بدأت الحكومة الجديدة مهمتها الصعبة وتنفيذ المهام المكلفة بها. وصعوبة المهمة ليست فقط فى الملفات المعروضة عليها والمطلوب التعامل معها، وإنما تكمن أيضا فى السرعة المطلوبة للانجاز، وحاجة رجل الشارع للإحساس بالتغيير، وبوجود حكومة تشعر بمعاناته وبالضغوط التضخمية التى تعرض لها فى الفترة الأخيرة، سواء كانت لأسباب خارجية أو نتيجة سياسات اقتصادية خاطئة، وضرورة أن يلمس المواطن تغييرا حقيقيا فى تعاملاته اليومية، خاصة مع مشكلة ارتفاع الأسعار، ومستوى الخدمات الأساسية التى تقدمها له الحكومة.
مطلوب من الحكومة الجديدة التحرك بأقصى سرعة ممكنة، وأن تضع فى حسبانها عامل الوقت، ولعل استمرار الدكتور مصطفى مدبولى على رأس الحكومة الجديدة يجعله على علم بمواضع القصور وجوانب الإخفاق التى دعت الى التغيير، ولعل تأخيره فى الإعلان عن التشكيل الوزارى كان سببه الدقة فى الاختيار والوصول الى أفضل الوجوه القادرة على تنفيذ تكليفات الرئيس وتلبية احتياجات المواطن.. ولا يعنى التغيير فى الحكومة، أو الحديث عن قصور أو إخفاق ما، التقليل من الجهد الكبير الذى بذله الوزراء الذين خرجوا من التشكيل الجديد، فقد اجتهد الجميع قدر الإمكان والإمكانيات، فى ظل ظروف صعبة داخلية وخارجية.
ومن الوزراء الذين تعاملت معهم عن قرب، وخرجوا من التشكيل الجديد، الدكتور محمد معيط وزير المالية السابق، الذى أشهد له بأنه كان مجتهدا، شديد الإخلاص لهذا الوطن ولأبنائه، نظيف اليد، عف اللسان، عمل قدر المستطاع من أجل أن يوفر الموارد المالية اللازمة لبناء دولة حديثة، تسابق قيادتها الزمن من أجل التقدم والنمو، وإقامة بنية تحتية جديدة بدلا من القديمة التى تهالكت بعد سنوات من الإهمال، وذلك كله فى ظل ظروف دولية وإقليمية بالغة الصعوبة، وحروب وصراعات انعكست آثارها سلبا على كل اقتصادات العالم، وأحدثت موجة تضخمية عاتية وعطلت معدلات النمو فى كل الدول.. خبراء الاقتصاد يقولون إنه لايوجد وزير مالية محبوب فى مجتمعه، لأن طبيعة عمله تجعله مسئولا عن تحصيل الضرائب، لكن المجتمع ينسى أن هذه الضرائب هى المورد الرئيسى لتوفير السلع الضرورية، وهى الإيرادات اللازمة لبناء المستشفى والمدرسة وتمهيد الطرق وبناء المدن والموانئ والمطارات وتجهيز الجيش والشرطة بمايلزم لحماية الوطن وتحقيق الأمن والاستقرار.
وإذا كنا سنفتقد الدكتور معيط، فإن لنا فى رفيق دربه ونائبه أحمد كجوك كل الثقة فى أن يستكمل مسيرة الجهد والعمل والبناء من أجل رفعة هذا الوطن وتقدمه.