ماكرون يرفض استقالة رئيس الوزراء حفاظا على استقرار البلاد
فجرت نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة فى فرنسا قنبلة سياسية فى البلاد، فبعد فوز اليمين المتطرف خلال الدورة الأولى الأسبوع الماضي، خرج اليساريون منتصرين فى الجولة الثانية بينما لم يحصل ائتلاف الوسط بقيادة الرئيس الفرنسى ايمانويل ماكرون على أى مكاسب فى الجولتين.
كان ماكرون قد طلب من رئيس الوزراء جابرييل أتال البقاء فى منصبه «من أجل استقرار البلاد»، وذلك بعد أن أعلن أتال مساء الأحد أنه سيقدم استقالته، لكنه أكد أنه مستعد للبقاء فى منصبه «طالما يقتضى الواجب»، خصوصا وأن بلاده تستضيف دورة الألعاب الأولمبية بعد ثلاثة أسابيع.
ومع اعلان النتائج وجدت فرنسا نفسها أمام سيناريوهات سياسية تجمع أجندات حزبية متباينة قد تؤدى لـ «تحالفات الضرورة»، حيث بدأت الطبقة السياسية الفرنسية أمس المداولات لبناء غالبية «مجهولة المعالم».
كان يتوقع أن يتصدر اليمين المتطرف الدورة الثانية من الانتخابات التشريعية إلا انه حل ثالثا، بعدما تشكلت «جبهة جمهورية» من جانب اليسار والوسط فى الفترة الفاصلة بين الدورتين الانتخابيتين، حرمته من الوصول إلى السلطة. ومن دون حصول أى طرف على الغالبية المطلقة وحلول تحالف يسارى هش فى الصدارة يتعيّن عليه الصمود أمام تحدى وحدة الصف، ومعسكر رئاسى استطاع انقاذ ماء الوجه لكنه لا يمكنه الاستمرار بمفرده، تجد فرنسا نفسها فى أجواء غير مسبوقة مطبوعة بعدم اليقين.
فرنسا ليست معتادة على ذلك النوع من بناء التحالفات فى مرحلة ما بعد الانتخابات، وهو أمر شائع فى الديمقراطيات البرلمانية فى شمال أوروبا، مثل ألمانيا أو هولندا. قال السياسى اليسارى المعتدل رافائيل جلوكسمان، وهو مشرع فى البرلمان الأوروبي، إن الطبقة السياسية يجب أن «تتصرف مثل البالغين».
استبعد جان لوك ميلينشون، زعيم حزب فرنسا الأبية اليساري، تشكيل ائتلاف واسع من الأحزاب ذات التوجهات المختلفة. وقال إن من واجب ماكرون أن يدعو التحالف اليسارى إلى الحكم.
وفى معسكر الوسط، قال رئيس حزب ماكرون، ستيفان سيجورن، إنه مستعد للعمل مع الأحزاب الرئيسية لكنه استبعد أى اتفاق مع حزب ميلينشون. كما استبعد رئيس الوزراء السابق إدوارد فيليب أى اتفاق مع الحزب المنتمى لأقصى اليسار.
يذكر أنه فى حالة عدم التوصل لاتفاق، ستكون هذه منطقة مجهولة بالنسبة لفرنسا، حيث ينص الدستور على أن الرئيس الفرنسى لا يمكنه الدعوة لإجراء انتخابات برلمانية جديدة قبل 12 شهرا أخري. وينص الدستور على أن ماكرون هو الذى يختار من سيقوم بتشكيل الحكومة، وبالتالى كان قراره برفض استقالة رئيس الحكومة الحالي.
من المرجح أن يأمل ماكرون فى إخراج الاشتراكيين والخضر من التحالف اليساري، مما يترك حزب فرنسا الأبية بمفرده، لتشكيل ائتلاف يسار وسط مع كتلته. ومع ذلك، لا يوجد أى مؤشر على تفكك وشيك للجبهة الشعبية الجديدة فى هذه المرحلة. وهناك احتمال آخر وهو تشكيل حكومة تكنوقراط تدير الشئون اليومية ولكنها لا تشرف على التغييرات الهيكلية. ولم يتبين إن كانت كتلة اليسار ستدعم هذا التصور الذى سيظل يتطلب دعم البرلمان.
يذكر أنه بعد انتهاء الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية اندلعت أعمال شغب واشتباكات خطيرة خلال مسيرات فى باريس ومدن فرنسية أخري.
ففى باريس، تجمع آلاف الأشخاص فى ساحة الجمهورية فى وسط العاصمة للاحتفال بفوز التحالف اليسارى فى الانتخابات المبكرة. وأفادت تقارير إعلامية بأن بعض المتظاهرين اشتبكوا مع الشرطة، التى استخدمت الغاز المسيل للدموع. وتم إضرام النيران فى حواجز خشبية. وقامت العديد من المتاجر والبنوك فى وسط باريس بتأمين نوافذها باستخدام ألواح خشبية يوم الانتخابات تحسبا لأعمال شغب محتملة.