حقق مؤتمر القاهرة للقوى السياسية والمدنية السودانية «معا لوقف الحرب» نجاحاً كبيراً فى التوصل إلى عدة نقاط إيجابية والتوافق من أجل إحلال السلام وايقاف أصوات البنادق وإعلاء صوت العقلاء من كافة الأطياف السياسية والبدء فى حديث جاد من أجل انهاء الحرب وهو أهم مخرجات المؤتمر ومن ثم وضع خريطة طريق لحوار سياسى أوسع وأشمل فى السودان لعلاج الأزمة التى تهدد مصير الأشقاء حيث ناقشت القوى السياسية، ثلاثة ملفات أساسية، تضمنت وقف الحرب، والإغاثة الإنسانية، والرؤية السياسية وهذه القوى تمثل التوازنات على ضفتى المشهد السوداني.
المراقبون يعتبرون مؤتمر القاهرة خطوة كبيرة لتجاوز الخلافات وبناء الثقة بين الأطراف السودانية، لأن مجرد جلوسهم فى مكان واحد وتحت سقف واحد لأول مرة منذ اندلاع الحرب فى بلادهم قبل نحو 15 شهراً يعد نجاحاًً كبيراً والخطوة الصحيحة التى كان يجب اتخاذها لتجنب ويلات الحرب.
فى ختام المؤتمر قدمت القوى السياسية والوطنية الشكر للرئيس عبدالفتاح السيسي، والشعب المصرى على مساندة السودان وشعبه فى الأزمة التى يمر بها، ومعالجة تداعياتها الخطيرة على الشعب السودانى وأمن واستقرار المنطقة، لا سيما دول جوار السودان، وتأسيسًا على التزام مصر بدعم كل جهود تحقيق السلام والاستقرار فى السودان.
المشاركون اتفقوا ايضاً فى بيانهم التالى على ان اجتماع القاهرة فرصة جيدة للتوافق على العمل لوقف الصراع فى السودان وتم وضع آليات من أجل تنفيذها لتجاوز الحرب وأهوالها والتوصل إلى المصالحة الشاملة والوقف الفورى لإطلاق النار، وإدانة جميع الانتهاكات التى تم ارتكابها، وضرورة وصول المساعدات، وحماية العاملين فى المجال الإنسانى والاستمرار فى حوار وطنى سوداني– سوداني، يتأسس على رؤية سودانية خالصة.
وعلى خلفية البيان الختامى أجرت الجمهورية حوارات مع ثلاثة من القيادات السودانية المشاركين.
نائب تنسيقية تقدم ورئيس حركة وجيش تحرير السودان:
مصر قادرة على تغيير مستقبل السودان.. ونراهن عليها
الدكتور الهادى ادريس نائب رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية «تقدم» ورئيس حركة وجيش تحرير السودان ، ورئيس الجبهة الثورية السودانية، قدم الشكر لمصر لنجاحها فى جمع كافة كتل القوى المدنية السودانية من كل الاتجاهات والتوافق حول وضع آليات لايقاف الحرب وقال إن قمة نجاح المؤتمر تمثلت فى توفير الفرصة أمام الشعب السودانى بكل اطيافه بالجلوس و بدء الحديث العقلانى بعد خوض معاناة الحرب لمدة عامين ونبذ الاتهامات وتوفير مناخ ليعبر الفرقاء عن أنفسهم ويقول كل منهم كلمته و نجاح المؤتمر الحقيقى فى ان القوى التى اصطفت بجانب الوطن يجلسون فى المؤتمر و شعارهم وقف الحرب و إسكات البنادق ورفض أى قوة تشجع على الاستمرار فى الحرب و هذا مدخل مهم للوصول إلى السلام والاستقرار .
أوضح ان الدور المصرى بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسى والخارجية المصرية لم يتوقف منذ اندلاع الحرب بداية من عقد مؤتمر دول الجوار فى القاهرة والذى حضره رؤساء دول الجوار للبحث عن حلول ولاتزال مصر مستمرة فى دورها بعقد هذا المؤتمر ومتابعة تنفيذ مخرجاته ، ونتمنى ان تلعب مصر دورا أكبر فى التعامل مع أطراف الحرب والتواصل معهم ، لأن استمرار الحرب فى السودان سيؤدى لانهيار الدولة وهو ما سيتسبب فى إشكاليات أمنية كبيرة فى المنطقة، وسيؤثر بشكل كبير على مصر باعتبارها الجار الاول للسودان لذلك فإن مصر مهمومة بالقضية أولاً لاهتمامها باستقرار السودان وكذلك لأن أمنها القومى مرتبط بالأمن القومى السودانى والحرب التى دخلت عامها الثانى على التوالى وضعت السودان فى خطر حقيقى ، وهناك مؤشرات قوية بأن السودان من الممكن ان ينهار فى أى لحظة بدليل النزوح الكبير والمستمر على مصر بصفة خاصة بالتالى من مصلحة مصر الكبرى إيقاف هذه الحرب فى أقرب وقت ، والجميع يسأل عن كيفية ايقاف الحرب والضغط على الأطراف المتحاربة الذين اجتمعوا فى اكثر من مكان فى جدة والمنامة وغيرهما لكن حتى الان لاتوجد نتيجة ملموسة على الأرض رغم تلك الاجتماعات على مدار الشهور الماضية .
أضاف الهادى إدريس أن.. أهداف المؤتمر الأساسية هى البحث فى وقف الحرب الدائرة منذ 15 شهراً على التوالى وتوصيل المساعدات الإنسانية .. والبحث عن حل سياسى للأزمة لليوم التالى للحرب .. والمشاركون فى المؤتمر بحثوا كافة أبعاد القضية السودانية من خلال لجان المؤتمر والرؤية السودانية للتعامل مع القضية من كل أطرافها .
نوه إلى أن الجديد فى مؤتمر القاهرة هو بروز عنصر ثالث او طرف ثالث وهو القوى المدنية والسياسية وتأثيرها على الرأى العام المعارض للحرب وتفعيل دور الشارع فى مواجهة الحرب التى أصابت نتائجها السلبية الجميع من أبناء السودان مشيرا إلى أنه حتى وقت قريب انقسم الصوت المدنى والسياسى فى السودان بين مؤيدين للحرب وبين معارضين لها بشكل كبير، ولكن تنسيقية تقدم التى نمثلها فى المؤتمر طالبت منذ بداية الحرب بإيقافها إلا ان هناك فريقاً آخر ينادى باستمرار الحرب ، ونتحفظ على ذكر هذه التيارات المعروفة لدى الشارع السودانى وهى التى تحقق نتائج ايجابية من هذه الحرب ولايعنيها الشعب السودان فى شيء واليوم الأصوات التى كانت تنادى باستمرار الحرب غابت وتوارت فى مؤتمر القاهرة والشعارات المرفوعة على جنبات القاعة هى شعب واحد ومصير واحد ومعا لوقف الحرب .
رئيس حزب الأمة القومى:
خطورة الحرب الحالية أنها فى قلب الدولة.. وأثرت على المؤسسات
وجه اللواء فضل الله برمة رئيس حزب الأمة السودانى الشكر لمصر حكومة وشعبا على دعمها ومساندتها الشعب السودانى فى محنته المأساوية، وأنهم على ثقة بأنها لن تبخل بالمزيد من الدعم والمساندة فى البحث عن وسيلة جادة لايجاد حل للازمة التى تشتد ضراوتها بالصراع المسلح بين طرفين هم فى الأساس من الجيش السوداني، مشيرا إلى أن الانقسام الذى حدث فى الجيش الآن يدفع ثمنه المواطن السوداني.
أضاف أن رسالة الرئيس السيسى خلال لقائه بالمشاركين فى المؤتمر كانت واضحة بأن مصر لن تتوقف عن جهودها لتحقيق السلام والاستقرار ووقف الحرب وهذا ما نراهن عليه كسودانيين.
قال برمة إن دولة السودان منذ عقود ومنذ حصولها على الاستقلال بصفة خاصة مرت بصراعات عديدة وحروب شديدة ولكن هذه المرة مختلفة تماما عن سابقتها، فالحروب السابقة كانت على أطراف الدولة مثل الصراع الدامى فى جنوب السودان والذى راح ضحيته آلاف الشهداء من أبناء السودان وأدت إلى انفصال جنوب السودان، ثم أزمة دارفور عام 2003 عندما حمل أبناء دارفور السلاح ضد الحكومة وانتهت الحرب بمقتل 300 ألف شخص وفرار الملايين من الحرب وتشريدهم وغيرها من الحروب الأهلية السابقة والتى دفع السودان ثمنها غاليا.
هذه الحروب جميعها تختلف تماما عن الحرب الحالية بين الجيش السودانى بقيادة رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان وقائد الدعم السريع داخل الدولة وبين قوتين عسكريتين وخرج الخلاف السياسى الى صراع عسكرى مسلح ، كما تختلف الحرب بساحتها التى تجرى عليها الحرب فى السابق كانت الحرب على أطراف الدولة ولكن الحرب الحالية تدور رحاها فى قلب الدولة فى العاصمة المثلثة الخرطوم ، وكل المدن السودانية والتى أصبحت مسرحا للعمليات وتتعرض يوميا لاطلاق النار والتى لم يسلم منها مكان حتى مبنى الأمم المتحدة تعرض للقصف من الطرفين وكذلك المستشفيات الحكومية والتى أغلقت أبوابها لعدم وجود العلاج للمرضى والذين بالالاف ومصابين الحرب ولم تسلم المستشفيات من ضرب الطيران والمدافع لهدمها وتدميرها.
كما تم ضرب البنية التحتية للدولة من مياه شرب وصرف صحى وكهرباء فهذه الحرب تختلف تماما عن الحروب الأخرى التى مرت بها السودان مما ترتب عليها نزوح الملايين من السودانيين إلى دول الجوار.
قال برمة إن مصر أخذت زمام المبادرة لتنظيم هذا المؤتمر والأول من نوعه منذ اندلاع القتال فى السودان، والذى ظل السودانيون مع كل صباح دام من صباحات الحرب ، يتطلعون إلى قياداتهم السياسية والمجتمعية ، لعلها تصل إلى حل ورؤية موحدة لكيفية إيقاف ضرب النار والانتقال بالبلاد إلى مربع السلام والتحول المدنى الديمقراطى عبر المفاوضات والحوار الوطنى بين أبناء السودان جميعا.
أوضح ان دعوة مصر بجمع كل القوى السياسية المدنية السودانية فى مكان واحد للوصول إلى حل سودانى سودانى دون تدخل من أى طرف خارجى وبحضور كل القوى الاقليمية يعتبر جهدا كبير للخارجية المصرية والدولة المصرية الشقيقة الكبرى وهذا ليس غريبا على مصر والتى قدمت الكثير للعالم العربى مثلما حدث وفتحت ذراعيها للعرب جميعا فى كل الأزمات مثل أزمة العراق سوريا واليمن وليبيا وكل الدول العربية التى تتعرض لأزمات وهؤلاء جميعا لم يجدوا ملاذا آمنا لهم غير مصر ورغم ان هذا يسبب أزمات للدولة المصرية إلا أنها لم تغلق أبوابها أمام أحد.