أون» فى حلقة شديدة الأهمية والخصوصية أيضاً، فمن يفتقد معرفة تاريخه يفقد الكثير من معرفة حاضره، وفى تاريخ الحرب العالمية الأولى «1914-1918» كانت جيوش دول المحور تحارب جيوش دول اخرى فى اكبر حرب عرفها العالم وهو ما دفع الدول الأقوي، المستعمرة، ان تأخذ جيوشا إضافية من مستعمراتها، وهو ما حدث معنا فى مصر، اما التفاصيل. فقد أوردها كتاب لمؤرخ إنجليزى هو «كايل چون آندرسون» كان وجوده مفاجأة هذه الحلقة من «معكم» فى الاستديو، ومعه مراجع الترجمة والمترجم الدكتور شكرى مجاهد، «ترجم الكتاب للعربية الاستاذ احمد جلال» لتتوالى المعلومات عن هؤلاء المصريين الذين لا نعرفهم، وحتى «جوجل « يجهلهم.
ثلاثة جنيهات كاملة
قال جون آندرسون إن ما دفعه لتقديم هذا الكتاب عن «فرقة العمال المصريين» الذين حاربوا مع الإنجليز فى هذا الزمن هو دهشته وافتقاده لمعلومات كثيرة عنهم ضمن عمله كمؤرخ، وبالتالى ذهب إلى أرشيف العاصمة البريطانية لندن، وبالفعل، وبعد جهد وجد وثائق عن العمال المصريين بالاسم الرسمى لهم «فرقة العمال المصريين»، ومنها جريدة «اللطائف» المصرية والتى ذكرت ان «ربع مليون من المصريين يشدون أزر الحلفاء فى هذه الحرب»، كما وجد صوراً لبعضهم فى بعض الأماكن، وصوراً وهم يكافحون داء الملاريا الذى ظهر عام 1917، ومن بين المعلومات أيضاً أن هذه الفرقة المصرية كان راتب كل. فرد فيها ثلاثة قروش كاملة بدا انها لم تكن تكفى فى اوقات كثيرة عانى فيها أفرادها من أوضاع كثيرة فى بلاد غريبة لا يعرفون لغتها ولا تقاليدها، ومن خلال الحوار مع المؤلف الإنجليزى والمراجع المصرى استطاعت مقدمة البرنامج تقديم معلومات إضافية، مختلفة حول ربع مليون مصرى حاربوا بلا سبب إلا جبروت الاستعمار منها اكتشاف رسائل كتبها ضباط إنجليز ممن حارب المصريون معهم عن هؤلاء المحاربين، وهو ما وجده المؤلف ضمن وثائق «المكتب الفيدرالى للحرب». فى لندن وهو مكان مخصص لوثائق الحروب فقط، وبالطبع فقد وجد المؤلف ما يؤكد ان اغلب هذه الفرقة المصرية توفى أثناء الحرب وبعدها بينما يؤكد موقع «جوجل»ان القوات المصرية قاتلت فى أربع دول هى بلچيكا وفرنسا وإيطاليا واليونان، وان شهداءها دفنوا بمقابر الكومنولث بأوروبا، وأنها كانت سبباً رئيسياً فى انتصار الحلفاء ومنح العديد منهم أوسمة، والسؤال الان هو، أين نحن من هذا التاريخ؟ خاصة أن لدينا قصة أخرى شديدة الاهمية عن حفر قناة السويس وذهاب المصريين «20 ألفاً» لحفرها قهرا عام 1857 فى عهد الخديو إسماعيل الذى منح الفرنسى فرديناند ديلسبس حق إنشاء شركة لشق القناة، إن قصصاً حقيقية لابد وان تجد لها مكاناً فى مناهجنا الدراسية لتعرف الأجيال الجديدة تاريخها وتاريخ العالم، وأيضاً، فإن هذه الحلقة من البرنامج تعيدنا إلى اهمية وقيمة التليفزيون كجهاز للمعرفة والمعلومات وليس فقط للاخبار والدراما، وقد قدم برنامج «معكم» قبلها العديد من الحلقات المهمة عن أحداث الساعة منها حلقته الشهيرة عن فريق فيلم «رفعت عينى للسما» الذى فاز بجائزة مهرجان كان الذهبية، ولكن برنامج واحد لا يكفى بلداً مثل مصر، ومن هنا فإن على المسئولين عن قنوات التليفزيون فى ماسبيرو وفى شبكات الحياة والسى بى سى والدى أم سى والقاهرة والناس والنهار وغيرها مواصلة هذه النوعية من أفكار لبرامج تحيى ذاكرة المشاهد وتضيف اليه ما يدفعه إلى البحث عن كل ما يخص بلده من احداث وأفكار وثقافة وقيم، ،وبالطبع توجد عدد من البرامج المهمة الان مثل «حديث العرب من مصر» ومثل «المساء مع قصواء» و«كلمة أخيرة» و«مساء د.م.س» و«العباقرة» إلا انها لا تكفى.