من الواضح كما جاء فى بيان الحكومة الجديدة أمام البرلمان الذى ألقاه الدكتور مصطفى مدبولى أن الحكومة عقدت العزم على بناء علاقة وصورة جديدة مع المواطن المصري.. ترصدها جيداً فى الاهتمام بالمواطن وإنهاء معاناته، وبناء حاضره ومستقبله، استحوذ على النصيب الأوفر من بيان الحكومة وفى ظنى أنه أمر غاية فى الأهمية خاصة فى هذا التوقيت الدقيق الذى يموج بالتحديات والأزمات التى استعرضها الدكتور مصطفى مدبولى بداية من جائحة كورونا ومروراً بالحرب الروسية ــ الأوكرانية وتداعياتها الاقتصادية القاسية، وصولاً إلى الاضطرابات الجيوسياسية فى المنطقة والتى اشتعلت بالعدوان الصهيونى على قطاع غزة ومحاولاته تصفية القضية الفلسطينية وتهجير الفلسطينيين ودفعهم للنزوح إلى الأراضى المصرية.. الاهتمام غير المسبوق بالمواطن فى بيان الحكومة يتسق تماماً مع رؤية وتوجيهات وتكليف الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى يحرص دائماً على التأكيد على أهمية تخفيف المعاناة عن المواطنين، رغم صعوبة التحديات.
الحقيقة أن بدايات الحكومة الجديدة تدعو إلى التفاؤل، وحرصها على الاستفادة من أخطاء الماضى ودروسها المستفادة وأيضاً مطالبات واقتراحات الإعلام والخبراء والمفكرين، فالدكتور مدبولى وصف الحكومة الجديدة بأنها حكومة تحديات، لذلك ترصد أنها مهمومة بتحسين أحوال المواطنين وتخفيف معاناتهم، والحرص على تطوير الأداء فى كافة المجالات خاصة الجانب الاقتصادى بما ينعكس على أحوال المواطن وظروف المعيشة خاصة النزول وخفض الأسعار والتضخم وضبط الأسواق من أجل وضع حد للمعاناة التى استمرت فى السنوات الأخيرة وتحملها المواطن المصرى بقوة وصلابة.
بيان الدكتور مدبولي، تضمن نقاطاً مهمة للغاية، جل محتواها ومضمونها هو المواطن فالاهتمام بقضايا الأمن القومي، وصون محدداته، يعود بالدرجة الأولى على الوطن والمواطن من خلال ترسيخ الأمن والأمان والاستقرار وهو الهدف الإستراتيجي، والغاية العظمى لأى وطن فى وقت يشهد العالم والإقليم موجات عنيفة من الصراعات والاضطرابات ثم بناء الإنسان، والهدف هنا أيضاً هو المواطن المصري، والارتفاع بالوعى الثقافى والاجتماعى له وتوفير متطلبات المواطن المصرى من الخدمات خاصة الصحة والتعليم والاستمرار فى الإصلاح الاقتصادى واستكمال المشروعات والمبادرات التى بدأت مع مسيرة التنمية منذ 10 سنوات والحد من ارتفاع الأسعار والتضخم وضبط الأسواق، كل هذه النقاط الهدف فيها هو المواطن، لكننى من المهم أن اتطرق إلى نقطة غاية فى الأهمية تستطيع أن ترصدها فى بيان الحكومة أمام مجلس النواب، هى وجود إرادة ونية لدى الحكومة على مصالحة المواطنين، وإعادة ترميم الثقة وبناء صورة ذهنية جديدة لشكل العلاقة بين الحكومة والمواطن، أساسها، تحقيق الأهداف على أرض الواقع بما يلمسها المواطن، وأيضاً المصارحة والشفافية، والتشاركية فى تحمل المسئولية لبناء الحاضر والمستقبل، سواء بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدنى والمواطنين، لذلك طبقاً لتصور الحكومة وما طالبنا به هو أن مسئولية الحفاظ وبناء الوطن، هى مسئولية الجميع وهو المبدأ الذى أكد عليه الرئيس السيسى مراراً وتكراراً، لذلك من المهم أن يفهم ويعى ويعرف المواطن حجم التحديات التى تواجه الوطن، وأيضاً جهود الحكومة فى التعامل معها دون تهوين أو تهويل، ودون وعود قد لا تتحقق، لذلك فإن أهم أسس بناء العلاقة الجيدة بين الحكومة والمواطن، هى الواقعية، والشفافية والحقيقة أن هذه النقطة بدأتها الحكومة بتركيز شديد سواء فى بيان الحكومة أمام مجلس النواب، أو فى تصريحات المؤتمر الصحفى للدكتور مصطفى مدبولى أو حرصه على الحديث مع الإعلام، أو عقب الاجتماعات بمجلس الوزراء، لذلك وضع يده على أمر كان غائباً، ربما فى الحكومة السابقة وهى غياب التواصل بين الحكومة والمواطن وأيضاً بعض الوزراء، بدأوا فى اتخاذ إجراءات إصلاحية داخل وزاراتهم، وتطبيق العلم والإدارة والحوكمة، ربما المسها فى كلام وزير التموين الجديد، فى تكليفاته لنائبه وليد أبوالمجد، تبدأ من إعادة تقييم الموقف، ثم البناء عليه والاستفادة من القدرات الموجودة وتطويرها ولكن وإن كانت زيادة المعروض من السلع أمراً غاية فى الأهمية إلا أن إيجاد آلية، لتخفيض أسعار السلع أمر مهم، لابد أن نبحث فى هذا الأمر لأن المواطن هو المستفيد، ولذلك أرجو أن تتحول وزارة التموين إلى تطوير قدراتها الإنتاجية، فهى ليست مجرد موزع للسلع والتعاون مع كيانات فى القطاع الخاص أو الجامعات المصرية، بقدراتها ودراساتها وأبحاثها، والتعاون مع وزارات أخرى فالرئيس السيسى وجه بأهمية العمل الجماعى وأكده الدكتور مدبولى من خلال تخصيص مجموعات وزارية، كل مجموعة تعمل على تحقيق أهداف بعينها، وهناك تقييم شهرى موضوعي، ويتبقى أن يخرج علينا وزير التربية والتعليم فى غضون شهرين، حول رؤيته وتصوره لتطوير التعليم وإعادة الانضباط وتطوير الثانوية العامة وكثافة الفصول وإعادة التلاميذ والطلاب إلى المدارس وأن يكون التعليم مصدراً للمتعة والسعادة بعيداً عن التعقيدات، ولن يحدث ذلك إلا بإعادة النظر فى المناهج، وأساليب التعليم، ويعتمد ذلك على تطوير أداء المعلمين، لأن عرض هذه الرؤية عقب انتهاء الثانوية العامة بشهر، هو أمر غاية فى الأهمية وتحقيق العديد من الأهداف سواء عن قدرة الوزير نفسه، أو عن رؤيته فى التطوير نريد رؤى واضحة، خاصة أننا لم نمسك بأيدينا حتى الآن مشروعاً لتطوير التعليم، ولم يحقق الأهداف الرئيسية فى إعادة التلاميذ والطلاب، والمناهج، وموقف الدروس الخصوصية، والسناتر والتعليم الفنى الذى مازال قابعاً فى خانة التقليدية رغم أهميته، فهل تحول المدارس الفنية إلى مدارس تطبيقية وتكنولوجية حديثة، أم تطورها بشكل أكثر جدية وواقعية يتماشى مع تطوير الصناعة والارتقاء بالأبعاد الاقتصادية للتعليم الفنى أم تجعل التعليم الفنى الشعبة الرابعة فى الثانوية العامة إلى جانب العلمى والرياضة والأدبي، وثم التعليم الفنى للالتحاق بمعاهد وبكليات وجامعات بعينها.
أمر عظيم، اهتمام الحكومة الجديدة بالمواطن، وإدراك أن هناك مشكلة وأزمة ثقة، ومعاناة حقيقية تحتاج تواصلاً دائماً وواقعياً وبسيطاً يطرق أبواب التحديات التى تواجه المواطن فى إعادة بناء الثقة، لذلك على الحكومة التى بدأت جيداً فى إبداء الاهتمام بالمواطن والتواصل معه وإعادة بناء الثقة معه، وأن تقدم عوائد للمواطن يلمسها سواء مثل خفض واضح للأسعار وحسناً اقتراب حل أزمة الكهرباء، لكن على المواطن أن يمنح الحكومة على الأقل 100 يوم لتحقيق هذا التحسن.
أشفق على الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس الوزراء المنوط بملف التنمية البشرية لأنها مهمة صعبة ومتداخلة تتعلق ببناء الإنسان واكسابه المهارات، والتطوير والوعى الثقافى والاجتماعي، ومجابهة حملات الزيف والتضليل، والخطاب الدينى والاعتدال والوسطية، وبناء منظومة الأخلاق وإعادة القيم المصرية، والتصدى لحملات وغزوات ثقافية غريبة عن مجتمعنا، بالتالى فإن مهمة الحفاظ على الهوية الوطنية والشخصية المصرية مهمة للغاية.. كل يحتاج إلى عمل جماعى لعدد من الوزارات والهيئات وأجهزة الدولة، وربما تكون مهمة الفريق كامل الوزير فى التنمية الصناعية أكثر سهولة.
تحيا مصر