«خريطة القوة».. الحاكمة والممسكة بزمام الأمور ومجريات الأحداث على امتداد «الكرة الأرضية»منذ انتهاء «الحرب العالمية الثانية» ..هذه الخريطة بدأت فى «دورتها الجديدة» التى تفرضها «سنن الكون» وحكمة صاحب الملك والملكوت..جل فى علاه.. «وتلك الأيام نداولها بين الناس».. فمثلما تغيرت وتبدلت مواقع القوى والإمبراطوريات القديمة وورثتهما وحلت محلها قوى وإمبراطوريات جديدة..ها نحن نرى هذه «الدورة الكونية التاريخية» تبدأ خطواتها «الملموسة» فى «عالم اليوم» بشكل واضح وصريح ..لكل من يتأمل ويدقق ويجيد قراءة مايدور فوق وخلف «مسرح الأحداث».
خريطة أو معادلة القوة «المعتمدة» فى العالم والتى رسمت معالمها وتفاعلاتها «نتيجة الحرب العالمية الثانية» منذ مايقرب من تسعة وسبعين عاماً ..هذه الخريطة أو «المعادلة» نراها «الآن»بدأت رحلة «الأفول والظهور».. أفول «قوة» أو مجموعة قوى ..وظهور «قوة أخرى»أو مجموعة قوى جديدة أو «بديلة».. صحيح أن «رحلة الأفول مازالت» فى مراحلها الأولى لكنها «بدأت» وهذا فى حد ذاته كفيل بإحداث تغييرات كبرى فى طريقة التعامل مع كثير من القضايا والنزاعات «الملتهبة» فى مناطق عدة من العالم.
الذى يتأمل «المشهد»جيدا يستطيع أن يرى كيف أن «الأرض» أخذت تتآكل سريعا من تحت أقدام اسرائيل..إسرائيل و«حماتها ورعاتها».. كل يوم يمر منذ بدء «حرب إبادة غزة» تبعث «الأحداث» هنا وهناك برسائل «عاصفة»تؤكد استمرار «تل أبيب» والقوى الداعمة والراعية لها فى فقدان «مكونات ودعائم حيوية» شكلت على مدى أكثر من خمسة وسبعين عاما «هى عمر دولة الاحتلال» مصدرا وركيزة أساسية من مصادر وركائز «قوة إسرائيل».. إسرائيل وحلفاؤها صاروا يخسرون «كل يوم»المزيد من «الأرض الداعمة»..يحدث ذلك «الآن» فى أوروبا ..أمريكا.. آسيا.. وأفريقيا .. وهذه «الخسارة» بالطبع تصب فى صالح «الحق الفلسطينى» والقضايا العربية بشكل عام.
بعد ستة وستين عاما من قيام فرنسا بتقديم «دعم وجودى» لإسرائيل عن طريق مساعدتها فى بناء «مفاعل ديمونة النووى» الشهير.. من أجل امتلاك «السلاح الذرى».. ها نحن فى «عالم اليوم».. عالم مابعد الحرب على غزة.. نرى فرنسا بعد «زلزال» نتائج الانتخابات التشريعية التى تم الإعلان عنها قبل أيام بفوز «اليسار» على اليمين المتطرف ..نرى فرنسا على لسان «قادتها الجدد» تعلن أنها ستعترف بالدولة الفلسطينية خلال خمسة عشر يوما ..حدث ذلك وفى خلفية مشهد الاحتفالات بالفوز المفاجىء فى قلب العاصمة باريس شاهد الجميع «العلم الفلسطينى» يرفرف عاليا وآلاف المحتشدين «الفرنسيين» يهتفون «الحرية لفلسطين».
حلفاء إسرائيل وداعموها ..يتناقصون الآن فى جميع أنحاء العالم ..وربما يكون ذلك أحد الأسباب المهمة التى جعلت مؤرخين وسياسيين ورجال دين ومسئولى أجهزة مخابرات ومعلومات «إسرائيليين» يكون شغلهم الشاغل منذ «التداعيات الكارثية» التى أفرزتها الحرب على غزة «داخل إسرائيل»..يكون شغل هؤلاء الشاغل هو التحذير من «بداية نهاية إسرائيل».. نعم إن «دولة الاحتلال» بجانب الفشل العسكري المتتالي الذى يلحق بها وبجيشها كل يوم فى «ساحات المعارك» كذلك الصفعات الدولية والأممية التى تلقتها ومازالت تتلقاها ..بجانب كل ذلك هناك حالة من «التصدع الداخلى» لاتخطئها عين ..هذه الحالة باتت محل رصد واهتمام و»خوف»القائمين على «الشأن الصهيونى» داخل إسرائيل وخارجها.
«المستوطنون» ومايقومون به هذه الأيام من جرائم منظمة ضد «الشعب الفلسطينى» من قتل كل من يصلون إليه فى كثير من القرى والبلدات الفلسطينية وإحراق المزارع والمنازل وكل شىء يرتبط بفلسطين والفلسطينيين ..بالإضافة إلى جرائمهم المتعلقة باقتحام المسجد الأقصى المبارك..أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين ومسرى حبيبنا وسيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.. هؤلاء «المستوطنون» وما يقومون به صاروا قنبلة موقوتة «فى وجه إسرائيل» كما يقول كثير من «الإسرائيليين أنفسهم ..إنهم يعجلون بانهيار وزوال»إسرائيل».
داخليا وخارجيا ..إقليميا ودوليا.. «إسرائيل» وحماتها ورعاتها بدأوا «رحلة الأفول».. فى حين هناك قوى أخرى مثل روسيا والصين وكوريا الشمالية وغيرها خطوا خطوات واسعة فى «رحلة الظهور» ..تلك الرحلة التى ستغير معالم ومعادلات «خريطة القوة» التى قادت العالم منذ انتهاء «الحرب العالمية الثانية».. ما يجرى فى أوروبا وأمريكا الجنوبية وأفريقيا وآسيا يؤكد ذلك لكن الشىء اللافت هنا أن الولايات المتحدة الأمريكية لأنها تدرك الحقيقة التاريخية لواقع «دورة القوة» كما أنها تدرك الخسارة الإستراتيجية «والوجودية» التى لحقت بإسرائيل بسبب الحرب على غزة. الولايات المتحدة لأنها تدرك ذلك فهىتحاول الآن «إعادة تسويق إسرائيل» فى الإقليم والعالم ..كما تحاول الولايات المتحدة أيضا فى «لحظة الانكسار الكبرى» التى تعيشها إسرائيل الآن «الإسراع» فى تحقيق أكبر قدر من «المكاسب» لدولة الاحتلال!!.. إنه يجب علينا جميعا أن ندرك أن «دورة القوة الجديدة» قد انطلقت بالفعل لتؤسس قواعد «عالم جديد».. وأن «عامل الوقت» ليس فى صالح إسرائيل ولا فى صالح «حلف إسرائيل».
من خرج فى طلب العلم كان فى سبيل الله حتى يرجع.. صدق حبيبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.. اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد..اللهم بارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم فى العالمين انك حميد مجيد.. وصلى الله على سيدنا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
فلسطين.. أرض الأقصى.. أرض المحشر.. أرض المسرى.. مسرى حبيبنا وسيدنا محمد رسول الرحمة والإنسانية.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أجمعين.