بدأت الفكرة باقتراح فى أحد الأفراح ألقاه أحد أبناء القرية وأصبح هذا الأمر هو الشغل الشاغل لأبنائها وبناتها من المساء حتى الصباح.
قالوا إنها تحمل اسمًا لشخص مجهول لا يُعرفُ عنه إلا القليل.
قال المحافظون نبقى على الاسم الحالى بدلاً من ضياع الوقت فى تغيير شهادات الميلاد والتخرج والاستمارات والسجلات والاسم عادى لا صعوبة فيه ولا يحمل أى معان سلبية، وأنها تنسب إلى الحاج شربينى وتحمس البعض الآخر للفكرة وبدأوا فى اقتراح الأسماء الأخرى مثل كفر الطيبين أو العلماء أو الأدباء، وغيرها من الأسماء ذات المعانى الإيجابية، واقترح أحد أبناء القرية المستنيرين اسمًا من التراث التاريخى للعرب والمسلمين، وقال: نسميها الأندلس.. واعترض أحد البسطاء على الاسم الذى بدا غريبًا له مبررًا أنه سيجد صعوبة فى نطقه خاصة أنه إذا ما طاله التحريف وتمسك برأيه قائلاً إن اسم الحاج شربينى أفضل وأرحم بالنسبة لى وعلى الأقل له معني.
المهم اتفق أهل القرية على بقاء اسمها الحاج شربيني.. ورفضوا اسم وتاريخ الأندلس الذى نروى عنه لمن لا يعرف.
الاسم ينسب إلى بلاد الأندلس التى فتحها البطل المسلم طارق بن زياد وهى الآن إسبانيا والبرتغال.. وأقام فيها العرب أكثر من 807 سنوات أى ما يزيد على ثمانية قرون وكانت كعبة العلم فى أوروبا والعالم وكانت عاصمتها قرطبة ومدينة للحضارة فى العالم كله.. وكانت أول مدينة فى العالم تضاء فى شوارعها المصابيح وتتدفق المياه فيها عبر أنابيب تحت الأرض.. وربما كانت الرائدة التى ألهمت وأسهمت فى التقدم والحضارة الأوروبية.
ولم تكن الأندلس مدينة العلم فقط، ولكن مدينة للأدب والشعر والفلسفة والدراسات الاجتماعية والإنسانية وتقام فيها الصالونات الأدبية والمساجلات الشعرية واللغوية.
ومن أشهر القصص «حى ابن يقظان» ومؤلفها ابن طفيل الأندلسي.. وتحكى قصة رجل خاف على ابنه ووضعه فى صندوق وألقاه فى البحر ورسا الصندوق إلى شاطئ إحدى الجذر وتلقفته غزالة استطاعت فتح الصندوق ووجدت الطفل فأرضعته ووهبته الحياة حتى شب عن الطوق وصار يأكل من ثمار الجزيرة التى عاش فيها متأملاً السماء والأرض والحيوانات والطيور والنباتات واستطاع أن يصل إلى حقيقة وجود الله عز وجل واهب الحياة للكون.
وفى الأندلس ظهر أول صالون أدبى على يد الأميرة «ولادة بنت الخليفة المستكفي» وهى شاعرة ومن رواد الصالون الشاعر «أحمد بن زيدون» الشاعر والوزير الأندلسي.
وكان الشعر الأندلسى ذائع الصيت حتى العصر الحديث وفى مطلع القرن العشرين كتب أمير الشعراء أحمد شوقى قصيدة مشهورة على وزن إحدى قصائد الشاعر الأندلسى أبو الحسن القيرواني.
ولو كان الرجل البسيط الذى رفض اسم «الأندلس» للقرية يعرف تاريخها العريق لربما غير رأيه.