من أعظم العبادات التى يتقرب بها العبد إلى الله هي… جبر الخاطر وفيه قال المولى عز وجل فى القرآن الكريم : (فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر).
وفى المأثور: من سار بين الناس جابرا للخواطر أدركه الله فى جوف المخاطر.. ومعناه أن من يلتزم بجبر خاطر غيره من الناس ينقذه الله سبحانه وتعالى من أى مخاطر قد يتعرض لها أو أى أذى قد يلحق به فى حاضره ومستقبله والذى يدافع عنه وقتئذ هو الله عز وجل حيث لا ينسى الله جبر الخاطر أبدا بل يجعله ذخيرة فى ميزان العبد يستخدمها فى وقت يشعر فيه أنه لا حيلة له ولا حول ولا قوة له إلا بالله.
وجبر الخاطر لا يكلف الإنسان شيئا حيث لا يستلزم إنفاق أموال أو بناء عقارات بل مجرد كلمة بسيطة قد تساهم فى تطيب خاطر أو إنقاذ حياة أو تغيير مسار أو تزيل هماً أو تخرج من ضيق إلى آفاق أرحب وأوسع.. قد تكون الكلمة الطيبة شفاء خاصة لو كانت صادقة خارجة من لسان صادق متوجهة لإنسان آخر يواسيه فى حزنه و يزيح عنه همومه و يضمد جراحه و يبدد من حياته الغيوم وتخرجه من وحدته وتخفف عنه الآلام و الأوجاع.
تخفيف آلام الناس وإدخال السعادة على قلوبهم هو جبر الخواطر وأن تمسح على رأس يتيم وتساعد المحتاجين وتسعى فى مصالح الناس وقضاء حوائجهم لله وفى الله دون مقابل أو انتظار شكر جبر خواطر.. من أهم صور جبر الخواطر المساهمة فى التخفيف من الأعباء الملقاة على عاتق الناس البسطاء والوفاء بالتزاماتهم تجاه الغير والتى لا يقدرون على تحملها مع أنها من ضروريات حياتهم ولا غنى لهم عنها وأيضا الاستجابة لمن يطلب منك العون بكل أنواعه ماديا ومعنويا طالما فى إطار الاحتياج الحلال والضرورى واللازم.
فى حياتنا الكثير من المواقف الصعبة التى قد يتعرض لها كثير من البشر ويكونون فى أمس الحاجة إلى يد حانية تقوم (بالطبطبة) عليهم حيث لا تسير بنا الحياة على وتيرة واحدة بل يعيش الإنسان بين سعادة و شقاء وبين صحة ومرض وبين غنى وفقر وبين أفراح وأحزان وبين أبيض وأسود وبين يسر وعسر وهذه هى طبيعة الأشياء فلا فرح يدوم و لا حزن يبقي.
من أصعب اللحظات التى تمر على الإنسان هى لحظة الضعف التى تعتريه عندما يصاب بمرض أو يمر بضائقة وقتها يكون فى حاجة إلى من يقف بجواره ويجعل من محنته منحة و يقيله من عثراته ويزيل عنه أوجاع النفس والجسد ووقتها يكون فى حاجة إلى من يجبر خاطره.
أن تكون مسئولا عن موقع خدمى يلجأ إليه أصحاب الحاجات و الاحتياجات فى أوقات صعبة وتقوم بالاستجابة الفورية لهم تكون من جابرى الخواطر ولو كنت متواضعا مع الناس وتتعامل معهم بالحسنى والكلمة الطيبة تكون من جابرى الخواطر ولو وقفت بجانب المظلوم بأخذ حقه من الظالم تكون من جابرى الخواطر ولو كنت فى أى مكان خاص بعملك و قصدك إنسان بسيط وأعطيته مسألته تكون من جابرى الخواطر ولو خصصت وقتا من وقتك لزيارة أرحامك وتفقد أحوالهم تكون من جابرى الخواطر ولو زرت مريضا لله وفى الله تكون من جابرى الخواطر ولو تبسمت فى وجه الناس تكون من جابرى الخواطر وفى ذلك قال الرسول صلى الله عليه وسلم : تبسمك فى وجه أخيك صدقة.
عبادة وفضيلة جبر الخاطر لا يحرص عليها إلا الأتقياء الأنقياء الأسوياء الأصفياء الذين أراد الله لهم الخير و أنار بصيرتهم وهدى قلوبهم للطاعة وحب الناس والوطن جعلنى الله وإياكم منهم.